عاشوا مجهدين وماتوا مهملين هذا هو حال أغلب الموتى المدفونين فى مقابر الخيالة البساتين والإمام و عين الصيرة المقابلة لحديقة الفسطاط والتى تتبع كلها محافظة القاهرة . الأمر المؤكد ان هؤلاء الناس لم يحيوا حياه كريمة ولم ينالوا قسطا من الراحة والخدمات الاجتماعية لا احياء ولا أموات ففي البلاد المتقدمة عندما يموت أحد المواطنين تعزف الموسيقى ويتم إكرامه حتى دفنه أما فى مصر وبسبب الاهمال المتفشى تعوم الجثث في المياه الجوفية، وتشتعل بها النيران، وتنهشها الكلاب الضالة، ويكتفي المسؤول بالمشاهدة وترديد " الروح عند خلقها مش مهم الجسد". صدي البلد تجول فى مقابر الخيالةعين الصيرة والامام والبساتين لرصد كيف يتعامل المسؤولون فى محافظة القاهرة مع جثث الأموات، وكيف أهملتها المحافظة حتى غرقت فى المياه المتعفنة ونهشتها الكلاب الضالة. إن لم تكن من أصحاب القلوب القوية التى لا تخاف شيئا لا تدخل أو تقترب من هذه المقابر ففى مقابر عين الصيرة ستجد عظام الموتى وجماجمهم بعد تحلل الجثث ملقاه علي جانبي الطريق، وستجد مواطنا أشعل النيران فى مجموعة من المقابر بسبب نمو الحشائش وعلى الرغم من التدفق الدائم للمياه الجوفية نظرا لوجود بحيرة الفسطاط علي بعد كيلومتر واحد من المكان. فى المقابر وخصوصا المتهالكة سيدهشك انتشار الكلاب وليس غريبا ان تراها تنهش فى بقايا الجثث وتبعث بمحتويات المقابر .. ففى هذاالمكان تجد الكلاب ضالتها المنشودة فعدد المقابر المتهالكة كبير وعدد الجثث الجديدة التى ترد إلى المكان يوميا كبير والمكان مرتع للاهمال فى أبهى صوره . فى كثير من الاحيان لا تبذل الكلاب الضالة مجهودا كبيرا فى نبش المقابر للعثور على طعامها من بقايا الجثث ولكن ارتفاع منسوب المياه الجوفية ذات الرائحة العفنة واختراقها لجدران المقابر يساعد على طفو الجثث فوق سطح المياه وبالتالى تصبح هدفا سهل المنال للمفترسين الصغار . وكأن هذه المقابر كتب عليها وعلى ساكنيها استمرار المعاناة حيث انتشرت بالقرب منها ورش إنتاج الرخام حيث تسبب هذا فى زيادة التأثير السلبى على المنطقة وفاقم من تدهور الأوضاع البيئية بعد ان تحولت عدة شوارع بينها إلي مقالب لبقايا ومخلفات الرخام بشكل سيء. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد فبعد أن انتشرت ظاهرة صناعة واجهات المقابر وشواهد القبور من الرخام ,استحل البعض عددا كبيرا من المقابر وقاموا بتحويلها إلى فتارين عرض لبضاعتهم دون أدني إحساس بقدسية وحرمة الموتي . "صدى البلد " يدق ناقوس الخطر أمام محافظ القاهرة وكافة المسئولين عن الأحياء التى تتواجد بها هذه المقابر وجهاز شئون البيئة لانقاذ المنطقة من كارثة قبل فوات الأوان خاصة وان الرئيس عبد الفتاح السيسى أعلن أكثر من مرة عن رغبته تطوير العشوائيات وإصلاع أوضاعها .. فهل يستجيب المسئولون أما ان الامر يحتاج لتدخل الجهات العليا.