مؤتمرات غير صحفية

لا شىء له علاقة بما تعلمناه على يد أساتذة الإعلام أو مارسناه طوال عمرنا المهني يشي بأن ما رأيناه في المؤتمر الصحفى للفريق شفيق، كان يحمل أية ملامح مؤتمر صحفي، وتعالوا نتمعن جيدا في المشهد:
مكان بعيد منعزل، يتأخر الفريق عن ضيوف مؤتمره الذين اختيروا بعناية، ثم يدخل وسط تصفيق حاد ليلقي موعظة نهاية الأسبوع التي كان يلقيها الجنرال تشرشل على الإنجليز بعد الحرب العالمية الثانية.
بعد انتهاء الخطبة العصماء ترفض منسقته الإعلامية تلقي الأسئلة المباشرة خشية توريطه في أي اجابة، وتقبل الأسئلة المكتوبة فقط ليسهل التحكم فيها، ثم يتعطف الفريق ويجيب عن أسئلة اختار سائليها بنفسه، لينهال هؤلاء السائلون تصفيقا كلما بالغ في الهجوم على الإخوان أو منافسه محمد مرسي، ثم تسمع أصوات ضحاتكهم كلما تهكم عليه أو سخر منه بتسميته العياط.
وأريد أن أسأل الزملاء الذين يحملون عضوية نقابة الصحافيين - هكذا أفترض - في أي كتاب قرأتم أن تصفقوا وتعبروا عن رأيكم استحسانا بما يقوله المصدر، ووفق أي رؤية مهنية تعلمتم أن تبدأوا حديثكم مع مرشح بمخاطبته سيدي الرئيس.
إذا لم تتح لي فرصة حضور المؤتمر الصحفي فإنني أتوجه بأسئلتي إلى الفريق شفيق عله يجيب عنها:
1-ما هو مصدر معلوماتك بأن الإخوان سيؤجرون قناة السويس، ولماذا تصر على ترديد تلك الأكذوبة وأنت تعلم أنه لا يجوز وفق القانون الدولي الذي يحكم تعاملات قناة السويس فعلها.
2-إذا كنت تتهم الإخوان بأنهم نسقوا مع النظام السابق واستشهدت بحديث منافسك مرسي لإحدى الصحف، فوجب أن نسألك إذا كان التنسيق مع النظام ممثلا في الحزب الوطني وأمن الدولة قبل الانتخابات التشريعية في 2010 خطيئة، وأنا أتفق معك في ذلك، فماذا عن النظام نفسه وأنت أحد أعمدته الرئيسة وخيار مبارك الأول عندما سالت دماء المصريين.
3-تتفاخر دائما بأنك لم تكن عضوا في الحزب الوطني، وهى حقيقة، لكنك لم تكمل بقية الحقيقة، وهى أن الوريث "جمال" وضع على اسمك واسم عمر سليمان وكل من له علاقة بالمؤسسة العسكرية "فيتو" بمنع دخولكم للحزب الوطني خشية أن تنحاز المؤسسة العسكرية لصاحب الرتبة الأعلى قبل إتمام سيناريو التوريث، أي أنك لم تؤمر بدخول الحزب ورفضت مثلما أمر كل الوزراء المدنيين.
4-تبني كل دعايتك على ما نسميه "الدعاية السوداء" أي اتهام المنافس طوال الوقت، ولن أناقش أقوالا عبثية تصل إلى حد العته أحيانا، لكن دعنا نسألك عن برنامجك أنت، كيف ستحرر المصريين من فساد كنت جزءا منه، ومن فقر كنت سببا فيه، ومن ديكتاتورية صمت عنها وساعدتها واستبسلت دفاعا عنها حتى اللحظة الأخيرة، كيف ستعيد لأسر الشهداء حقوقهم وأبناؤهم قتلوا أمام عينيك، وكنت تعرف قاتلهم كما تقول الآن وأخفيت الحقيقة عنا 16 شهرا، كيف ستقضي على الأمية والمرض وتنهض بالتعليم والاقتصاد، وكيف ستكمل التحول الديمقراطي بأركان نظام أمني أمدك بالوثائق والتسجيلات المصنوعة، وما هى إنجازتك كرجل دولة غير المطار الذي بنيته بدمائنا وأموالنا بضعف قيمته الحقيقية.
إن الأحاديث التلفزيونية والمؤتمرات الصحافية التي يجريها الفريق في الفترة الاخيرة أشبه بالعمليات الجراحية المعقمة، حيث يجري تعقيم الأسئلة وتجهيز الإجابات وإعادة المونتاج قبل البث ليظهر كل شيء كما يريد، وإذا كان ذلك من حقه فلماذا يقبل بعض الصحافيين والمذيعين على أنفسهم أن يصبحوا جزءا من آلة الكذب والتدليس.