من أعلى جبل "جرزيم" بجنوب مدينة "نابلس" الفلسطينية ومن على ارتفاع 881 مترا، بعثت الطائفة "السامرية" اليهودية برسالة سلام إلى الفلسطينيين والإسرائيليين مفاداها "الحرب خسارة وهزيمة لجميع الأطراف" وهو الأمر الذي دائما ما يحلم به أبناء الطائفة ويصلون من أجله لاسيما خلال احتفالهم السنوي بعيد "العرش" وهو ذكرى خروج "بني إسرائيل" من مصر. وقال الكاهن "حسني السامري" مدير عام المتحف السامري - في تصريح خاص لموفدة وكالة أنباء الشرق الأوسط برام الله بالضفة الغربية - إن هذه الرسالة بعثتها الطائفة إلى الطرفين خلال احتفالاتها بعيد "العرش" مؤخرا والذي يصعد خلاله الرجال قبل بزوغ أشعة الشمس إلى أعلى جبل "جرزيم" بجنوب مدينة "نابلس" الفلسطينية والذي يعتقد أنه نقطة فاصلة بين السماء والأرض وهم يرتدون الملابس البيضاء ويضعون على رؤوسهم "طرابيش" حمراء وذلك إحياء لذكرى خروج "بني إسرائيل" من مصر والتيه بصحراء سيناء تحت أشعة الشمس الحارقة. وأوضح "السامري" وهو يرتدي زيا سامريا خاصا وعلى وجهه المجعد ترتسم ابتسامة لا تفارقه أن هذه الرسالة قد أرسلناها من أعلى قمة جبر "جرزيم" وهو الأمر الذي دائما ما يحلم به أبناء الطائفة السامرية ويصلون من أجله. ويردد المحتفلون بعيد "العرش" من الرجال في مراسم الاحتفال ترانيم دينية باللغة العبرية القديمة وأداء طقوس دينية خاصة بهم ويترأس الكاهن الأعظم للطائفة هذه المراسم حاملا بين يديه كتاب "التوراة" والتي يعتقد بأنها أقدم نسخة موجودة في العالم والتي كتبت على جلد غزال. ويصعد أبناء الطائفة على هذا الجبل المعروف أيضا باسم جبل "الطور" أو "البركة" لاعتقادهم بأنه أقرب نقطة فاصلة بين السماء والأرض حيث يرتفع عن سطح البحر ب 881 مترا ويعتقدون أنه في هذه المنطقة كاد نبي الله إبراهيم أن يذبح ابنه إسماعيل قبل فديه بكبش عظيم، كما أنهم يقدسون هذا الجبل لاعتقادهم بأنه بنى عليه النبي سليمان الهيكل ويتزاور أبناء الطائفة ويأكلون الحلوى خلال هذا العيد. ويأتي عيد "العرش" أو "المظلة" او "سوكوت" بالعبرية بعد يوم الغفران اليهودي بخمسة أيام ويستمر أسبوعا وتصنع كل أسرة سامرية "العرش" من أربعة أصناف وهي "كفوف النخيل" و"أغصان الغار" و"ثمر الحقل" و"ثمرة الترنج" (ليمون بحجم كبير) وتتنافس كل أسرة على صناعة هذا العرش. ولأداء هذه الطقوس، يجب على أبناء الطائفة أن يزوروا سبع محطات دينية وبدونها لا تكون هذه الطقوس قد اكتملت وذلك وفقا للديانة السامرية حيث يصعد السامريون فجر اليوم الأول من العيد على قبلة الجبل المقدس ويقرأون أجزاء من التوراة القديمة حتى شروق الشمس لنحو ساعتين أما باقي الأيام فيؤدون الصلاة داخل الكنيس. وفي اليوم الأول من العيد، يجلس رب كل أسرة مع أفراد أسرته تحت العرش الذي أقامه بشتى أنواع الفاكهة ليروي لهم ما حل ببني إسرائيل من قبل فرعون مصر وخروجهم منها ويستقبل التهاني وتتنافس كل أسرة في صنع "العرش". وتعد الطائفة السامرية أصغر وأقدم طائفة موجودة في العالم حيث يبلغ تعداد سكانها 770 نسمة موزعين على منطقتين الأولى جبل "جرزيم" في مدينة "نابلس" الفلسطينية والثانية في منطقة "حولون" بالقرب من "تل ابيب". ويحمل السامريون ثلاث هويات وهي: الفلسطينية والأردنية والإسرائيلية ويتحدثون 4 لغات وهي: اللغة العبرية القديمة واليهودية والعربية والانجليزية. ويعتبر السامريون (التي تعني المحافظون) أنفسهم هم السلالة الحقيقية لشعب "بني إسرائيل" ويرجع تاريخهم إلى انقسام الدولة العبرية إلى مملكتين بعد وفاة الملك سليمان قبل 31 قرنا من الزمان المملكة الجنوبية مملكة يهودا وعاصمتها القدس والمملكة الشمالية والتي عرفت فيما بعد بمملكة "السامرة" وعاصمتها "سبسطية". ويحتفل السامريون بسبعة أعياد موسمية وأعيادهم جميعها دينية وهي "عيد الفصح" أو (الاستقلال) و"عيد الفطير" و"عيد الحصاد" أو عيد "الأسابيع السبع" و"عيد رأس السنة العبرية" و"عيد المظال" وهو عيد "العرش" الذي يستقبل المطر ويستمر 7 أيام وأخيرا "عيد اليوم الثامن" وهو يصادف اليوم الثامن من عيد العرش وهو عيد ختام التوراة وليس لديهم أعياد وطنية أو قومية.