أوصت هيئة المفوضين بالدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار تامريوسف طه نائب رئيس مجلس الدولة بقبول الدعوى المقامة من جمال عبد الرحيم رئيس تحرير جريدة الجمهورية المعزول وإصدار حكم قضائى بإلغاء تعيين السيد البابلى رئيس التحرير الحالى وعودة " عبد الرحيم " لمنصبه. واكد تقرير الهيئة ان نقابة الصحفيين هي الجهة التي أناط بها القانون تأديب الصحفيين عما ينسب إليهم من مخالفات تأديبية وجعلها صاحبة الولاية العامة في ذلك وحدها دون غيرها إذا ما وجد لذلك مقتضى وبعد إتباع الإجراءات المقررة قانوناً– وهو الامر الذي يكون معة ارتكان جهة الادارة علية كسبب لتعيين اخر قد صدر ممن لا يملك سلطة إصداره، متضمناً غصباً للسلطة التي عينها القانون ومهدراً لكافة إجراءات وضمانات التأديب التي قررها المشرع للصحفيين.
وقال " التقرير " انة لم يثبت احالة المدعي لثمة تحقيقات امام نقابة الصحفيين نتيجة ما نسب لة عن ملاحظات علي حد قول جهة الادارة وحيث ان الاصل في الشخص الصحة والبراءة الي ان يثبت الادانة وحيث انة لم تثبت ادانتة او صحة مانسب الية في ضوء تحقيقات فذلك كلة لا يغير مما انتهينا الية في شيئ وسيما انة لا يصح ان يكون سبب ترتكن علية جهة الادارة لاصدار قرارها طالما لم تثبت صحتة ومخالفتة لصحيح الواقع والقانون .
وأكدت الهيئة ان النظام القانوني المصري سما بحرية الصحافة إلي أوسع الآفاق وكفلها بحسبانها المظهر الأسمى لحرية التعبير، وبدونها تفقد حرية التعبير مغزاها وتفرغ من مضمونها، وأن حرية التعبير لا يجوز فصلها عن أدواتها ووسائل مباشرتها، وذلك إدراكاً منه بأن الأمل معقود بنواصيها لكشف أوجه الخلل والقصور تنبيها وتحذيراً وتقويماً لأي اعوجاج ، ولكونها الأداة الفاعلة والمؤثرة في تكوين وتوجيه وتنوير الرأي العام وبحسبانها رافداً من روافد الفكر والثقافة لدى الأفراد.
وإيماناً من المشرع بأن حرية الصحافة لن تكون مكفولة إلا بحماية القائمين عليها ومن اولي مقتضيات حماية القائمين عليها احترام جهة الادارة لقراراتها الصادرة بتعيين رؤساء تحرير الصحف والمقررة قانونا والمحددة المدة بثلاث سنوات طالما كانت الغاية من التعيين تحقيق المصلحة العامة والهدف المخصص لها قانونا واصبح يترتب لهم حقوقا مكتسبة فهذا ما تقضي به العدالة الطبيعية ، ويستلزمة الصالح العام ، اذ ليس من العدل في شئ ان تهدد الحقوق كما لا يتفق والمصلحة العامة ان يفقد الناس الثقة والاطمئنان علي استقرار حقوقهم والاصل انة لا يجوز المساس بالحقوق المكتسبة او بالمراكز القانونية والتي تمت سواء اكان اكتسابها بقانون او بقرار والا تتدخل جهة الادارة بأصدار قرارات من شأنها الالتفاف علي الاحكام القضائية الصادرة للافراد للنيل من مراكزهم القانونية ومحاولة لتمرير قرارات جديدة تنال منهم حيث ان احترام احكام القضاء لا يتجلي الا بتنفيذها واذا كان من غير المقبول من الافراد ان يمتنعوا عن تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة ضدهم فأن تقاعس جهة الادارة عن تنفيذ الاحكام الصادرة ضدها وتحديها بالامتناع عن التنفيذ او برفض التنفيذ يعد انتهاكا لحجية تلك الاحكام واهدار لاحكام الدستور والقوانين.
وذكر " التقرير " أنه لما كان الثابت من الاوراق ان المدعي السيد/ جمال احمد عبد الرحيم عين بتاريخ 8/8/2012 رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية وذلك لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد عملا بالمادة 65 من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم سلطة الصحافة وبتاريخ 17/10/2012 اصدر رئيس مجلس الشوري بصفته رئيس المجلس الاعلي للصحافة قرارا بتكليف الاستاذ/ السيد عبدالعظيم البابلي للقيام بعمل رئيس تحرير جريدة الجمهورية.
