في روايتها "ظلال الوأد" تطرح الكاتبة السعودية منيرة السبيعي المشكلات المستمرة التي عانت منها المرأة في هذه المنطقة من العالم، مستعيرة لها تعبير "الوأد" في إشارة إلى ممارسة جاهلية بدفن البنات المولودات حديثا فور ولادتهن، متناولة ذلك بطريقة مشوقة جذابة تمسك بالقاريء وتدفعه إلى متابعة القراءة. لغتها سهلة وواضحة جلية وحافلة بعناصر من الإيحاء والجمال والتوتر الشعري، الذي يضيف إلى العمل السردي ولا يشكل عبئا عليه. وإذا كان هناك من مأخذ لابد من الإشارة إليه فهو تلك الأخطاء اللغوية الكثيرة التي تنتشر في الرواية بما لا يليق بمستواها وجمالها. فى روايتها تشير منيرة السبيعى الوأد الحديث فهو كما وصفته يحمل الكثير من سمات ذلك القديم خاصة في مجال ما يسمى -في ادعاء غير صحيح- موضوع الشرف. في رواية منيرة السبيعي هذه يبقى الجنس والممارسات الشنيعة في مجاله -ومنها اغتصاب الصغيرات من ذوي القربى- الدافع الرئيسي. ويجري استغلال قضية الشرف بشكل رهيب اذ يهدد الجاني الضحية بالذبح إذا تحدثت عما جرى لها. وهذا ما جرى لبطلة الرواية. ويخيم صمت وتحدث تشوهات وعقد نفسية وتعيش الفتاة في رعب وذل. أما وأدها -مجازا- فهو يتمثل في أن شقيقها الجاني بما له من كلمة عليا في غياب الأب المتوفي ورضوخ الأم له، يرفض بعد أن تكون أخته قد كبرت كل طلب زواج يجري التقدم لها به خشية أن يكتشف الأمر. وتدفن هذه الفتاة في رمال رهيبة من التحكم المستبد والظلم الإنساني. جاءت الرواية في 143 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن (الدار العربية للعلوم ناشرون) في بيروت. تكتب منيرة السبيعي : تتذكر الفتاة طفولتها في منزلهم الفقير المتواضع ولعبها مع صديقاتها. تقول "نفحة هواء معطرة هبت علي من تلك الذكرى القديمة تحمل معها رائحة أزهار الريحان التي كانت أمي تزرعها في المربع الصغير المقام في مقدمة منزلنا الصغير القديم. "كنا نقيم نحن الأربعة. أمي وهدى أختي الكبرى وسلطان الذي يصغرها بسنة ويكبرني بقرابة التسع سنوات. أنا آمنة التي أتت بالمصادفة نتيجة عودة أمي لأبي بعد انفصال دام سنين عدة ليزرعني في رحم الحياة ويرحل بعدها بسنوات قليلة إلى الأخرة". من الأحداث التي تقع للعائلة أن بسمة ابنة الأخ تموت ويتبين أنها سقطت عن سطح البيت وعائلة أخيها تعيش في الطبقة الثانية ذات السور غير المرتفع. كانت آمنة تحب ابنة أخيها كثيرا ولذا فقد سيطر عليها الحزن. بعضهم لام الأخ على عدم بناء سور مرتفع. تبدأ القصة فعلا بعد أن نقل أخوها إلى المستشفى الذي تعمل هي فيه مصابا بالتهاب في الكبد نتيجة إدمانه على الخمور والمخدرات. كانت تتمنى موته. وقد خطرت لها قبلا فكرة قتله لتتخلص من هذا الكابوس المتحكم بها. تقول "فكرت مرات كثيرة في قتله بل أنني تصورت الموقف كاملا خطوة بخطوة. خطرت الفكرة في ذهني سنة زواجه الاولى. كانت تلك الفترة أكثر فترات تصاعد غضبي منه. ربما لتزامن زواجه مع وقت تقدم لي فيه عريسان وتم رفضهما بهدوء. موقف سلطان مفهوم لكن امي كيف يمكن أن تتجاهل مستقبلي بهذه البرودة والسلبية؟ إن أمي تعلم جيدا تفاصيل ما وقع علي من سلطان في الصغر وتتستر عليه". وبدا أن باب الزواج أغلق في وجهها. إلا أن واحدا من المعجبين وهو صالح الذي تعرف عليها وبقيت علاقتهما شبه سرية بقي مصرا على ان يقول لها انه يحبها وانه يريدها وبسرعة زوجة له. ازاء تأجيلها الامر وتهربها شعر بشيء من الغضب وألح عليها كي تبت الأمر. كانت قد حصلت على منحة لتكمل علومها في كندا لكن شقيقها رفض الفكرة وأراد إبقاءها أسيرة قريبة منه كما يبدو. توفي الاخ. واستطاعت عبر قصة طويلة ان تعرف انه غضب على ابنته وحملها فوق الجدار مهددا برميها كما كان يفعل مع اخته عندما كانت تحاول مقاومته. ادركت عند ذلك ان مأساتها هي تكررت مع أبنة أخيها الطفلة. وجاء موت أخيها فرصة كي تقبل الذهاب للدراسة في كندا إذ أن أمها بعد موت الاخ لم تعد تعارض الفكرة بل لم تعد تعترض على شيء