وزارة الأوقاف تعلن عن وظيفة وكيل دائم (الشروط وطريقة التقديم)    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 19 أغسطس    حركة القطارات | 90 دقيقة متوسط تأخيرات «بنها وبورسعيد».. اليوم الثلاثاء    الأمم المتحدة: مقتل عدد قياسي من عمال الإغاثة خلال 2024 ونصفهم في غزة    رئيسة المفوضية الأوروبية تشكر ترامب على جهوده من أجل إعادة أطفال أوكرانيا المخطوفين    رئيس الوزراء يصل مقر انعقاد منتدى مجلس الأعمال المصري الياباني في طوكيو    هل محادثات ماكرون مع ترامب تتطرقت إلى تنازل أوكرانيا عن أراض؟    موعد مباراة المصري وبيراميدز في الدوري الممتاز والقناة الناقلة    الأرصاد تحذر من ارتفاع مؤقت في درجات الحرارة    بحثاً عن جثمان صغير.. رفع عبّارة نيلية بطهطا ابتلعه النيل أثناء التنزه بسوهاج "صور"    يعرض قريبا، تعرف على قصة وأبطال مسلسل أزمة ثقة    نجلة طلعت زكريا تكشف سر عن أحمد فهمي تجاه والدها الراحل    أوبن إيه آي تدرس إضافة إعلانات ل ChatGPT بحذر    دراسة تحذّر من الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في الفحوص الطبية    وداعا لتقديرات الأطباء، الذكاء الاصطناعي يحدد موعد ولادة الجنين بدقة 95 %    الماريجوانا على رأس المضبوطات.. جمارك مطار القاهرة تحبط محاولات تهريب بضائع وأسلحة بيضاء ومخدرات    ضبط سائق دهس شابًا وفر هاربًا بالفيوم    وزير الزراعة: نستهدف 12 مليار دولار صادرات زراعية هذا العام.. وإضافة 3 ملايين فدان خلال 3 سنوات    رئيس «مدينة مصر»: نسبة إلغاء التعاقدات فى معدلاتها الطبيعية ولا تتجاوز 6%    إصابة عامل إثر حريق داخل مطعم فى منطقة التجمع    رسميًا.. جدول صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 بعد بيان وزارة المالية (اعرف هتقبض كام؟)    مخاطر الخلط بين أبحاث علوم الفضاء وفقه أحكام الفضاء    «الصفحة اتقفلت».. آمال ماهر تحسم موقفها من عودة «الإكس» (فيديو)    5 شهداء جنوب شرقى مدينة دير البلح    ماكرون: لا سلام دون توفير الضمانات الأمنية لأوكرانيا    "الجبهة الوطنية بالفيوم" ينظم حوارًا مجتمعيًا حول تعديلات قانون ذوي الإعاقة    تحت عنوان «حسن الخُلق».. أوقاف قنا تُعقد 131 قافلة دعوية لنشر الفكر المستنير    رسميًا.. 24 توجيهًا عاجلًا من التعليم لضبط المدارس قبل انطلاق العام الدراسي الجديد 20252026    عيار 21 الآن بعد الانخفاض.. أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 19 أغسطس 2025 بأسواق الصاغة    الاتحاد الأوروبي يخفض وارداته من النفط إلى أدنى مستوى تاريخي    ترامب: أوروبا ستقدم الضمانات الأمنية لأوكرانيا    د. إيهاب خليفة يكتب: الثورة المعرفية الجديدة .. الاستعداد لمرحلة الذكاء الاصطناعي «العام»    مستند.. التعليم تُقدم شرحًا تفصيليًا للمواد الدراسية بشهادة البكالوريا المصرية    رئيس وزراء السودان يطالب الأمم المتحدة بفتح ممرات إنسانية في الفاشر    فرصة لطلاب المرحلة الثالثة.. تعرف الجامعات والمعاهد في معرض أخبار اليوم التعليمي    تفاصيل إصابة علي معلول مع الصفاقسي    وقت مناسب لترتيب الأولويات.. حظ برج الدلو اليوم 19 أغسطس    «زي النهارده».. وفاة الكاتب محفوظ عبد الرحمن 19 أغسطس 2017    الزمالك يطمئن جماهيره على الحالة الصحية ل«فيريرا»    "أقنعني وتنمر".. 