في تحليل معمق نشرته شبكة CNN بالعربية، تم تسليط الضوء على التساؤلات الحرجة المحيطة بقدرة إيران على الرد بشكل فعال على الضربات الإسرائيلية واسعة النطاق التي تعرضت لها. ويشير التحليل إلى أنه ليس من الواضح ما إذا كانت طهران تمتلك القدرة في الوقت الراهن على حشد الرد العنيف الذي قد يتوقعه البعض في مثل هذه الظروف. تفوق عسكري واستخباراتي إسرائيلي يؤكد التحليل أن إسرائيل قد أثبتت مرة أخرى تفوقها العسكري والاستخباراتي في منطقة الشرق الأوسط، وأنها نفذت هذه العمليات دون اكتراث كبير بالخسائر المحتملة في صفوف المدنيين أو بالتأثير الدبلوماسي لأفعالها على علاقاتها مع حلفائها. ويشير التحليل إلى أن هذه العملية، كما هو الحال مع العملية "اللافتة" التي استهدفت قيادات بارزة في "حزب الله" اللبناني، وكيل إيران في لبنان، تحمل بصمات واضحة لشهور، بل وربما سنوات، من التخطيط والإعداد الدقيق. ويرجح التحليل أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ربما كان أمام خيارين حاسمين: إما استخدام هذه القدرة العسكرية والاستخباراتية الآن، أو المخاطرة بفقدان هذه الفرصة مع انطلاق المساعي الدبلوماسية المتمثلة في الجولة السادسة من المحادثات النووية التي كان من المقرر عقدها نهاية هذا الأسبوع بين الولاياتالمتحدةوإيران في سلطنة عُمان. إيران تحصي جراحها.. والرد معقد ويوضح التحليل أن إيران تُركت الآن في موقف صعب، حيث تقوم بإحصاء "جراحها العميقة" جراء هذه الضربات. وتشير الصور الواردة من أنحاء العاصمة طهران إلى استهداف مبانٍ سكنية، على ما يبدو في غرف محددة داخلها، مما يوحي باستهداف دقيق لأفراد معينين، ربما تم ذلك من خلال تتبع أجهزة هواتفهم المحمولة. وقد فقدت إيران، وفقاً للتحليل، ما لا يقل عن ثلاثة من كبار قادتها العسكريين، بالإضافة إلى شخصية بارزة كانت تشارك في المحادثات النووية، كل ذلك بين عشية وضحاها. ومع انقشاع غبار هذه الهجمات، قد يتبين أن المزيد من الشخصيات الهامة قد تعرضت للقصف، ومن المرجح أن يشعر الناجون من هذه الهجمات بالقلق الشديد من احتمال استهدافهم أيضاً في المستقبل. ويتوقع أن يؤدي هذا الوضع إلى إبطاء وتعقيد أي رد إيراني محتمل، بالإضافة إلى حجم الضرر الذي لا يزال الإيرانيون يتكبدونه. فالغارة الإسرائيلية التي وقعت في شهر أكتوبر الماضي أدت إلى تدمير جزء كبير من منظومات الدفاع الجوي الإيرانية. وقد أعلن الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، أنه دمر عشرات الرادارات ومنصات إطلاق صواريخ أرض-جو في ضربات شنتها طائرات مقاتلة على منظومات دفاع جوي في غرب إيران. كما أكدت وكالة الطاقة الذرية الإيرانية أن منشأة التخصيب النووي في نطنز قد تضررت أيضاً، لكن لم يتضح بعد مدى هذا الضرر بشكل كامل. ويشير التحليل إلى أنه في الأيام المقبلة، من المرجح أن يبحث جهاز الاستخبارات الإسرائيلي المتفوق عن أي أهداف تمثل "فرصة" – مثل القادة والمعدات العسكرية التي قد تغير مواقعها لتسهيل عملية الرد – وأن يواصل شن الضربات. تفكيك "حزب الله" كجزء من الخطة ويؤكد التحليل أن هذا الهجوم الإسرائيلي واسع النطاق لم يكن ليصبح ممكناً إلا بفضل عملية تفكيك قدرات "حزب الله" الذي كان يعتبر سلاحاً إيرانياً متقدماً قرب الحدود الإسرائيلية خلال حملة عسكرية ضارية وفعالة استمرت لأشهر. ويبدو أن هذه الخطة الإسرائيلية، التي استمرت لشهور، تهدف في مجملها إلى إزالة التهديد الإقليمي الذي تمثله إيران ووكلائها. مخاطر سباق التسلح النووي لا تزال المخاطر