قال مسؤول مخضرم في منظمة (أطباء بلا حدود) لرويترز إن المنظمة الخيرية "أضاعت وقتا" حين انتظرت فترة طويلة جدا قبل أن تدعو لتطوير لقاحات لمكافحة موجة تفش غير مسبوقة لفيروس الإيبولا في دول غرب أفريقيا. ويلقى أسلوب تعامل المنظمة مع موجة تفشي الوباء الذي قتل حتى الآن أكثر من خمسة آلاف شخص ثناء واسعا من الحكومات ومنظمة الصحة العالمية. ففي الوقت الذي أبدت فيه الدول المانحة ترددا وانسحبت منظمات إغاثية أخرى نشرت أطباء بلا حدود المئات من عامليها في "المناطق الساخنة" وعالجت أكثر من ثلاثة آلاف مريض بالإيبولا. وقال جان إيرفيه برادول عضو مركز أبحاث تابع لمنظمة أطباء بلا حدود إن المنظمة الاغاثية اعتمدت إلى حد كبير على استراتيجيات طورتها خلال موجات تفش محدودة سابقة للمرض مما أدى إلى ارتكابها عددا من الأخطاء في الوقت الذي كان فيه الوباء الآخذ في الانتشار في عدد من الدول يواصل الضغط على إمكانياتها. وأضاف لرويترز "كانت استجابتنا موجهة أكثر من اللازم في الاتجاه الذي رسمته إدارة موجات تفش سابقة." وقال إن الدعوة العامة التي وجهتها المنظمة لتطوير لقاح للإيبولا في سبتمبر أيلول الماضي تأخرت شهورا. ومضى يقول "أضعنا وقتا قبل التحدث عن لقاح وعلاجات.. من الصعب جدا تصور السيطرة على هذا الوباء الآن دون لقاح." ومنظمة أطباء بلا حدود هي الوحيدة التي تعاملت بشكل مكثف مع الإيبولا في الأعوام العشرين الأخيرة. وعندما بدأ انتشار الوباء الذي تم اكتشافه في مارس آذار ركزت المنظمة على الإجراءات المعتادة كعزل المرضى وتتبع كل من تعامل معهم. وفي الوقت عينه انتقدت المنظمة -التي تعالج المرضى في مراكزها الستة في غينيا وجارتيها ليبيريا وسيراليون- بطء الاستجابة الدولية كما اشتبكت علانية مع حكومة غينيا ومنظمة الصحة العالمية اللتين اتهمتاها بإثارة الذعر العام. ومنذ ذلك الحين تعرضت منظمة الصحة العالمية لانتقادات واسعة لبطء تعاملها مع انتشار الوباء وتطميناتها المبكرة على الرغم من تحذيرات أطباء بلا حدود. وقالت منظمة الصحة إنها ستنشر مراجعة كاملة لكيفية تعاملها مع الوباء ما إن يصبح تحت السيطرة. وتسرع عدة شركات حاليا من تجارب تطوير لقاح للإيبولا. وبدأ بالفعل اختبار لقاحين من إنتاج جلاكسو سميثكلاين ونيو لينك جنيتيكس في أفريقيا وأوروبا. من ناحية أخرى قالت أطباء بلا حدود اليوم الخميس إن التجارب الإكلينيكية لثلاثة عقاقير جديدة ستبدأ في ديسمبر كانون الأول في غينياوليبيريا في المراكز الطبية التي تديرها. وانتقلت عدوى الإيبولا في غرب أفريقيا لأكثر من 13 ألف شخص. تشكلت منظمة أطباء بلا حدود عام 1971 حين أسسها مجموعة من الاطباء والصحفيين الفرنسيين الذين أثار سخطهم سكوت منظمات الإغاثة عن حصار نيجيريا وتجويع انفصاليي إقليم بيافرا. وهي تفخر بسرعتها واستقلاليتها إذ أن 90 في المئة من ميزانيتها العالمية البالغة 1.3 مليار دولار توفره مجموعة من المانحين الأفراد الصغار مما لا يدفعها لطلب إذن من أي داعم رئيسي واحد قبل أن تتحرك. وطرحت موجة تفشي الإيبولا الحالية عددا من التحديات الاخلاقية امام المنظمة. فبينما كان خبير الإيبولا الأبرز في سيراليون الدكتور شيخ عمر خان على فراش الموت جراء إصابته بالمرض في يوليو تموز الماضي قرر أطباء المنظمة بعد جدالات مشحونة ألا يعالجوه بدواء تجريبي مبررين قرارهم بأن آثاره غير معروفة كما أن مخزونه ضئيل ومن ثم لن يكون من الإنصاف منحه رعاية متميزة. لكن عندما اصيب افراد في الطاقم الطبي الدولي بالمرض -بينهم ممرضتان اوروبيتان تعملان مع المنظمة- تم اجلاؤهم وعلاجهم بالدواء عينه. مثل هذه الوقائع أثارت جدلا داخل المنظمة عن الأسباب التي تمنع تقديم هذه العلاجات التجريبية للمرضى وأطقمها الطبية المحلية التي توفي منها عدد غير مسبوق بلغ 15 شخصا. وقال برادول عضو مركز (انعكاس على العمل الإنساني) الذي يتبع أطباء بلا حدود ويقع مقره في باريس نقلا عن توجيهات المركز "إذا كنت تعتبر أن الأدوية غير آمنة لأنها تجريبية لكن في الوقت نفسه تقدمها لمن هم في الخارج فإن هذا ينافي المنطق." ونشرت المنظمة أكثر من 700 شخص من العمالة الأجنبية اجمالا لمحاربة الإيبولا وهي تبدل فرق العاملين كل ستة اسابيع.