5 صور لمواقف رومانسية بين محمد النني وزوجته الثانية    عشبة رخيصة قد توفّر عليك مصاريف علاج 5 أمراض.. سلاح طبيعي ضد التهاب المفاصل والسرطان    محافظ سوهاج يُقرر خفض تنسيق القبول بالثانوي العام إلى 233 درجة    عماد النحاس يكشف موقف لاعبي الأهلي المصابين من المشاركة في المباريات المقبلة    مفاجأة حول عرض لانس الفرنسي لضم ديانج من الأهلي    حقيقة إصابة أشرف داري في مران الأهلي وموقف ياسين مرعي من مباراة غزل المحلة    حدث بالفن | مطرب مهرجانات يزيل "التاتو" وإصابة فنانة وتعليق نجل تيمور تيمور على وفاة والده    محافظ الدقهلية يفتتح حمام سباحة التعليم بالجلاء بتكلفة 4.5 مليون جنيه.. صور    للربط مع مصر.. إنزال الكابل البحري عالى السعة في مدينة العقبة بالإردن    شام الذهبي في جلسة تصوير رومانسية مع زوجها: مفيش كلام يتقال    أستاذ تاريخ: مقولة "من النيل إلى الفرات" تزييف تاريخي صدره الصهاينة    ضياء السيد: الأهلي سيواجه أزمة أمام بيراميدز.. والتسجيل سيدين محمد معروف    «لو العصير وقع علي فستان فرحك».. حيل ذكية لإنقاذ الموقف بسرعة دون الشعور بحرج    ما علاج الفتور في العبادة؟.. أمين الفتوى يجيب    هل يجوز قضاء الصيام عن الميت؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى: تركة المتوفاة تُوزع شرعًا حتى لو رفضت ذلك في حياتها    رئيس «جهار» يبحث اعتماد المنشآت الصحية بالإسكندرية استعدادآ ل«التأمين الشامل»    البحوث الفلكية : غرة شهر ربيع الأول 1447ه فلكياً الأحد 24 أغسطس    هل المولد النبوي الشريف عطلة رسمية في السعودية؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التطبيع والمطبعون في مصر
نشر في البديل يوم 20 - 08 - 2014


د. رفعت سيد أحمد ، التطبيع والمطبعون في مصر
دراسة موثقة لوقائع التطبيع مع الكيان الصهيوني
التطبيع في عهد السادات – مبارك ارتبط بالتبعية.. وأكمل ضياع الدور المصري
ثورتا يناير ويونيو لن تكتملا إلا بموقف حاسم من التطبيع
إسرائيل استغلت علاقاتها مع الغرب لخنق مصر في سنوات التطبيع الأولى
تبدأ موسوعة "التطبيع والمطبعون في مصر" بمقدمة مهمة توثق لعمليات التطبيع بين الكيان الصهيونى والنظام المصري في عهدي (السادات مبارك) والذي حددت إطاره أربع اتفاقيات: (اتفاقية كامب ديفيد 1978 – معاهدة السلام 1979 – فتح سفارة للعدو 1980 – اتفاقية القوات متعددة الجنسيات فى سيناء 1981) وتوضح الموسوعة ارتباط هذا التطبيع بالفساد والاستبداد والتبعية وأكمل معهم دائرة ضياع الدور المصرى وموت (الوطن)، وأن ثورتي 25 يناير و30 يونيو لن يكتملا إلَّا بموقف قاطع وحاسم من (التطبيع).. فلا ثورة حقيقية بدون قطيعة مع العدو الصهيوني، وتضمنت الموسوعة استغلال إسرائيل العلاقات مع دول الغرب لمزيد من التطبيع وخنق مصر في سنوات التطبيع الأولى باسم الاحتكاك الثقافي والسياسي، وتكبيل مصر بقيود التبعية لتبني عليها جسرًا من التطبيع الحرام.
