أطالب نقابة الصحفيين بالتدخل بحسم، وذلك للتخفيف من تداعيات المؤتمر الصحفي الذي عقده المجلس العسكري يوم الخميس الماضي، قبيل موقعة العباسية بساعات قليلة. المؤتمر الصحفي في الحقيقة لم يكن مؤتمراً، بل مظاهرة تعيد للأذهان مظاهرات الحزب الوطني! المؤتمر الصحفي ليس كيمياء ولا اختراعاً، والعالم كله يعقد مؤتمرات صحفية كل يوم، والدول الكبري والصغري والمتوسطة يعقد مسئولوها مؤتمرات صحفية، وهي ببساطة عبارة عن اسئلة يسألها الصحفيون والاعلاميون ويجيب عليها المسئولون، بهدف اطلاع الرأي العام علي حقائق معينة، أو الاعلان عن سياسات محددة. أما ما حدث في مؤتمر الخميس فهو بالفعل لم يكن أكثر من مظاهرة للحزب الوطني، فللمرة الثانية في تاريخ المؤتمرات الصحفية يقوم الصحفيون بالتصفيق للمتحدثين، والمرة الأولي كانت في الولاياتالمتحدة، عندما دعت الخارجية الامريكية لمؤتمر صحفي أعلنت خلاله القبض علي صدام حسين عام 2003، وقامت الدنيا ولم تقعد، واعتبر الامريكيون أن ما جري كان فضيحة! أما أغلب الاسئلة فبدت وكأنها معدة سلفاً وبالاتفاق، ليجيب أعضاء المجلس العسكري علي اسئلة لتوجيه الرأي العام في اتجاه محدد، بينما في كل الدنيا يقوم الصحفيون بالتعبير عن الناس خارج المؤتمر، ويوجهون اسئلة تهم الناس وتتعلق بمشاكلهم، ويحاورون المسئولين بوصفهم صوت الناس، وليسوا صوت المجلس أو صوت المسئول أيا كان. لا أعرف من المتسبب في ذلك، ومن الذي صفق، ومن الذي وجه الاسئلة »المضروبة« أي تلك التي تبدو وكأنها أسئلة بينما هي ليست أكثر من تعبئة للرأي العام، من نوع: ما هي الرسائل التي تريدون توجيهها سيادتكم؟ لذلك يبدو غريباً أن يكون هؤلاء الذين وجهوا الاسئلة المضروبة وكذلك المصفقون بحماس، يبدو وكأنهم لاينتمون لمهنة الصحافة الشريفة المحترمة، الصحافة التي تهتم بالخبر وصدقه وإسناده، وتهتم بالسؤال المهني أي السؤال الموجه من أجل معرفة الحقيقة، وليس تعبئة الناس ضد هذه القوي السياسية أو تلك. ولذلك أيضاً أطالب نقابة الصحفيين ليس بمحاسبة هؤلاء المتسببين في الفضيحة، فقد وقعت وانتهي الأمر، لكنني أطالبها بعقد دورات تدريبية لهم ليتعلموا الصحافة المهنية، فقد كانت كارثة حكم مبارك شاملة جامعة مانعة وعلي كل المستويات، ومن بين نتائج تلك الكارثة فضيحة المؤتمر الصحفي.