وطعن المدعي علي ذلك القرار امام محكمة القضاء الاداري بالدعوي رقم 3954 لسنة 67ق وبجلسة 6/11/2012 اصدرت المحكمة حكمها " بقبول الدعوي شكلا وفي الموضوع بوقف تنفيذ القرار المطعون فية فيما تضمنة من ابعاد المدعي عن عملة كرئيس لتحرير صحيفة الجمهورية ، وتكليف الاستاذ/ السيد عبد العظيم البابلي بالقيام بعمل رئيس التحرير مع ما يترتب علي ذلك من اثار اخصها اعادة المدعي لممارسة عملة كرئيس للتحرير مع تنفيذ الحكم بمسودتة وبدون اعلان والزمت الجهة الادارية مصروفات هذا الطلب.
وامرت بأحالة الدعوي الي هيئة مفوضي الدولة لاعداد تقرير بالرأي القاوني في موضوعها " استنادا من المحكمة علي ان القرار المطعون فية قد صدر من رئيس مجلس الشوري بصفته رئيس المجلس الاعلي للصحافة مستهدفا في حقيقتة مساءلة المدعي ومجازاتة تأديبيا عما نشر بالصحيفة ومغتصبا بذلك للسلطة التي عينها القانون ومهدرا لضمانات التحقيق والتأديب المقررة للصحفيين الا ان جهة الادارة امتنعت عن تنفيذ الحكم وهو الامر الذي حدا بة الي اقامة الاشكال رقم 334 لسنة 2012 امام محكمة القضاء الاداري وبتاريخ بطلب الاستمرار في تنفيذ الحكم رقم 3954 لسنة 67 ق.
وبجلسة 13/11/2012 حكمت المحكمة " بقبول الاشكال شكلا وبألزام رئيس مجلس الشوري بصفته في الاستمرار بتنفيذ حكم محكمة القضاء الاداري في الدعوي رقم 3954 لسنة 67 ق مع ما يترتب علي ذلك من اثار واخصها عودة المستشكل الي ممارسة عملة كرئيس تحرير جريدة الجمهورية ، والزمت المستشكل ضدة بصفته المصاريف " .
وحيث انة ولما كان الاصل طبقا للقانون الطبيعي هو احترام الحقوق المكتسبة ، فهذا ما تقضي به العدالة الطبيعية ، ويستلزمة الصالح العام ، اذ ليس من العدل في شئ ان تهدد الحقوق كما لا يتفق والمصلحة العامة ان يفقد الناس الثقة والاطمئنان علي استقرار حقوقهم والاصل انة لا يجوز المساس بالحقوق المكتسبة او بالمراكز القانونية والتي تمت سواء اكان اكتسابها بقانون او بقرار.
الا انه وبتاريخ 26/11/2012 فوجئ المدعي بقرار مجلس الشوري رقم 11 لسنة 2012 بتعيين الاستاذ/ السيد عبد العظيم البابلي رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية للمدة المتبقية لرئاسة التحرير.
واذ صدر القرار المطعون فية رقم 11 بتاريخ 26/11/2012 من قبل رئيس مجلس الشوري متضمنا تعيين الاستاذ/ عبد العظيم البابلي رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية للمدة المتبقية لرئاسة التحرير بدلا من المدعي الذي كان يشغلها من قبل اي بتاريخ 8/8/2012 والتي يكون تاريخ نهوها عملا بالقانون بتاريخ 7/8/2015 مالم يتم التجديد لة عملا بالقانون وهو الميعاد الذي لم يحن بعد لتدخل جهة الادارة واصدارها لقرارها وذلك قبل انتهاء مدة الثلاث سنوات المقررة قانونا لشغل الوظيفة.
فضلا عن ذلك فلم يبين من الاوراق صدور قرارا بسحب او الغاء قرار تعيين المدعي والصادر من قبل بتاريخ 8/8/2012 بتعيينة رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية الامر الذي يجعل قراره مازال ساريا .
وبذلك يكون قرار رئيس مجلس الشوري رقم 11 لسنة 2012 قد جاء معيبا ومخالفا للقانون لعدم احترام الحقوق المكتسبة للمدعي ولعدم انتهاء المدة المقررة قانونا لشغل الوظيفة ولما انطوي علية القرار من مساس بحق المدعي المكتسب في شغل الوظيفة علي مدار ثلاث سنوات بقرار من جهة الادارة فليس من العدل ان تهدد الحقوق والمراكز القانونية المستقرة حتي لا يفقد الناس الثقة والاطمئنان علي استقرار حقوقهم ويتمكنوا من مباشرة اعمالهم علي الوجه الاكمل .