تقول الموسوعة التي أعدها الكاتب والباحث في الصراع العربي الصهيوني الدكتور رفعت سيد أحمد: طويلة هي قصة الصراع العربي الصهيوني، معقدة هي فصولها، ولعل فصل العلاقات المصرية – الإسرائيلية هو أكثرها طولًا وتعقيدًا، نظرًا لمحورية (مصر) في أمتها العربية، ولأن العدو الصهيوني اعتبرها العقبة الأولى والأخطر في المنطقة، والتي تحول دون ترسيخ وجوده في فلسطين واختراقه المحيط العربي والإسلامي، خاصة بعد فترة من العداء والمقاومة الصريحة له من نكبة 1948 وحتى حرب 1973، وكانت ذروتها الحقبة الناصرية بخطابها الثوري، بتجربتها المعاشة سواء؛ بانتصاراتها (1956) أو انكساراتها (1967)، ولقد كانت مصر هي الأبرز والأهم في قصة الصراع سواء من المنظور الصهيوني أو من ناحية الواقع العربي، ولذلك عملت الاستراتيجية الإسرائيلية على هزيمتها وإن لم تفلح فاختراقها وتحييدها، ولا بأس من عزلها تدريجيًّا عن أمتها وقضاياها، وهذا هو جوهر ما سمى لاحقًا ب"التطبيع" الذي استهدف بالأساس "تعرية مصر" عن ردائها العربي وفصلها عن جسدها الإسلامي وثقافتها التاريخية التى كانت "المقاومة" لمشروعات الاستعمار والهيمنة على قمتها.
لقد هدفت إسرائيل من خلال علاقاتها "التصارعية" (1948 – 1977) أو التصالحية (1977 حتى اليوم 2014) إلى عزل وتحييد مصر والهيمنة على قرارها المستقل وتحويلها إلى مجرد دولة ثانوية بلا تأثير، في محيطها العربي والإسلامي، والغريب أنها وفي ذروة الصراع والحروب لم تنجح في هدفها هذا، لكنها بما سمى "بالسلام" والتسوية والعلاقات الاقتصادية والسياسية أو بما اصطلح على تسميته ب(التطبيع) نجحت على الأقل على مستوى القيادة الحاكمة، وإن استعصى عليها الشعب بنخبته طيلة ما يزيد على 37 عامًا من التطبيع في شؤون الحياة المصرية كافة، وبعد ثورة 25 يناير فوجئت إسرائيل قبل غيرها (ونقصد بغيرها هنا واشنطن ومن صار فى ركابها من نخب ودول إقليمية ودولية)، بأن هذا الشعب الذي أرادت اختراقه وتعريته وعزله والهيمنة عليه من خلال "التطبيع"، وما ارتبط به من المعونة الأمريكية (2.1 مليار دولار سنويًّا) ثار عليها وأحرق سفارتها مرتين، وفجر خط الغاز الموصل إليها بأبخس الأسعار ستة عشر مرة في العامين التاليين للثورة، فوجئت إسرائيل بكم ونوع العداء الشعبي لها بعد ثورة أولى في (25 يناير 2011) على من أسمته بكنزها الاستراتيجي (حسنى مبارك)، وبعد ثورة ثانية (30/6/2013) على تفاهمات كادت أن تكتمل مع بعض قوى ما يسمى بالإسلام السياسى لخلق شرق أوسط إسرائيلى/أمريكى جديد بقشرة إسلامية، يضمن بقاء إسرائيل وقوة العلاقات معها، فوجئت تل أبيب وواشنطن، ومن دار في فلكها بهذا الشعب، وبتلك "الروح" التي عادت إليه رافضة "التطبيع" بنفس قوة رفضها للاستبداد وسياسات الإفقار والعيش غير الكريم.
