منذ اللحظات الأولى لفوضى يوم 28 يناير 2011 وحالة الفراغ الأمنى التى عاشتها البلاد لم تنتظر مافيا المخدرات الدولية والمحلية وعلى الفور تحولت حدود مصر الغربية والشرقية لبوابة مفتوحة لعبور كافة أنواع المخدرات والبرشام. واستطاعت مافيا المخدرات فى اختراق الوطن فى ظل انشغال مؤسسات الدولة والأحزاب وغيرها بالصراعات السياسية، ولم يلتفت أحد لحرب المخدرات، التى تم شنها على مصر لتدمير اقتصادها وشبابها وقيمها الاجتماعية والانسانية والحضارية والاخلاقية.
وللأسف على مدار السنوات الأربع الماضية دخل عشرات الآلاف لمجال الاتجار فى المخدرات والبرشام وانجرف الملايين إلى مجال التعاطى معظمهم من سكان المناطق العشوائية فى ظل البطالة، التى تفشت وحالة الإحباط التى سيطرت على المصريين وعلى الشباب بصفة خاصة. ووصل الأمر إلى حد بيع البرشام والحشيش علنا فى الأحياء العشوائية وانخفض سن متعاطى المخدرات، حتى ما دون السادسة عشر وتحولت تجارة المخدرات فى هذه المناطق لمهنة يتنافس عليها البلطجية والشباب الضائع وسكان العشوائيات لما تحققه من مكسب سريع وبدون مجهود.
وشجع الانفلات الأمنى والانشغال فى معارك الإرهاب مافيا المخدرات حتى تمكنت من شبابنا ونجحت فى ضم الآلاف لمجال الاتجار مما يصعب مهمة الأجهزة الأمنية فى مكافحة هذه الجريمة. ومنذ أيام أطلقت الدولة حملة قومية لمكافحة المخدرات، وتم وضع خطة للمكافحة والتوعية تشترك فيها 11 وزارة بالإضافة للتنسيق مع القائمين على الأعمال الفنية الدرامية لمراعاة ألا تكون الأعمال الدرامية محرضة للشباب على تعاطى المخدرات مع إنتاج أعمال تساهم فى مكافحة هذه الظاهرة من منطلق الدور الوطنى والاجتماعى للفن.
ولعل أخطر ما فى هذه الظاهرة نجاح مافيا المخدرات فى استهداف طلاب المدارس والجامعات وساهم فى هذه الكارثة غياب دور البيت والأسرة والدور التربوى والرقابى للمدرسة والجامعة بالإضافة للعديد من الأعمال الدرامية، التى روجت للبطل البلطجى الذى يتعاطى المخدرات.
وفى الحقيقة يجب على الدولة بكل مؤسساتها المعنية وعلى رأسها الحكومة أن تعلم أن معركة المخدرات أشرس وأخطر من معركة الارهاب.. وضحايا المخدرات بالملايين أما ضحايا الارهاب فبالعشرات.. ومعركة المخدرات تستطيع أن تضرب مستقبل الأمة فى اقتصادها وشبابها بأكثر ما تستطيع معارك الإرهاب ومن هنا يجب أن تتعامل الدولة مع معركة المخدرات بنفس القدر من الاهتمام والجدية والتعبئة وتوفير الامكانيات مثل التعامل مع الإرهاب تماما. وتستطيع الدولة بأجهزتها المختلفة مواجهة مافيا المخدرات والانتصار فى هذه المعركة من خلال عدة إجراءات ومواجهات ألخصها فى الآتى: 1 – توفير كل الامكانيات الفنية والتكنولوجية على جميع المنافذ والموانئ والمطارات المصرية لكشف المخدرات المخبئة داخل الطرود والكنترات وغيرها قبل دخولها من هذه المنافذ الشرعية. 2 – تدريب وثقل العنصر البشرى المنوط به الكشف عن المخدرات على جميع منافذ الدولة. 3 – قيام أجهزة مكافحة المخدرات فى مصر بالوصول للرؤس الكبيرة وقيادات هذه المافيا وكبار البارونات وضبطهم وعدم الاكتفاء بضبط صغار الصبيان من التجار. 4 – الاهتمام باجراءات الضبط والتحريات وكتابة المحاضر والأحراز حتى لا يتمكن المحامون المتخصصون فى قضايا المخدرات من اهدار جهود أجهزة الأمن والنجاح فى تبرئة ساحة تجار المخدرات أمام القضاء الذى يحكم بالورق. 5 – تخصيص دوائر قضائية خاصة بقضايا المخدرات وسرعة اصدار الأحكام فيها لتحقيق عنصر الردع.
6 – اجراء تحاليل كشف المخدرات لكل المواطنين بلا استثناء وفصل جميع المتعاطين من وظائفهم الحكومية فورا ونهائيا ورفع الدعم فى مجال السلع التموينية والصحة والتعليم والاسكان عن كل متعاطى لتحقيق عنصر الردع. 7 – تشديد العقوبات القانونية على جريمة التعاطى لأنها فى الحقيقة تضم فى داخلها جريمة اتجار لأن المتعاطى يتعامل بالشراء مع التاجر وبالتالى لا داعى لتخفيف حكم عقوبة التعاطى وكأنها أقل خطورة من الاتجار رغم أن التعاطى هو البداية لطريق الاتجار فى المستقبل. 8 – توعية الأسرة بدورها التربوى والتوجيهى تجاه أبنائها فى المراحل السنية الخطيرة وتوعية الوالدين بكيفية اكتشاف أى تغيرات تطرأ على أبنائهم نتيجة التعاطى. 9 – التوعية الاعلامية والصحفية بخطورة هذه الظاهرة وتشجيع المواطنين على ترك السلبية والابلاغ عن أى مشتبه فيه بتجارة المخدرات دون خوف مع توفير الحماية الأمنية للمبلغين والمتعاونين مع أجهزة الأمن. 10 – وقف ظاهرة "غرز" الشيشة التى انتشرت فى كل المقاهى والكوفى شوب واحتلت الأرصفة وأسفل العقارات ونجحت فى الحصول على تراخيص بسبب الفساد المنتشر فى المحليات وأصبحت ملتقى لطلاب المدارس لتدخين الشيشة التى تعد البداية لطريق تعاطى المخدرات فى سن صغيرة. 11- إجراء تحاليل تعاطى مخدرات اجبارية وبشفافية لجميع السائقين بلا استثناء ولا سيما سائقى الميكروباص وباصات المدارس والأتوبيسات والنقل والميكروباص والأجرة بين المحافظات على الطرق السريعة وتطبيق العقوبات القانونية فورا على المتعاطى وسحب رخصة قيادته نهائيا.