أوصت هيئة مفوضى الدولة محكمة القضاء الإدارى برفض الدعويين المطالبتين بسحب وإلغاء الترخيص الصادر لقنوات النهار الفضائية، بسبب المخالفات التي ارتكبتها تلك القناة . وأكد التقرير أن التصريحات المنسوبة لضيوف البرنامج تعبر عن آرائهم ووجهة نظرهم، وهم مسئولون عما يقولون من الناحية الجنائية والمدنية، ويكون من غير المنطقي معاقبة القناة على إتاحتها الفرصة وإفساحها المجال للتكوينات السياسية والاجتماعية للتعبير عن نفسها، ذلك أن غلق القنوات الفضائية أو وقف بثها يقتضي أن يكون هو الملجأ الأخير –عندما تتوافر ظروفه وأسبابه – إذ أنه يتصادم مع قيد التعددية الإعلامية، وكذا حرية التعبير عن الرأي التي كفلتها الدساتير المصرية المتعاقبة وآخرها دستور 2012 المعدل في 2014، وأقرتها مصر من خلال انضمامها للعديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تحمي حرية التعبير وتكفلها . وأضاف التقرير، أنه لا يغير من ذلك كون التصريحات الصادرة عن هؤلاء الضيوف قد حادت عن الأسلوب الأمثل للتعبير، أو قد شابها تعسف في استعمال لتلك الحرية، فتلك القنوات بمثابة نوافذ النور والحرية وهي حق خالص وأصيل للمشاهد، وفي كل الأحوال فإن الصوت الثوري الحق هو الذي عندما يثور ويعبر عما بداخله، تكبحه المبادئ والمُثل العليا، فلا يشهر بأحد، ولا يستعمل ألفاظًا أو تعبيراتٍ من شأنها أن تجرح مواطنًا أو تشوه في مؤسسة من مؤسسات الدولة، إذ أن الثورة من المفترض بها أن تكون ضد وضعٍ سيئ أو غير مرغوب يراد تحويله إلى حالٍ أفضل، لا ضد مؤسسة تعد عمادًا من أعمدة الدولة، وإلا كان الغرض هو هدم الدولة وليس مجرد النقد الذي يحمل في طياته بناء وإرشادًا للطريق القويم . استند التقرير إلى نصوص مواد الدستور الجديد وهى مواد (10و31و51و57و65و67و70و71و93و99)، والمادة (19) من الإعلان العالمى لحقوق الإنسان، وبعض مواد قانون ضمانات وحوافز الاستثمار الصادر بالقانون رقم 7 لسنة 1998 والمعدلة بالقانون رقم 114 لسنة 2008. وأكد التقرير على ضمان الدستور لحرية التعبير عن الآراء، والتمكين من عرضها ونشرها سواء بالقول أو بالتصوير أو بطباعتها أو بتدوينها وغير ذلك من وسائل التعبير، قد تقرر بوصفها الحرية الأصل التي لا يتم الحوار المفتوح إلا في نطاقها، وبدونها تفقد حرية الاجتماع مغزاها، ولا تكون لها من فائدة، وبها يكون الأفراد أحرارًا لا يتهيبون موقفًا، ولا يترددون وجلًا، ولا ينتصفون لغير الحق طريقًا. وأشار التقرير، إلى أن من المقرر إن حرية التعبير، وتفاعل الآراء التي تتولد عنها، لا يجوز تقييدها بأغلال تعوق ممارستها، سواء من ناحية فرض قيود مسبقة على نشرها، أو من ناحية العقوبة اللاحقة التي تتوخى قمعها، بل يتعين أن ينقل المواطنون من خلالها -وعلانية - تلك الأفكار التي تجول في عقولهم، فلا يتهامسون بها نجيًا، بل يطرحونها عزمًا ولو عارضتها السلطة العامة - إحداثًا من جانبهم - وبالوسائل السلمية - لتغيير قد يكون مطلوبًا . وقال التقرير، إن الحقائق لا يجوز إخفاؤها، ومن غير المتصور أن يكون النفاذ إليها ممكنًا في غيبة حرية التعبير، كذلك فإن الذين يعتصمون في الدفاع عن حرية التعبير بما ورد بالدستور من نصوص تؤكد ذلك، لا يملكون مجرد الدفاع عن القضايا التي يؤمنون بها، بل كذلك اختيار الرسائل التي يقدرون مناسبتها وفعاليتها سواء في مجال عرضها أو نشرها، ولو كان بوسعهم إحلال غيرها من البدائل لترويجها، ولعل أكثر ما يهدد حرية التعبير، أن يكون الإيمان بها شكليًا أو سلبيًا، بل يتعين أن يكون الإصرار عليها قبولًا بتبعاتها، وألا يفرض أحد على غيره صمتًا ولو بقوة القانون . وانتهى التقرير إلى أنه يصبح امتناع الجهة الإدارية عن إلغاء وسحب الترخيص الممنوح للشركة مالكة قناتي النهار والنهار +2 قد صادف صحيح حكم الدستور والقانون، الأمر الذي يتعين معه – والحال كذلك – التقرير برفض الدعوى موضوعا، ولا ينال مما سبق ذكره حق المدعي في اللجوء إلى مساءلة المدعى عليهم جنائيًا ومدنيًا عما بدر منهم من تجاوز في حقه أثناء أداء رسالتهم الإعلامية، ومن يخسر الدعوى يُلزم مصروفاتها عملًا بحكم المادة (184) من قانون المرافعات المدنية والتجارية .