إن قصة "التطبيع" بين الكيان الصهيونى ومصر إذن قصة مركبة ومتراكمة الأبعاد والدلالات، وهي لا تزال مستمرة، وإن بدت في الأفق دلائل نهايتها، بعد ثورتي (25 يناير و30 يونيو) وترتبط ارتباطًا وثيقًا بقضايا مصر الاجتماعية والديمقراطية والسياسية، وبقضايا الوطن العربي على تنوعها وتعقدها؛ إن "التطبيع" أو العلاقات المصرية الإسرائيلية، الذي بدأ بزيارة السادات للقدس في نوفمبر 1977؛ ولا يزال مستمرًا حتى اليوم (2014)؛ يحتاج إلى إعادة فتح للملفات وإعادة قراءة لما بداخلها من أسرار وحقائق، والتي من خلال فرزها ونقدها، نستطيع أن نرسم خريطة صحيحة للمستقبل، فلا مستقبل لمصر (ومن ثم للوطن العربى) دون موقف واضح وجذرى من العدو الصهيونى، ولا مستقبل لمصر دون مراجعة دقيقة وحاسمة لاتفاقات كامب ديفيد (1978) ولمعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية (1979) بما يتفق وحاجات الأمن القومى (الحقيقى) للبلاد وليس الأمن (الشخصى) للحكام الذين ربطوا – ولا يزالون – أنفسهم بهذا السلام المذل مع الكيان الصهيونى.
ومن أجل المستقبل، أعددنا هذه (الموسوعة)، عن العلاقات المصرية – الإسرائيلية فى اثنين وثلاثين عامًا (1979-2011)، أعددناها ليس فحسب بهدف الاستغراق فى الماضى، بل بهدف أخذ العبر والدروس منه خاصة فى مجال العلاقات مع هذا العدو التاريخى للأمة، والتى بدون تدبرها والتعلم منها، لن نبنى وطنًا حرًّا فى إرادته واختياراته، واعيًا بخنادق الأعداء جيدًا مدركًا سبل مواجهتها والتغلب عليها.
وفى سبيلنا لفتح ملفات التطبيع بين مصر وإسرائيل، نحتاج إلى أكبر قدر من الموضوعية (وليس الحياد لأنه لا "حياد" مع قضايا الوطن المصيرية والمقاومة المشروعة للعدو الصهيونى تأتى فى مقدمة تلك القضايا) أما الموضوعية فهى الدقة، والعلمية والأمانة فى نقل الخبر والتعليق عليه، وفى رصد التطورات الاجتماعية والسياسية المرتبطة بهذا الصراع الممتد مع الكيان الصهيونى، إن ما تحاول (الموسوعة) القيام به هو رصد وتحليل أبرز الأحداث والسياسات والمواقف فى العلاقات المصرية – الإسرائيلية منذ توقيع معاهدة السلام (1979) وحتى بدايات الثورة المصرية فى 25 يناير 2011، وهى فترة زمنية طويلة زمنيًّا وثرية بأحداثها ووقائعها (32 عامًا) ، ومن ثم هى تحتاج إلى انتقاء (غير مخل) وتدقيق ، وتحليل رصين للوقائع والأحداث، حاولنا بقدر المستطاع أن نقوم به وأن نوزعه على المجالات كافة التي جرى فيها التطبيع (سياسية – اقتصادية – ثقافية – إعلامية – اجتماعية – أمنية- إلخ) . ووزعناها على أبواب وفصول وأرفقنا فى نهاية الموسوعة عددًا من الوثائق التى رأينا أنها قد تدعم الحقائق والوقائع التى وردت فى هذا العمل الذى استغرق منا قرابة ال6 أعوام من الرصد والتوثيق والتحليل، ومن الفرز الدقيق لعشرات الوثائق والدراسات والملفات، هذا ولقد عاوننا فى هذا العمل، فريق متميز من الباحثين والخبراء الذين نعتز بهم وبإسهامهم الكبير وهم الأساتذة (فاروق العشرى – عبد القادر ياسين – محمود عبده – إيهاب شوقي – د.فتحى حسين – محمد قاياتي – د. على أبو الخير – محمد دنيا – محمود سامى – أسامة عبد الحق) فلهم كل التقدير والاحترام على جهودهم وأبحاثهم ومساهماتهم الفذة.
