تعالت فى الآونة الاخيرة المطالبات بهدم المبانى والأدوار المخالفة فى الإسكندرية وغيرها، بدعوى أنها من أسباب تفاقم أزمة المرافق فيها، بالإضافة إلى أن بعضها بات يشكل خطرا على ساكينها، لأن البناء تم بدون ترخيص وبالتالى بدون إشراف هندسى، وبغض النظر عن وجود إشراف على المبانى المرخصة من عدمه يجعلها أكثر أماناً من المبانى المخالفة، فإن قضية المبانى والأدوار المخالفة بحاجة إلى معالجة اقتصادية بدلاً من المعالجة الأمنية. فالحل الأمنى قائم على فكرة هدم الأدوار والمبانى المخالفة، وهو حل غير عملى لعدة اسباب، أهمها أن عدد هذه المبانى بات كبيراً بدرجة يصعب معها تطبيق الهدم بصورة فعلية، وما يحدث هو أنه يتم إزالة رمزية بهدف الشو الإعلامى لبعض السادة المسئولين فقط لا غير، وذلك من باب تنفيذ الأوامر لا أكثر ولا أقل وينفذ على الضعفاء فقط لا غير، أما الكبار أو حيتان الأبراج السكنية فلا أحد يقترب منهم. من هنا وجب البحث عن حل عملى، وبدلاً من هدم المبانى والادوار المخالفة يتم مصادرتها ونقل ملكيتها إلى الدولة وعرضها للبيع فى المزاد على أن تؤول حصيلة البيع إلى ميزانية المرافق العامة لتوصيل الكهرباء والماء إلى المناطق المحرومة فى مصر، هذا بالنسبة للمبانى التى هى تحت الإنشاء أو التى تم انشاؤها ولم تسكن بعد. أما بالنسبة للمبانى المخالفة التى تم تأجيرها فيتم نقل ملكيتها أيضاً الى المحافظات وقيام المستأجرين بسداد قيمة الايجارات الى هيئة مستقلة فى المحافظة , والوحدات التى تم بيعها يتم تعويض اصحابها بمثل قيمة ما دفعوه طبقاً للعقود المسجلة والمثبت تاريخها وقت الشراء , أما هدمها فالكل سيخسر دون فائدة ان أستطعنا تنفيذ قرارات الإزالة بالفعل. وفى هذه الحالة فقط سوف يفكر المخالفون والمضاربون بأسعار العقارات والأراضى فى مصر مليون مرة قبل الاقدام على أى مخالفة للقانون، لأنهم سيعلمون أنهم سيبنون لغيرهم، وستكون الدولة بهذا القرار قد آلت إليها عشرات الآلاف من الوحدات السكنية الجاهزة للسكن فى جميع محافظات مصر بدون أى عناء، وستتوقف الى الأبد جميع طرق التحايل لبناء مساكن أو أدوار مخالفة سواء فى الاسكندرية أو فى غيرها. ونظراً لأن الدستور يمنع مصادرة الممتلكات إلا بقانون فإنه مطلوب إصدار قرار بقانون لاستبدال عقوبة الهدم بعقوبة المصادرة، فالهدم كما سبق أن قلنا لن يفيد أحد بل على العكس سوف يرهق كل الأجهزة الأمنية ولن يوقف سيل المخالفات فى قطاع العقارات الملئ بالألغاز والدهاليز. واذا كنا قد تحدثنا عن مصادة الادوار المخالفة كعقوبة، فإن ذلك لا يمنع من مطالبة الحكومة بمراجعة الحدود المسموح بها لارتفاعات المبانى، ففى مصر بعض المحافظات صار فيها تقييد الارتفاعات سبباً فى تفاقم أزمة السكن فيها.. ولذا وجب علينا مراجعة القوانين التى تحدد ارتفاعات المبانى والسماح لكل محافظ بتحديد الارتفاعات التى تناسب طبيعة المحافظة التى يدير العمل فيها , كى يتم البناء حسب الطاقة الاستيعابية للمرافق والشوارع فى كل مدينة أو حى بصورة فعلية بدلاً من تطبيق قانون بناء موحد فى جميع أنحاء الجمهورية، قد يتناسب مع ظروف محافظة ولا يتناسب مع غيرها.