قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إن "أمن الأردن جزء من أمن أشقائه العرب، وسيظل هذا الجيش العربي (الأردني)، ورفاقه في الأجهزة الأمنية كما كان على الدوام مستعداً للتصدي لكل ما يمكن أن يهدد أمننا الوطني، أو أمن أشقائنا في الجوار، فالأمن العربي كل لا يتجزأ". وأضاف العاهل الأردني في خطبة العرش لدى افتتاحه الدورة العادية الثانية للبرلمان الأردني اليوم الأحد، أنه من واجب بلاده الديني والإنساني التصدي بكل حزم وقوة لكل من يحاول إشعال الحروب الطائفية أو المذهبية وتشويه صورة الإسلام والمسلمين. وتابع قائلا إن "الحرب على التنظيمات الإرهابية وعلى الفكر المتطرف هي حربنا، فنحن مستهدفون، ولابد لنا من الدفاع عن أنفسنا وعن الإسلام وقيم التسامح والاعتدال ومحاربة التطرف والإرهاب". وأضاف أن "كل من يؤيد هذا الفكر التكفيري المتطرف أو يحاول تبريره هو عدو للإسلام وعدو للوطن وكل القيم الإنسانية النبيلة، وبالمقابل فإنه على المجتمع الدولي التصدي للتطرف في المذاهب والأديان الأخرى". واعتبر الملك عبد الله أن المنطقة عانت من بعض التنظيمات التي تتبنى الفكر التكفيري والتطرف، وتقتل المسلمين والأبرياء من النساء والأطفال باسم الإسلام. وقال إن "الإسلام منهم بريء، فالإسلام هو دين السلام والتسامح والاعتدال وقبول الآخر واحترام حق الإنسان في الحياة والعيش بأمن وكرامة، بغض النظر عن لونه أو جنسه أو دينه أو معتقداته، وهذه التنظيمات تشن حربها على الإسلام والمسلمين قبل غيرهم". وخاطب العاهل الأردني جيش بلاده والأجهزة الأمنية، بحضور قائد الجيش مشعل الزبن، قائلا إن "الشعار الذي على جباهكم مكتوب عليه الجيش العربي، وهذا الاسم لم يكن صدفة أو مجرد شعار، وإنما هو تأكيد على التزام هذا الجيش بالدفاع عن قضايا الأمة العربية، وترابها وأمنها من أي خطرٍ يهددها". العاهل الأردني قال أيضا إن "الأردن سيبقى كما كان على الدوام نموذجا في العيش المشترك والتراحم والتكافل بين جميع أبنائه وبناته مسلمين ومسيحيين، وملاذا لمن يطلب العون من أشقائنا، ومدافعا عن الحق، ولا يتردد في مواجهة التطرف والتعصب والإرهاب الأعمى". وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، قال الملك عبد الله إن "الأردن دأب على تحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية تجاه القضايا التي تهدد الأمن الإقليمي والدولي، وسيستمر في توظيف مكانته وكونه عضواً في مجلس الأمن الدولي لخدمة قضايا أمته العربية والإسلامية". وأضاف أن القضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى، وهي مصلحة وطنية عليا، والقدس التي روت دماء شهدائنا ترابَها هي أمانة في عمق ضميرنا، وسيستمر الأردن بالتصدي بشتى الوسائل للممارسات والسياسات الإسرائيلية الأحادية في القدس الشريف، والحفاظ على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، حتى يعود السلام إلى أرض السلام". وأشار إلى أن بلاده ستواصل "حشد الجهود الدولية لإعمار غزة بعد العدوان الغاشم الذي أودى بأرواح الآلاف من أشقائنا الفلسطينيين ودمر ممتلكاتهم، وحتى لا يتكرر مثل هذا العدوان فلا بد من العودة إلى إطلاق مفاوضات قضايا الوضع النهائي، والوصول إلى السلام الدائم على أساس حل الدولتين، وفقا للمرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية، بما يمكن الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، وعاصمتها القدسالشرقية". وتطرق العاهل الأردني إلى الأزمة السورية، حيث جدد التأكيد على أن الحل الوحيد هو الحل السياسي الشامل، بمشاركة جميع مكونات الشعب السوري، والذي يضمن وحدة سوريا واستقرارها. وقال إنه "في غياب مثل هذا الحل، سيتكرس الصراع الطائفي على مستوى الإقليم، كما سيؤدي عدم إيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية إلى تغذية التطرف والإرهاب". وأضاف "لقد نهض الأردن بدوره القومي والإنساني تجاه الأشقاء من اللاجئين السوريين، ومع تقديرنا الصادق والكبير للدعم الذي تلقيناه من أشقائنا وأصدقائنا، فحجم الدعم الدولي لم يرتق إلى مستوى الأزمات وتبعات استضافة اللاجئين، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته في تقديم المساعدات للاجئين، وللأردن، وللمجتمعات المحلية المستضيفة". وتضم المملكة ما يزيد على مليون و300 ألف سوري، منهم نحو 750 ألفا دخلوا الأراضي الأردنية قبل بدء الثورة السورية في مارس/ آذار 2011 بحكم النسب والمصاهرة والتجارة. ويزيد طول الحدود الأردنية السورية عن 375 كم، يتخللها العشرات من المنافذ غير الشرعية التي كانت ولا زالت معابر للاجئين السوريين الذين يقصدون الأراضي الأردنية؛ مما جعل الأردن من أكثر الدول تأثرا بالأزمة السورية. وتقول إحصائيات للأمم المتحدة إن نحو 10 ملايين سوري من أصل عدد سكان سوريا البالغ نحو 22.5 مليوناً، نزحوا عن ديارهم داخل وخارج البلاد جراء هذا الصراع. فيما قتل أكثر من 180 ألف شخص في سوريا، بحسب منظمات حقوقية سورية معارضة. ويعد خطاب العرش الذي ألقاه الملك عبد الله خطاب رسمي يفوض الملك بإلقائه بموجب الدستوري الأردني في افتتاح الدورات العادية للبرلمان الأردني كل دورة عادية (أي كل عام)، وبعد أن تستمع غرفتا البرلمان (مجلس الأعيان والنواب) لخطبة العرش، يقوم كلا المجلسين بالرد على الخطاب كلا على حده خلال اسبوعين من بدء أعمال الدورة العادية.