إن "التطبيع" لغة يعنى إعادة العلاقات لتكون مرة أخرى طبيعية بين أفراد أو جماعات أو دول، وهو الأمر غير الصحيح، بالنسبة للحالة (المصرية – الإسرائيلية) فلا كانت هناك علاقات طبيعية بينهما لكى يتم إعادتها ثانية أو تطبيعها مرة أخرى، بل كان هناك عداء دائم وصراع مستمر بين أصحاب حق فى مواجهة قوى الباطل الراغبة فى الهيمنة والاحتلال، من هنا تصبح كلمة (اختراق) أو هيمنة هى الأدق فى مجال وصف العلاقات المصرية – الإسرائيلية، لكنا سنستخدمه هنا تجاوزًا وتماشيًا مع ما صار لفظاً شائعًا ومستخدماً فى الأدبيات السياسية المصرية وتحديدًا أدبيات الصراع العربى – الصهيونى. مع إدراكنا لحقيقته وجوهره.
* إن هذا العمل الذى بين أيدى القارئ العربى، ليس كل أحداث ووقائع ووثائق (التطبيع) لأنها فى الواقع إذا ما رصدت ووثقت فسوف تصل إلى أضعاف صفحات هذا العمل (والذى اقتربت صفحاته من ال2500 صفحة)، لكن ما بين أيدينا هو "بعض" و"جزء" من كل، حاولنا بقدر المستطاع أن يكون ممثلًا لأبرز وأهم الوقائع والأحداث، فالقضية أكبر وأوسع وأكثر ثراء، وتعقيدًا وكان للعديد من باحثينا ومثقفينا إسهامات رائدة فيها منذ لامست أرجل الصهاينة أرض مصر وسيرد ذكرهم فى ثنايا البحث؛ فلمن سبقنا فى هذا المضمار البحثى، والجهادى، كل التقدير، ولكن لا تزال هذه القضية تحتاج إلى أعمال وجهود أخرى نحسبها آتية – إن شاء الله – من باحثين ومفكرين وطنيين يعلمون جيدًا حقيقة هذا الصراع، ومستهدفاته ويعملون بإخلاص على مقاومته بالمعرفة وبالدعوة للجهاد ضده، بالكلمة والعمل، فتحية لهم ولمن سيواصل الطريق.
وبعد..
إن هذه (الموسوعة) تسعى لأن تكون لبنة فى بناء حائط صد ضد الهجمة الصهيونية – الأمريكية على العقل والثقافة والاقتصاد والسياسة العربية المستقلة، نأمل أن تفيد وهى فى سبيلها إلى ذلك قسمت إلى ستة أبواب رئيسة، وهى تتناول الوقائع السياسية، والاقتصادية والثقافية والإعلامية، والاجتماعية، والدينية خلال الفترة (1979 – 2011)، وقد تمتد إلى ما قبل أو ما بعد هذه الفترة؛ بحكم البحث وضروراته، وقد سبقناها بفصل تمهيدى عن "مقدمات التطبيع" وخريطته الرئيسة التى ستتناولها الموسوعة، وختمناها بفصل ختامى عن التطبيع بعد ثورة يناير 2011، أما أبواب الموسوعة والتى وزعت على ستة أبواب فبيانها كالتالى:
الباب الأول : التطبيع السياسى
الباب الثانى :التطبيع الاقتصادى
الباب الثالث: التطبيع الإعلامى
الباب الرابع :التطبيع الثقافى
الباب الخامس: التطبيع الاجتماعى
الباب السادس :التطبيع الدينى
الفصل الختامى :التطبيع بعد الثورة
نأمل من الله أن نكون قد وفقنا فيما ذهبنا إليه، وأن يمثل هذا العمل خطوة على الطريق الصحيح : طريق المقاومة الحقة لتحرير فلسطين، وبلادنا العربية من هذا الخطر الصهيونى الذى لا يزال قائمًا ومؤثرًا.