كبيرة فقد تحاول إيران الآن، كرد فعل، التسابق نحو امتلاك القنبلة النووية، لكن دفاعاتها الجوية المتعثرة، والاختراق الواضح والمهين الذي تعرضت له من قبل الاستخبارات الإسرائيلية، يجعلان هذا الاحتمال ضعيفاً في الوقت الحالي. فالتسرع في بناء سلاح نووي ليس بالأمر الهين، لا سيما تحت وطأة التهديدات المستمرة، ومع تعرض القيادات الرئيسية لخطر الضربات الدقيقة. ويرى التحليل أن نتنياهو ربما قام بحساب دقيق لمخاطر مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، ورأى أنه يمكن السيطرة على هذه المخاطر بمزيد من القوة العسكرية. ويشير التحليل إلى أن مؤيدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يشيرون في الساعات المقبلة إلى أن الهجوم الإسرائيلي كان جزءاً من خطة شاملة تهدف إلى إضعاف إيران قبل أي جهود دبلوماسية إضافية. لكن في الواقع، تتكشف حقيقة أبسط وهي أن إسرائيل لم تكن لديها ثقة كافية في قدرة الولاياتالمتحدة على تنفيذ اتفاق مع إيران يقضي بشكل فعال على طموحاتها النووية. فعلى الرغم من المناشدات العلنية التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتأجيل الهجوم، مضت إسرائيل قدماً في شن أخطر هجوم على إيران منذ حربها مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي. ولم تكترث إسرائيل برد فعل ترامب ولم تخشه، ويبدو أنها مستعدة للمخاطرة بمواصلة القتال حتى بدون دعم مباشر من الولاياتالمتحدة. وربما يمثل هذا، وفقاً للتحليل، إضعافاً آخر لقدرة إيران على الرد في الوقت الراهن. فإسرائيل تبدو أقل انشغالاً بما يمكن أن تفعله طهران. وعملية إسرائيل الناجحة ضد "حزب الله" تمنحها سبباً للثقة، ولكنها في الوقت نفسه تثير القلق بشأن احتمالات الغطرسة والتجاوز في استخدام القوة. ومن المرجح أن تكون إسرائيل قد ضربت الغالبية العظمى من أهدافها الرئيسية بالفعل، بهدف تعظيم ميزة المفاجأة، وسيستغرق الكشف عن المدى الكامل لهذه الأضرار أياماً. الانتشار النووي وحول مسألة الانتشار النووي، يشير التحليل إلى أن هناك الكثير مما لا نعرفه عن البرنامج النووي الإيراني. وربما كانت إسرائيل تعرف أكثر بكثير مما هو معلن. لكننا الآن، كما يرى التحليل، في لحظة فارقة، حيث قد تُنذر الضربات على منشأة نطنز إما بنهاية البرنامج النووي الإيراني، أو بانطلاق سباقه المحموم نحو الاكتمال، في صورة سلاح نووي. ولطالما أصرت إيران على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية، لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانت قد أعلنت يوم الخميس أن البرنامج الإيراني يُخالف التزامات طهران بموجب معاهدة منع الانتشار النووي. إيران في أضعف لحظاتها وخيارات الرد المحدودة ويخلص التحليل إلى أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وهي في أضعف لحظاتها، ستواجه صعوبة كبيرة في إظهار غطرستها الإقليمية التي حافظت عليها لعقود. وقد تشعر بعجزها عن انتهاز فرصة الدبلوماسية مع الولاياتالمتحدة، دون أن تبدو أكثر ضعفاً وهشاشة. ويبدو أنها غير قادرة على الرد على إسرائيل بشكل متناسب مع حجم الهجمات، لذا قد تلجأ إلى الضرب بشكل غير متكافئ، إن كان ذلك ممكناً أصلاً. ويختتم التحليل: إن إسرائيل تتصرف في منطقة الشرق الأوسط الآن دون أي عائق يذكر من حلفائها، ولا تخشى المخاطر الأوسع نطاقاً، وتسعى في بعض الأحيان بوحشية إلى تغيير الديناميكيات الإقليمية لعقود قادمة، وهذا يضع إيران أمام خيارات صعبة ومحدودة للغاية في تحديد طبيعة وشكل ردها المحتمل.