يتعرض مسجد سيدي عز الرجال بمدينة طنطا لإهمال كبير من قِبَل وزارة الأوقاف وهيئة الآثار؛ لعدم القيام بأعمال الترميم اللازمة بشكل دوري يليق بحجم وتاريخ هذا المسجد، الذي يعد ثاني أشهر مسجد بالغربية بعد السيد البدوي. فقد تسبب تجاهل المسؤولين بوزارة الآثار والأوقاف وضع المسجد على قوائم الترميم العاجلة أو حتى في خطة الترميم السنوية، في غلق نصف المسجد ومنع المصلين من استخدامه؛ خوفًا من وقوع كارثة، حيث وصل المسجد إلى حالة خطيرة من التردي، بعدما تعرض سقفه للانهيار مع وجود ميل ظاهر للمئذنة، وانهيار ببعض زخارف المسجد الداخلية والزخارف الموجودة بأركانه، وشروخ بحوائط المسجد بسبب الرطوبة ووجود «البرومة» بجدرانه وسقفه، والتي تزداد يومًا بعد يوم. وتعرض أربعة شبابيك للمسجد، مطلة على شارع الخان، للحريق، كما سقط اثنتان من الشرفات الحجرية أعلى المدخل، بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة والأملاح، والتي ظهرت جلية في الواجهة، خاصة في الجزء الأيسر منها، وتآكل بعض أحجارها، ورغم تعديل قانون حماية الآثار العام الماضي وتحميل وزارة الأوقاف تكلفة الترميم للمساجد الأثرية، إلَّا أن المسؤولين بوزارة الأوقاف ساروا على طريق نظرائهم في الآثار، وتجاهلوا الحالة المتردية التي صار عليها المسجد الأثري، وكل جهة ترمي بالمسؤولية على الأخرى. كما تعرض صندوق النذور الموجود بحجرة مقام الولي «عز الرجال» للسرقة مرتين، لعدم إمكانية غلق الأبواب والشبابيك التي مر على إنشائها أكثر من 150 عامًا، فالأبواب والشبابيك لا تغلق؛ لأنها صناعة قديمة وتراث ولها طريقة معينة في الفتح والغلق، ولم يتمكن أحد من العمال أو إدارة المسجد من التعامل معها، حيث تحتاج إلى فنيين مهرة، مما تسبب في تعرض حياة عمال المسجد للخطر، حيث يواجهون اللصوص بمفردهم دون حماية، والأدهى أنه عند وقوع حادثة سرقة بالمسجد تتم محاسبة العمال الغلابة وإحالتهم للنيابة، رغم أنهم استغاثوا كثيرًا بالمسؤولين كافة؛ لحمايتهم وتغيير الأبواب والشبابيك؛ من أجل التأمين ومنع اللصوص من اقتحام المسجد باستمرار، لكن دون جدوى. وأصبح وضع العمال بالمسجد كالجحيم، حيث إنهم دائمًا في خطر بعد سقوط أجزاء من السقف، ورغم أنهم تقدموا بالعديد من البلاغات إلى الأوقاف والآثار لإعادة ترميم المسجد، لكن دون أن يلتفت إليهم أحد، وتحول المسجد كمنفى لعمال الأوقاف بالمراكز الأخرى، الذين يتم مجازاتهم أو عقابهم، وأي عامل لا يستمر بالعمل داخل هذا المسجد أكثر من شهر، ويطلب الفرار تجنبًا للمشكلات وتعرض حياته للخطر، كما يتهرب الأئمة من العمل بهذا المسجد تجنبًا للمشكلات والمساءلة القانونية، فالتصدعات في تزايد، والمسجد مهدد بالانهيار فوق رؤوس المصلين في أي وقت، ومع ذلك يكتفي مفتشو الأوقاف الذين يزورون المسجد ثلاث مرات في الأسبوع بكتابة التقارير الروتينية عن العمال دون كشف الوضع الحالي للمسجد. تذكر الكتب التاريخية أن مسجد سيدي عز الرجال المقام في زقاق سيدي عز الرجال المتفرع من شارع البورصة بمدينة طنطا تم تسجيله أثرًا برقم 648 عام 2000، وبناه عباس حلمي الثاني، وله واجهة واحدة فقط، وتحيط المنازل والمحلات بالمسجد من جوانبه الثلاثة، وتقع تلك الواجهة في الناحية الشمالية الغربية، ونقشت عليها كتابة تتضمن النص التأسيسي للجامع، منفذة بالخط الثلث البارز وباللون الأبيض على مهاد أخضر، ونصها «أنشئ هذا المسجد في عصر خديوِ مصر عباس حلمي الثاني، أدام الله أيامه سنة 1321ه». وضريح المسجد عبارة عن غرفة مربعة تغطيها قبة عميقة مزخرفة بزخارف زيتية هندسية، ومنطقة انتقال القبة عبارة عن خمسة صفوف من المقرنصات، وأسفل منطقة الانتقال يوجد شريط كتابي زخرفي بآيات من سورة النور تتوسطها مقصورة خشبية حول قبر عز الرجال. من جانبه قال الدكتور خليفة الصغير، وكيل وزارة الأوقاف بالغربية: هناك قرار بتشكيل لجنة مكونة من خبراء كلية الهندسة بجامعة طنطا بالتعاون مع مندوبي الأوقاف والآثار؛ لمعاينة المسجد لرفع حالته ووضع تصور جديد لعملية الترميم وصيانة الأبواب والشبابيك، ومخاطبة الوزارة بالتقرير الفني للجنة؛ من أجل إنقاذ المسجد من الحالة السيئة التي وصل إليها، ولأن المسجد له طابع معماري مميز ويعد أثرًا تاريخيًّا؛ فكل خطوة في التنفيذ يجب أن توافق عليها جهات عدة، حتى المواد المستخدمة يتم اعتمادها من قِبلهم، لافتًا إلى أن مدينة طنطا بها ثلاثة مساجد أثرية كبرى هي «السيد البدوي والمنشاوي وسيدي عز الرجال». ويعتبر المسجد تحفة فنية وتراثًا إسلاميًّا، تحمل كل أركانه تاريخًا لصناعة يدوية لتحف معمارية شملت الأرابيسك اليدوي والرخام الأبيض النادر والمنبر الذي يحمل معه عبق التاريخ من صناعة يدوية في العصر الإسلامي.