تساءل الكاتب البريطاني جدعون راخمان عن الوصف المناسب لأولئك الساعين للعبور إلى أوروبا في الوقت الراهن وهل هو "مهاجرون" أم "لاجئون"؟ وفي مقال نشرته الفاينانشيال تايمز ، رصد راخمان عددا من وجهات النظر في هذا الصدد، منها الرافضة لاستخدام وصف "مهاجر" لما يدل عليه من مساحة اختيار لمغادرة بلد الإقامة ، وترى في المقابل أن الوصف الصحيح هو "لاجئ" لأن معظم النازحين الآن لأوروبا إنما يدفعهم إلى ذلك الخوفُ على حياتهم. ورصد في هذا الصدد قول ديفيد ميليباند، وزير الخارجية البريطاني السابق والذي يرأس الآن لجنة الإنقاذ الدولية، إن وصف "مهاجر" يقترح أن هؤلاء الناس مغادرون طوعا ، بينما في الواقع، إذا ما كان الإنسان يتعرض للقصف اليومي بالبراميل المتفجرة فإن الحفاظ على الحياة يتطلب منه المغادرة. وقال راخمان إن كلمة "مهاجر" ينبغي أن يكون الغرض من استخدامها وصْف الواقع لا الازدراء، فكل الناس المشاركين في الحركة الجماعية عبر أوروبا حاليا إنما يحاولون الهجرة من بلد لآخر، وقد تكون الغالبية ينطبق عليها وصف "لاجئين". لكن ثمة أقلية يُعتدّ بها لا ينطبق عليها هذا الوصف؛ على سبيل المثال، تقول الأرقام إن نحو ثلث الواصلين مؤخرا إلى ألمانيا قد قدموا إليها من كوسوفو أو ألبانيا أو صربيا وهي دول تميل ألمانيا إلى تصنيفها بأنها دول "آمنة"، بمعنى أن مواطني تلك الدول لن يطلبوا اللجوء، وعليه فمن الخطأ وصْف هؤلاء بأنهم "لاجئون". ورأى راخمان أنه من الأهمية بمكان التمييز بين أولئك الفارّين نجاة بحياتهم من قبضة الموت في بلادهم وهؤلاء الباحثين عن حياة أفضل في الاتحاد الأوروبي من غير أن تتعرض حياتهم للتهديد. ولكن على الرغم من أهمية التمييز الواضح بين الفريقين، إلا أن ثمة حالات تقع في المسافة المتوسطة بين أولئك وهؤلاء؛ مثال ذلك أن نحو عشرة آلاف نيجيري عبروا البحر المتوسط إلى أوروبا العام الجاري فقط، وإذا كان الكثيرون من هؤلاء النيجيريين يدّعون أنهم هاربون خوفا من الاضطهاد، فإنه لا شك أن أي شخص يغامر بالقيام بتلك الرحلة الخطرة لا بد وأنه يعاني في بلد إقامته ظروفا تدعو إلى اليأس. أما على الصعيد السوري الذي يشهد أهوال الحرب الأهلية التي سقط فيها نحو ربع مليون إنسان وتشرد نحو 9 ملايين آخرين، فإن معظم المعلقين سيتفقون على أن كافة السوريين النازحين ينبغي وصفهم بأنهم "لاجئون". لكن حتى في هذا الصدد، ثمة تمييزات يتعين رصدها، فثمة حالات لسوريين دخلوا أوروبا واشتغلوا في أعمال تجارية ناجحة، فهل يوصف أمثال هؤلاء بأنهم لاجئون أم "مهاجرون اقتصاديون"؟ إذا كان البعض يلصق وصف "اقتصادي" بالمهاجر لتمييزه عن اللاجئ. وتوقع راخمان في ختام مقاله أن تستغرق أوروبا سنوات من النقاش للوصول إلى أجوبة حاسمة لتلك التساؤلات.