وفى هذه الحلقات.. نقدم بعضًا من أبرز أجزاء الموسوعة، ومن قصة التطبيع الحرام مع العدو الصهيونى الذى دفعت مصر فى عهدى السادات ومبارك ثمنه غاليًا من حريتها وقرارها السياسى غير المستقل، فماذا عن هذا التطبيع فى الفترة 1979 – 2011؟
فى الفصل التمهيدى لموسوعة التطبيع والمطبعون والمعنون ب"مقدمات التطبيع" يقول المؤلف د. رفعت سيد أحمد: لا يستقيم الحديث عن تنامي ظاهرة التطبيع الثقافي والاقتصادي والسياسي والاجتماعى والدينى، اليوم مع العدو الصهيوني، دونما عودة توثيقية لسنوات التطبيع الأولى بين إسرائيل والحكومة المصرية، ومن المهم بداية العلم بأن الإطار العام الذى حكم العلاقات المصرية – الإسرائيلية تمثل فى ثلاث اتفاقيات هى : [1 – اتفاقية كامب ديفيد 17/9/1978. 2 – معاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية 26/3/1979 والذى تلاه افتتاح سفارة إسرائيلية يوم 26/2/1980. 3 – اتفاقية القوات متعددة الجنسية 3/8/1981 ] وهذه الاتفاقيات بقدر ما مثلت إطارًا عامًّا للسلام بين الدولتين، مثلت أيضًا قيدًا كبيرًا على الإرادة المصرية فى السيطرة على سيناء وعلى السياسة المصرية منذ 1979، وفى السنوات الأولى التالية لتوقيعها، وضعت ما يمكن تسميته باللبنات الأولى لسياسات واقتصاديات التطبيع، وفيها تم تجريب الأفكار والخطط التطبيعية حتى يسهل ممارستها في السنوات التالية، وفي هذا الفصل التمهيدى نقترب من قضية التطبيع (وتحديداً التطبيع الثقافي) في سنيه الأولى، وما ارتبط به من مقولات بدت كبيرة ومدوية (مثل الاحتكاك الحضاري والعلمي مع الآخر) وأن صراعنا مع إسرائيل فقط صراع نفسي ولابد من إسقاط جدار العداوة النفسية مع الآخر مقولات مع الزمن ثبت أنها كانت زائفة، وكان يراد بها تسهيل عملية الاختراق المنظم للعقل والمجتمع المصري، حتى يبتلع الجريمة ويمررها، وهو ما جرى منذ توقيع اتفاقات كامب ديفيد (1978) وتوقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية (مارس 1979) وحتى يومنا هذا.
* * * * *
* فور توقيع اتفاقات كامب ديفيد (17سبتمبر – 1978)، ولعدة سنوات تحتل عقد الثمانينات من القرن الماضي، كانت المنطقة العربية تعيش حالة من الممكن تسميتها ب"هزيمة الذات"، على مستوى الفكر والحركة السياسية، حالة نفسية وسياسية معقدة، تتجاوز حدود القيادة الحاكمة إلى حيث بعض النخب المثقفة والمواطن العادي، وتبدت أهم مظاهرها في تلك السنوات فى الشعور الدفين بفقدان القدرة على الفعل، وعلى المواجهة المنظمة للتحديات المحيطة وغياب الإرادة الجماعية القادرة على فرز التناقضات الثانوية من تلك الرئيسية والتي يحتل الصراع العربي الصهيوني قمتها.
