فى الماضى الذى ليس بالبعيد كان الحديث عن الأمن القومى العربى ووحدة المصير والدفاع المشترك والحاجة إلى تحالف استراتيجى على المستويين السياسى والعسكرى لإحداث التوازن الاقليمى فى مواجهة أى تهديدات خارجية أو داخلية لا يعدو ضربا من الخيال أو حلما من أحلام اليقظة. وللأسف اندثرت هذه المفاهيم العميقة على مدار أجيال متعاقبة وتحولت إلى مجرد مزاح وشعارات هزلية تحمل بين طياتها حزن عميق على أمة دفعت شعوبها أثمانا غالية من أجل حريتها واستقلالها نتيجة تحول القيادات السياسية عن فكرة القومية والهدف الأسمى وهو خلق عمق عربى بمثابة سلاح ردع وتوازن يحفظ أمن المنطقة ووحدتها.
وفى الوقت الذى يتنامى فيه فكر الأمن القومى الغربى سواء الأمريكى والأوربى ناهيك عن الأمن القومى الإسرائيلى غاب الأمن العربى تتصارعه مخططات التقسيم ومؤامرات الانقسام خاصة فى ظل ظهور قوى وأنظمة وتحالفات دولية جديدة ومشروعات استراتيجية تجد تحقيق أمنها السياسى والاقتصادى والعقائدى فى دحر النظام الاقليمى العربى بدءا من المشروع الأمريكى –الصهيونى بإعادة شرق أوسط جديد من الخليج إلى المحيط مرورا بالمشروع الايرانى الهادف إلى صراع مذهبى يضمن المد الشيعى فى الدول العربية خاصة وقد طالت أذرعه الشيطانية كل من لبنان والعراق وسوريا واليوم يدير لعبته الخبيثة فى اليمن بيد الحوثيين علاوة على المشروع التركى الواهم المريض والقزم القطرى . وبقراءة تحليلية للمشهد وما يكتنفه من مخاطر حقيقية تتأكد الحجج والبراهين على صحة بل ضرورة القرار العربى الحاسم بإعادة ترتيب الأوراق واحياء المشروع العربى وتشكيل قوى عربية مشتركة للحفاظ عل الأمن بكافة ركائزه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعقائدية وجاءت تحركات جيش التحالف العربى لردع الحوثيين ضمانا لوحدة اليمن وتماسك جيشه وحمايته من مغبة الصراع المذهبى كبداية نحو تحقيق أهداف أسمى تتصدرها توجيه رسالة الى العالم أجمع مفادها أن المنطقة العربية قد استعادت مكانتها وهيبتها ولديها من الارادة الصلبة والقوى الناجزة الفاعلة ما يمكنها من الدفاع عن مصالحها وأمنها الداخلى والخارجى وأن مجرد التفكير فى العبث بمقدرات هذا الوطن سيكون الرد عليه "بعاصفة الحزم". فكفانا فرقة وهوان، فاليوم هو ميلاد جديد للأمة العربية لن نسمح –حكومات وشعوب –من النيل من توازنها واستقرارها أوالالتفاف حولها للزج بها فى صراعات تهدف الى التفتيت والتقسيم واحداث الخلل أو تتخذ كذريعة وأداة للمواءمات والتوازنات الداعمة للمؤامرة التاريخية الكبرى التى تحاك ضدها بدافع الحقد والرغبة فى محو أصولها وجغرافيتها وتراثها الإنسانى والعقائدى. وفى اعتقادى المتواضع أن التحرك العربى الأخير لاعادة الأمور الى نصابها ونجاح القمة العربية وما أسفرت عنه من توصيات فاعلة سيدفع بكل الأطراف سواء المتربصة أو الطامعة لإعادة النظر فى سياساتها مع الملف العربى وهذا يتطلب منا البدء فى وضع استراتيجية عربية تتلاءم مع المتغيرات الاقليمية والدولية الراهنة واعداد سيناريوهات المواجهة لأن الأخطار مازالت جاسمة وأن يكون تحرك التحالف العربى فى المنطقة نقطة انطلاق نحو" مشروع عربى "وبداية لخلق الوعى وتشكيل عقل ووجدان الأجيال. العربية اليوم وغدا على الفكر القومى حتى يترسخ بداخلهم ايمانا بأننا أمة مواقف وأفعال قادرة على إحداث التغيير بما فيه مصالحها واستقرار أمنها والحفاظ على خصوصيتها التاريخية والجغرافية. وتحيا أمتنا العربية .