الحديث عن ظاهرة التحرش الجنسي المنتشرة في مصر في الآونة الأخيرة أصبحت محل جدل واسع وعنوان لكثير من الندوات والمؤتمرات وحلقات النقاش محلياً ودولياً ، إلى جانب امتداد تلك الظاهرة المشينة إلى قطاع السياحة المصري والتي تهدد سمعة البلاد واستقرارها وتسيء لصورة مصر وتضر باقتصادها القومي. المحزن في تلك الظاهرة أنها بدأت بين طبقات الشعب المصري المختلفة وأصبحت منتشرة و بشدة قبل أن تنتقل إلى التحرش بالسائحات من العرب والأجانب. حالات التحرش أصبحت يوميا في المواصلات العامة وأماكن العمل المغلقة وحتى في الطريق العام. والسؤال الأخطر هو هل تحول التحرش الجنسي في مصر من كونه ظاهرة مجتمعية إلى ثقافة شعب ؟ هل تحولت ظاهرة التحرش إلى عادة سيئة يمارسها حتى لمن دون سن البلوغ ؟ لقد أخذ التحرش في مجتمعنا المصري المنغلق اجتماعياً إلى أنواع وأشكال مختلفة ، فالتحرش أصبح لفظي وبصري ومادي وجنسي. فقبل إلقاء اللوم على السيدات والفتيات وانتقاد تصرفاتهم وملابسهم أو حتى الاستخفاف بمشاعرهم والانتقاص من حقوقهم ، يجب التحقق والتحليل في دراسة الأسباب والعوامل التي ساعدت على تطور ظاهرة التحرش . هناك الكثير من الحقائق والأمثلة على ذلك ، على السبيل المثال لا الحصر ، تدني مستوى الثقافة لدى الشعب وانتشار الفوضى في سلوكياتنا اليومية وطريقة التعامل مع المحيطين بنا ، إلى جانب المواد التليفزيونية الإباحية واللا أخلاقية في الأعمال الدرامية والأفلام السينمائية التي تشجع على تلك الممارسات البذيئة في المجتمع المصري المتدين ، وأخيراً وليس أخراً ، تعاطي الشباب للمخدرات والفراغ الهائل الذي يعاني منه الشباب نتيجة البطالة المتفشية. للأسف هناك الكثير في مصر من يعتقد أن الأجنبيات والسائحات لقمة سائغة وفريسة سهلة المنال للمغازلة والتحرش وانهن قادمات من أجل ممارسة الجنس مع الشباب المصري ذات البشرة القمحية والتي يعتقدون انها عامل جذب وإثارة للسائحات القادمين من بلاد الضباب و الجو البارد. تلك الأفكار والمعتقدات التى تربى عليها الكثير من الشباب المصري متأثيرا في ذلك من الأفلام الأمريكية التي قد توحي لهم وتعطيهم نموذج مختلف عن العلاقة بين الرجل والمرأة. هناك واقعة شائعة في مصر تحدث مرارا وتكرارا وهي التحرش بالسائحات المسنين من أجل الإيقاع بهم والإرتباط بهم من أجل الحصول على جواز السفر الأجنبي مما يتح لهم السفر إلى الخارج وتحقيق أحلامهم في العمل وكسب المال في دولة جواز السفر الجديد. يجب أن يدرك كل من يعمل بالسياحة بأن السائحات والسيدات والفتيات الأجانب تربوا ونشأوا في بيئات مختلفة وتأثروا بعادات وتقاليد قد تكون أكثر انفتاحا أو أكثر انغلاقا ، فالسياحة المصرية تسقبل سنويا ملايين السائحين والأجانب بشتى بقاع العالم ، فلايمكن التحرش بهم لفظيا أو بصريا أو ماديا أو جنسيا وإلا تحولنا إلى غابة. كيف لدولة سياحية مثل مصر بها تاريخ وعراقة وحضارة لعبت فيها المرأة دوراً أساسيا ومحوريا ، حيث كانت المرأة تحكم وتسيطر على مقاليد الحكم وشئون الدولة في وقت من الأوقات ، مثال كيلوبترا وشجرة الدر ، أن تتحول إلى دولة على قوائم دولية تتحل فيها مراكزة متصدرة في قضايا التحرش الجنسي. لقد فقدنا احترامنا بالسيدات والفتيات في مجتمعنا واهدرنا حقوق المرأة المصرية بأفعلنا وممارساتنا الشهوانية والغوغائية ، فكيف إذا سوف نحسن معاملة واحترام السائحات والسيدات الأجانب القادمات من ثقافات ومجتمعات مختلفة ؟ إلى متى ينتهي التحرش في السياحة ؟