قال الشيخ ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، إنه كان هناك محاولات لمنع المسار الدامى للأحداث العام الماضى فى اعتصامى رابعة العدوية والنهضة، من خلال ثلاثة احتمالات وهى "الحل السياسى" والذى أفشلته للأسف قوى خارجية وداخلية دفعتْ إلى اتجاه الصدام، مع أن الحل السياسى كان هو الأمثل، وكنا قد خطونا فيه خطوات عملية مفيدة، والاحتمال الثانى "استعمال القوة الناعمة" كالماء، والغاز، ونحوهما مما لا يترتب عليه سفك دم، وكان فيه الخير للبلاد والعباد. وأضاف برهامى فى مقال له نشره الموقع الرسمى للدعوة السلفية، أن الاحتمال الثالث كان استعمال القوة الخشنة مِن إطلاق النار وهو أسوأ الاحتمالات والمسارات، وللأسف دفع إليه البعض، وحرص عليه البعض، وباشره البعض، وكان هذا أسوأ الاحتمالات؛ فهو الذى كلَّف بلادنا ومجتمعنا ثمنًا باهظًا مِن دماء شبابنا، واستقرار المجتمع، والتدهور الاقتصادى، وزيادة الانقسام والاحتقان بيْن طوائف المجتمع؛ فضلاً عن تنامى فكر التكفير والعنف الذى يستحل قتل المعصومين "باسم الجهاد"، وما يترتب على ذلك مِن الناحية الأخرى فى التوسع فى الاشتباه ثم الحبس، وتوجيه التهم الهائلة لكل مَن يُقبض عليه، وأحيانًا القتل بلا تثبت أو كعقوبة جماعية. وأوضح برهامى أن هناك مسارا مظلما ينتظر مجتمعنا إذا استمر هذا المسلسل الرهيب؛ ليس لهذا الجيل فقط، بل للأجيال القادمة، فإن الفكر المنحرف إنما ينشأ فى زنازين السجون أضعاف ما ينتشر خارجها، وانتهاكات الحقوق التى لا يختلف برٌ ولا فاجر فى كونها حقوقًا -كمنع التعذيب والاعتداءات- هى أعظم أسباب نزعة التكفير والعنف باسم الجهاد. وطالب برهامى بالمحافظة على الدولة والمجتمع مِن الانهيار، والدخول فى نفق الاحتراب الداخلى الذى ينتهى حتمًا بالتقسيم الذى هو فى مصلحة الأعداء "خاصة إسرائيل التى تريد أن تتوسع على حساب جيرانها لتحقيق حلمها من الفرات إلى النيل"؛ هذه المحافظة على الدولة والمجتمع ضرورة حتمية لا يمكن القبول بخلافها. وأشار إلى ضرورة محاربة فكر التكفير والعنف والقتل؛ فالظلم لا يُقاوَم بما يجلب المزيد منه؛ فضلاً أن فكر تكفير المجتمع لأنه مجتمع جاهلى جناية على الدين فى حد ذاته. وأوضح أن الدولة مطالبة بإجراءات تحقيقات عاجلة فى التجاوزات التى وقعت فى "رابعة" و"النهضة"، والتى أثبتها تقرير "المجلس القومى لحقوق الإنسان"، والذى لم يتم بشأنه إلى الآن شىء نحو محاسبة مَن أمر، وباشر، وتسبب فى التجاوزات، ويبقى على الجميع وعلى مَن رضى بها أو لم يمنعها مع قدرته التوبة إلى الله، رد الحقوق لأهلها مِن ديات وغيرها. وأكد أن العدل البطىء ظلم سريع، وفى كل القضايا يخرج أبرياء يبرئهم القضاء، وقد يبقى بعضهم شهورًا، بل سنوات حبيس الأسوار مظلومًا بالحبس الاحتياطى الممتد؛ فلابد مِن سرعة إنهاء إجراءات القضاء، وفى هذا لابد أن تتعاون الشرطة والنيابة والقضاة؛ فلا توضع فى التحريات الشرطية تهم بلا بينات على سبيل الاحتياط، فضلاً عما قد يفعله البعض مِن تلفيق أدلة وهمية، وقد يشهد البعض بغير الحقيقة -من جميع الأطراف- مع غلظ شهادة الزور، وكذا توسيع دائرة الاشتباه خطر عظيم. وتابع برهامى: "يلزم ألا تعتمد النيابة على مجرد التحريات حتى تستمر فى الحبس الاحتياطى لمدد طويلة "فهو ليس عقوبة، بل لمصلحة التحقيق"، ثم على القضاة بذل كل ما فى وسعهم لتحرى الحقيقة والتثبت منها، وعدم المجازفة فى الأحكام "فويل لديان الأرض مِن ديان السماء إلا مَن عدل". وأكد ضرورة المحافظة على ثوابت الأمة فى دينها "وخاصة عقيدتها، وعبادتها، وخلقها" فلا يمكن التمكين لبعض المأجورين مِن الأعداء فى الطعن فى العقائد الثابتة كتابًا وسنة وإجماعًا، كعذاب القبر أو الطعن فى البخارى ومسلم وسائر الأئمة، ومحاولات تحطيم رموز الأمة! وللأزهر دور كبير فى ذلك يسعدنا أنه شرع فى القيام به، وفق الله القائمين عليه للمزيد من ذلك، ولابد أن نسعى مجتمعين لسد حاجات المجتمع والدولة الاقتصادية والدفع بها فى طريق التطور إلى الأفضل؛ لا السعى إلى الانهيار الاقتصادى أو تمنيه أو الفرح به؛ لأنه سلم إلى انتهاك الحرمات كلها وضياعها. واستطرد قائلا: لابد مِن نشر الأخلاق الفاضلة كالعفاف والحياء، والكف عن الحرام مِن ربا ورشوة وميسر، وغصب الأموال العامة والخاصة وسرقتها، والغيبة والنميمة والكذب، والفحش كالتحرش الجنسى، وما يسببه كالتبرج وترك الحجاب، والمخدرات والمسكرات، فضلاً عن الدعارة والبغاء، واتخاذ الأخدان بين الشبان والفتيات؛ فإن كل ذلك مِن أسباب انهيار الأمة وضياعها ،ونشر روح التراحم والتعاطف والتماسك والشعور بآلام الآخرين، وسد خلاتهم، فالساعى على الأرملة والمسكين قرين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى الجنة، ونشر التدين واتباع السنة، وعدم محاربته بأى صورة مِن الصور؛ فالدعوة إلى الله -تعالى- سبيل الخير للمجتمع والدولة، وهى الوسيلة الناجعة لمحاربة التطرف والانحراف.