فضلا عن ذلك فلم يطرأ علي المدعي ثمة مستجدات كبلوغة سن التقاعد او تقدمة باستقالتة كي يتدخل مجلس الشوري بالنظر في اعادة اختيار رؤساء التحرير وهو الامر الذي تغل معة سلطة مجلس الشوري في استصدار قرارات من شأنها مساس بمراكز قانونية مستقرة للاعضاء طالما لم تنته مدة الثلاث سنوات المقررة قانونيا او يتوافر لدي احدهم بلوغ سن المعاش وانة وان كان لجهة الادارة ان تستقل بتقدير مناسب لاصدار قراراتها الا انة يجب لصحة هذا القرار ان يتقدم علي وقائع صحيحة متفقة وصحيح الواقع والقانون مستفادة من اصول ثابتة والا يمس حقوق مكتسبة سواء بالقانون او بقرارات تنظيمية مع التأكيد علي ضرورة احترام جهة الادارة لقراراتها او يكون محاولة للالتفاف علي احكام قضائية صادرة وواجبة النفاذ.
وهو الامر الذي يكون معة القرار الصادر من رئيس مجلس الشورى بصفته رئيس المجلس الأعلى للصحافة رقم 11 بتاريخ 26/11/2012 والمتضمن تعيين الاستاذ/ عبد العظيم البابلي رئيسا لتحرير جريدة الجمهورية للمدة المتبقية لرئاسة التحرير بدلا من المدعي الذي كان يشغلها من قبل قد صدر مخالفا لصحيح الواقع والقانون ومحاولة للالتفاف علي الاحكام القضائية الصادرة من قبل والواجبة النفاذ لصالح المدعي ومركزة القانوني الذي رتبة لة الحكم السابق وبذلك يكون القرار محل الدعوي مستوجبا الالغاء .
وقال تقرير هيئة المفوضين أن ما تقدم ما اوردتة جهة الادارة بحافظة مستنداتها من سوء التعامل مع زملائة والعاملين بالمؤسسة وهو ما تجلي في عدد من الشكاوي والمذكرات المقدمة ضده والتي تخلص في اعتيادة التلفظ بألفاظ خارجة لا تليق بمن يشغل منصب رئيس تحرير.
وكذلك خسائر مالية تحملتها المؤسسة ناتجة عن سياسة وممارسات المدعي الخاطئة . وهو الامر الذي علي اساسة اعتبر مجلس الشوري المدعي مفتقدا لمعايير وضوابط سير المؤسسات الصحفية ووافق علي تولي الاستاذ/ عبد العظيم البابلي رئيسا لتحرير الجريدة لما حققة الاخير في فترة تولية منصب رئيس التحرير من كفاءة واقتدار انعكس علي زيادة توزيع الجريدة والنهوض بالعمل وعلية اصدر القرار 11 لسنة 2012 بتعيين الاستاذ/ السيد عبدالعظيم البابلي رئيسا للتحرير خلفا للمدعي للمدة المتبقية لرئاسة تحرير تلك المؤسسة.
وردا علي ذلك فكما نؤكد علي انة كما كفل القانون لجهة الادارة حقها في الرقابة والتحقيق في ثمة مخالفات قد تتكشف لها ارتكابها من قبل الافراد ورسم لها السبيل الذي ينبغي عليها أن تسلكه إذا ما ارتأت في مسلك الفرد ما يمثل خروجاً على مقتضيات الشرف والأمانه والصدق وآداب المهنة وتقاليدها على نحو يستلزم المساءلة وإنزال العقاب إذا ما وجد لذلك مقتضى ، ايضا كفلت للفرد حق الدفاع عن نفسة وتقديم كافة الادلة التي تثبت انتفاء تلك المخالفات عنة من عدمة وكل ذلك في ضوء القوانين واللوائح المنظمة حتي لا تتغول جهة الادارة علي حق الافراد وتكفل لهم حق الدفاع اولي ضمانات التحقيق.
وحيث ان حرية الصحافة والتعبير من الدعامات الاساسية التي تقوم عليها النظم الديمقراطية الحرية فقد غدت من الاصول الدستورية الثابتة في كل بلد ديمقراطي متحضر وحرصت علي توكيدها الدساتير المصرية المتعاقبة وقررها دستور الثورة القائم ولئن كان الدستور قد كفل بمدلولة العام المطلق تلك الحرية فالاصل ان يتمتع بها ادوات واشخاص التعبير والصحافة من رؤساء التحرير والصحفيون وكل قائم علي التعبير مخاطبا بنص الدستور بأعتبارهم اشخاص وادوات التعبير وان الاراء علي اختلافها لا يجوز اجهاضها ولا مصادرة ادواتها او فصلها عن غاياتها ولو كان الاخرون لا يرضون بها او يناهضونها او يرونها منافية لقيم محدودة اهميتها يروجونها او يحيطون ذيوعها بمخاطر يدعونها ولا يكون لها من وضوحها وواقعها ما يبرر القول بوجودها وعلية لا يجوز للقائمين علي جهة الادارة التدخل وتغيير المراكز القانونية المستقرة للاشخاص طالما لم تنتهي قانونا ولم يثبت ارتكاب ثمة مخالفات تستوجب التغيير والا اصبح التدخل بلا ضرورة وغير مبرر لتقييد الاشخاص اصحاب المراكز القانونية المستقرة.