قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إن "ظاهرة الخوف من الإسلام التي نراها في بعض الأماكن هى خطر ليس فقط على المسلمين بل على جميع الناس، وهى تخدم أهداف القتلة والسفاحين وتقوض مبدأ الوحدة التي يحتاجها عالمنا بشدة"، داعيا إلى ضرورة التصدي للمفاهيم الخاطئة والعمل ضد من يزرعون الكراهية. جاء ذلك في كلمة للعاهل الأردني ألقتها نيابة عنه سفيرة الأردن في الولاياتالمتحدة الدكتورة علياء بوران الليلة الماضية أمام لقاء سنوي ضم رجال دين وقيادات سياسية واقتصادية أمريكية وعالمية بارزة، وأوردتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية "بترا". وشدد العاهل الأردني على أن "المجتمع المسلم هو الهدف الرئيسي من الحرب التي يشنها الإرهابيون المتطرفون في الشرق الأوسط، والتي تقع الأردن على خطوطها الأمامية"، قائلا: "لقد شهدنا قبل أيام قليلة عملية القتل الوحشية الهمجية للبطل الطيار المقاتل النقيب معاذ الكساسبة على أيدي تنظيم داعش الإرهابي الإجرامي، وقد توحد الأردنيون على أثر ذلك في حزنهم وغضبهم، وهم على عهدهم دائما، ملتزمون بحماية وطنهم ودينهم". واعتبر أن "الأحداث المأساوية التي يشهدها الشرق الأوسط أثبتت من جديد أن تهديد الإرهاب يطال العالم كله، فهؤلاء المجرمون يسعون للقضاء على الحياة والاعتداء على الحقوق في كل مكان، وقد امتد حقدهم وإجرامهم إلى آسيا وأوروبا وأفريقيا وأمريكا وأستراليا، إنهم يبغون من خلال قتل سجنائهم وأسراهم إلى جعل كل أسرة في العالم رهينة لوحشيتهم وهمجيتهم". وأضاف: "هذه حرب لا يمكن للعالم أن يتحمل خسارتها، لكن النصر فيها يتطلب مساهمة الجميع، وأن نقف شركاء في حربنا ضد ما يهددنا، وأن نتجاوز ذلك إلى إيجاد الظروف الملائمة لعيش البشر معا في سلام ووئام". وتابع: "نحن فعلا مدعوون للحوار، ونحن فعلا نجتمع من أجل خير العالم، وبهذه الروح استقبل الأردن قداسة البابا عندما أدى الحج للأراضي المقدسة العام الماضي، ويرحب العالم الإسلامي بالتصريحات التي صدرت عن قداسته رفضا لإهانة الأديان والسخرية منها، وإنني أقف مع قداسته موقفا واحدا في التزامنا بالاحترام المتبادل". وقال: "أنا هاشمي النسب سليل النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، وقد علمني والدي الملك الحسين، رحمه الله، شعائر العبادة ومبادئ الشجاعة الأخلاقية والعدل والإخاء، لقد كان جنديا يؤمن بالسلام، وأنا كنت ومازلت جنديا يؤمن بالسلام، وهذا هو معنى أن يكون المرء مسلما، وهذه هي القيم التي أربي أولادي عليها، وسوف يعلمونها لأولادهم وأولاد أولادهم". وأضاف: "لأكثر من ألف سنة سبقت اتفاقيات جنيف، كان الجنود المسلمون يتلقون أوامر بعدم قتل طفل أو امرأة أو طاعن في السن أو قطع شجرة أو التعرض لراهب أو تدمير كنيسة، وهذه هى قيم الإسلام التي تعلمناها في المدرسة ونحن صغار (لا لتدمير أو تدنيس أماكن العبادة)". وتابع: "الأردن بلد مسلم يعيش فيه مجتمع مسيحي له جذور ضاربة في عمق التاريخ، ويشكل الشعب الأردني بمجمله مجتمعا لا يقبل القسمة، أفراده شركاء في بناء الوطن، حيث الإجماع والتسامح والاعتدال وسيادة القانون تجعل من المملكة واحة للاستقرار، وهى نفس القيم التي سوف تضمن لنا المستقبل الأفضل". وأكد أن "الأردن يأخذ على محمل الجد التزاماته الأخلاقية تجاه الآخرين، فعلى الرغم من الموارد الشحيحة، فتح الشعب الأردني ذراعيه لاستقبال اللاجئين الفارين من العنف في المنطقة". وأشار إلى أن المملكة استقبلت عددا كبيرا من المسيحيين العراقيين منذ هجمات "داعش" التي استهدفتهم، بالإضافة إلى توفير المأوى لحوالي 1.4 مليون سوري، حيث حولت الأزمة السورية الأردن إلى ثالث أكبر مضيف للاجئين في العالم.