* وفي ظل حالة الهزيمة تلك، بات يومها من المتوقع اختلاط المعايير القيمية والسياسية داخل القطر العربي الواحد وليس فقط بين الأقطار العربية مجتمعة، وعليه وردت إلينا آنئذٍ – وطبعًا لا تزال ترد - قيمًا جديدة في مجالات الثقافة والبحث العلمي مثلما وردت في مجالات السياسة والاقتصاد، وسمعنا بما يسمى بظاهرة "البحوث الاجتماعية والثقافية المشتركة" بين هيئات وباحثين أجانب وبين هيئات وباحثين عرب، أكسبوها مسميات عدة من قبيل "التعاون العلمي" و"الاحتكاك الحضاري" و"اكتساب الخبرة" تمامًا مثلما اكتسبت مفاهيم من قبيل "التبعية" و"الاحتلال الاقتصادي" مسميات أخرى من قبيل "استثمار رأس المال الأجنبي" و"المعونة الاقتصادية" و"الدعم الدولي" وغير ذلك من مسميات خارجية لا تستطيع بأي حال أن تخفي القيم الحقيقية والجوهر السياسي والاقتصادي للمفهوم!.
* وقد تكون الإرهاصات الأولى لهذه الهزيمة الذاتية ولحالة اختلاط المعايير والقيم، قديمة وسابقة على سنوات التطبيع الأولى فى الثمانينات حيث تعود إلى السنوات الأولى التالية لحرب 1967، بيد أن البداية الحقيقية لاشتداد سطوتها في تصورنا تعود إلى المرحلة التالية لحرب 1973، وبدء ما يسمى بالحقبة النفطية وما استقدمته معها من قيم ومفاهيم بنائية جديدة أثرت أول ما أثرت على "مجتمعات المواجهة"، ونقصد الدول المواجهة لإسرائيل وبالأخص (لبنان – مصر- الأردنسوريا)، والتي تبدى فيها أكثر من غيرها حالة "الهزيمة" واختلاط المعايير القيمية والثقافية والسياسية المذكورة. وأيضًا وهنا المفارقة التاريخية المهمة، ردود الفعل المقاومة لتلك الهزيمة وبدء ما يسمى بالحرب الشعبية وحروب العصابات والانتفاضات وحركات مقاومة التطبيع على اختلافها وتنوعها.
** القضية التي ركز عليها الفصل التمهيدى للعمل الموسوعى، هي كيف أن الاستثمار الغربي – والإسرائيلي على وجه الخصوص لحالة "هزيمة الذات" تلك – التي واكبت سنوات التطبيع المصري/ الإسرائيلي الأولى أواخر السبعينات وأوائل عقد الثمانينات من القرن الماضي كان مؤثراً، وأن الأخطار التي صاحبته ثم أعقبته كانت مؤلمة إلى الدرجة التي تطلبت مواجهة عربية جديدة متعددة الأدوات والمستويات، آخذة في حساباتها المتغيرات المتجددة الحاصلة داخل أركان الجسد العربي والتي اكتسبت حيويتها بعد مبادرة السادات بزيارة القدس عام 1977، وفي ظل سياسات كامب ديفيد (1978) وما تلاها.
* من هنا فالقضية المحورية التي ندرسها باتت لها جوانب مهمة تتصل بمحاولات احتلال العقل العربي من قبل الاستراتيجية الأمريكية والغربية إجمالًا والاستراتيجية الصهيونية على وجه الخصوص, والتي أخذت مظاهر عدة على الصعد كافة الاقتصادية والسياسية والثقافية وغيرها فعلى المستوى الثقافى كمثال على شكل مؤتمرات علمية مشتركة تارة، أو أبحاث اجتماعية وسياسية مشتركة بين أساتذة يهود وعرب تارة أخرى، أو تارة ثالثة بناء مؤسسات علمية صهيونية داخل بعض الأقطار العربية تحت غطاء أمريكي أو أوروبي غير مباشر أو مؤسسات صهيونية مباشرة مثل "المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة" والذي أنشئ عام 1982 (أوردت الموسوعة تفصيلاً فى أبوابها الستة).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.