كلمة التطبيع تعني إعادة الأمور لطبيعتها أو جعل الامر طبيعي ويمكن إطلاقها في محاور حياتية متعددة سياسية أو إقتصادية أو فكرية وفنية وأدبية و ... إجتماعية. ونحن علي أعتاب مرحلة سياسية حديثة العهد ما زالت تخطو خطواتها الاولي في مناخ ملتهب ومنقسم سياسياً . وتحاول وتجتهد لعبور عامي التجربة بما يحفظ للدولة كيانها ويعيد ترسيخ القواعد والثوابت التي إهتز بعضها وهدم الأخر. هل سيقبل الشعب المصري أو قيادته الجديدة بفكرة التطبيع سياسياً مع قيادات جماعة الإخوان ونوابهم وحلفائهم ؟ .. كل المؤشرات تشير لرفض الشارع المصري وعدم قبوله لأي عودة للإخوان للحياة السياسية . وبالطبع نتج ذلك عن التجربة القيادية الفاشلة لحكم الجماعة وكل المعطيات التي من أجلها خرج الشعب عليهم ثائراً . وطبعاً وبالإضافة الكبري لدور التكاتف الإعلامي المتنوع الحافظ لهذا الرفض والمذكر له علي الدوام بشكل أصبح ممل بعض الشئ . ليس من أجل الجماعة وأربابها أطرح هذا السؤال بل من أجل رموز الماضي التي حكمت لعهد أكثر من الإخوان وأفسدوا ونهبوا من قوت الشعب علي خلاف جرائم الإخوان ما هو أكثر وأفدح . دعونا ننظر بمصداقية لحالنا ونحن نري ونرصد عودة سياسية منظمة لأسماء من ماضي ما قبل يناير إعتلت عروش فأفسدتها وأهملت وتطاولت بما يكفي لمحوهم من ذاكرة تلك الأمة . كيف لنا أن نقبل مجرد فكرة عودة الأمور لطبيعتها مع اسماء بعينها نثق تماماً في أنهم صنعوا ثروات من قوت هذا الشعب .. وعلي حساب فقرائه ومعدوميه. وقبل أن يتفوه هذا وذاك من المدافعين عن أوليائهم وأرباب نعمهم بالدفاع وبحقوقهم وبالأحكام وبعدم الأدلة . أقول إنزعوا عنكم المثالية المزيفة فالواقع خير دليل وشاهد علي فداحة الجرم وفداحة الذنب ولتنزعوا عصابات الظلام عن أعينكم الطامعة . وفكرة التطبيع مع هؤلاء في محيط القيادة الجديدة أمر غاية في الخطورة سياسياً وإدارياً وتنفيذياً بما ستسدعيه عقولهم وكما خبرناها نفس الآليات الفاسدة التي تشبعت بها أفعالهم أياً كانت . وسوف يظلون أوفياء أولياء لعهدهم وماضيهم ورفقائهم. وأعتقد أن ديمقراطية الصندوق لن تكون الفيصل الحقيقي في إبعادهم تحت سماء تنهشها الحاجة الإقتصادية وأرض مهترئة تحت وطأة صعوبات الحياة .. وتلك الأموال التي جنوها من الماضي لا ضير من أن يمطروها لإسترجاعه. إن هذا التطبيع السياسي الممنهج يتطلب قرار حاسم قبل ذكري يناير القادم ، سيكون فيه المصل والترياق للمرحلة الحرجة التي إشتدت فيها السواعد آملة البناء . إن إستدعاء فكرة القرار الحاسم للتأويلات ستجني بعض الصدام ربما ولكنها ستربح تفادياً لصدام متجدد علي الدوام . ولن ينجح التكتل الإعلامي الموجه إن أخلص وأراد أن يوقف هذا الزحف الممنهج أيضاً بسبب تدخل المال الذي سيكون حجر عثرة ضخم في توجيه الوعي لحسم الصندوق .. علينا أن نقلب صفحة الماضي بحقيبتيه الوطني والإخواني وأن نتدخل جميعاً بما نملك كل منا في موقعه ، وأن نتكاتف لكتابة صفحة جديدة لا تقبل من أفسد أو خان ..هذا الوطن.