وزارة الأمن الداخلي الأمريكية: هجوم مسلح على دورية شرطة في شيكاغو    «مش عايزين نفسيات ووجع قلب».. رضا عبدالعال يشن هجومًا لاذعًا على ثنائي الزمالك    إعلام فلسطينى: طيران الاحتلال يشن عدة غارات على مناطق مختلفة من مدينة غزة    في اليوم العالمي للصيادلة.. نائب محافظ سوهاج ووكيل وزارة الصحة يكرمان قيادات مديرية الصحة والمتفوقين من أبناء الصيادلة    انهيار جزئي لأحد المنازل القديمة أثناء تنفيذ قرار الإزالة بشارع مولد النبي بالزقازيق .. والمحافظ ينتقل للموقع    أسعار الحديد فى الشرقية اليوم الأحد 5102025    سعر الدولار أمام الجنيه المصري بمحافظة الشرقية اليوم الأح 5أكتوبر 2025    «تهدد حياة الملايين».. عباس شراقي: سد النهضة «قنبلة نووية» مائية على وشك الانفجار    9 أيام إجازة في شهر أكتوبر 2025 للطلاب والقطاعين العام والخاص.. موعد اَخر عطلة رسمية في العام    حماس: إسرائيل قتلت 70 شخصا رغم زعمها تقليص العمليات العسكرية    ترامب: وقف إطلاق النار في غزة سيتم بالتزامن مع تبادل الأسرى والمحتجزين    بعد 12 عامًا من الهروب.. ما تفاصيل تسليم فضل شاكر نفسه للجيش اللبناني؟    إعلام إسرائيلى يكشف أعضاء فريق التفاوض    ارتفاع كبير في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الأحد محليًا وعالميًا    ألونسو يكشف حالة مبابي وماستانتونو    أحمد شوبير يكشف مفاجات مهمة عن انتخابات الأهلي.. الكيميا بتاعت حسام غالي مظبطتش مع الخطيب    خسارة المغرب تقلص حظوظ مصر في التأهل لثمن نهائي كأس العالم للشباب    وليد صلاح الدين: ملف المدير الفنى الجديد تحت الدراسة.. ولا توجد ترضيات للاعبين    مصر تشارك بفريق ناشئين متميز في بطولة العالم للشطرنج 2025 بألبانيا    اسعار اللحوم اليوم الأحد 5 اكتوبر 2025 بمحلات الجزارة فى المنيا    «الداخلية» تكشف حقيقة فيديو «اعتداء ضابط على بائع متجول» بالإسكندرية    تشييع جثامين 4 ضحايا من شباب بهبشين ببنى سويف فى حادث الأوسطي (صور)    لسرقة قرطها الذهبى.. «الداخلية» تكشف حقيقة محاولة اختطاف طفلة بالقليوبية    أبواب جديدة ستفتح لك.. حظ برج الدلو اليوم 5 أكتوبر    نجل فضل شاكر ينشر صورة لوالده بعد الكشف عن تسليم نفسه    تكريمات وذكريات النجوم في مهرجان الإسكندرية السينمائي    اعرف تردد مشاهدة "قيامة عثمان" بجودة HD عبر هذه القناة العربية    بعد 20 عامًا على عرضه.. المخرجة شيرين عادل تحتفل بمسلسل «سارة» ل حنان ترك (صور)    مهرجان روتردام للفيلم العربى يقاطع إسرائيل ثقافيا تضامنا مع فلسطين    الفيلم المصرى ضى يفوز بالجائزة الكبرى فى مهرجان الفيلم المغاربى فى وجدة    عمرو سعد يستعد لتصوير «عباس الريس» في ألمانيا    مواقيت الصلاة اليوم الأحد 5-10-2025 في محافظة الشرقية    أذكار النوم اليومية: كيف تحمي المسلم وتمنحه السكينة النفسية والجسدية    رمضان 2026.. تعرف على موعد حلول الشهر الكريم وعدد أيامه    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الاحد 5102025    لعلاج نزلات البرد.. حلول طبيعية من مكونات متوفرة في مطبخك    أعراض متحور كورونا «نيمبوس» بعد تحذير وزارة الصحة: انتشاره سريع ويسبب آلامًا في الحلق أشبه ب«موس الحلاقة»    بمكونين بس.. مشروب واحد قبل النوم يزيد حرق الدهون ويحسن جودة النوم    لا مزيد من الروائح الكريهة.. خطوات تنظيف البط من الريش والدهون    بدر عبد العاطي وحديث ودي حول وقف الحرب في غزة وانتخابات اليونسكو    ضربة جديدة لحرية الرأي والبحث العلمي ..دلالات الحكم على الخبير الاقتصادى عبد الخالق فاروق    مصرع طفل وإصابة شخصين في حادث دراجة نارية بالفرافرة    اندلاع حريق في «معرض» بعقار سكني في شبرا الخيمة بالقليوبية    المؤتمر: اتحاد الأحزاب تحت راية واحدة قوة جديدة للجمهورية الجديدة    دراسة حديثة: القهوة درع واق ومُرمم لصحة الكبد    مصرع 3 عناصر إجرامية شديدة الخطورة خلال مداهمة وكرهم ببني سويف    صادر له قرار هدم منذ 53 عامًا.. انهيار جزئي لعقار في جمرك الإسكندرية دون خسائر بشرية    ضحايا فيضان المنوفية: ندفع 10 آلاف جنيه إيجارًا للفدان.. ولسنا مخالفين    أخبار × 24 ساعة.. قافلة إغاثية لمتضرري ارتفاع منسوب نهر النيل في المنوفية    «الهيئة الوطنية» تُعلن موعد انتخابات النواب 2025 (الخريطة كاملة)    هل التسامح يعني التفريط في الحقوق؟.. الدكتور يسري جبر يوضح    بداية فصل جديد.. كيف تساعدك البنوك في إدارة حياتك بعد الستين؟    لأول مرة فى تاريخها.. اليابان تختار سيدة رئيسة للحكومة    دوري أبطال أفريقيا.. قائمة بيراميدز في مواجهة الجيش الرواندي    بشير التابعى: مجلس الزمالك ليس صاحب قرار تعيين إدوارد ..و10 لاعبين لا يصلحون للفريق    شريف فتحي يشارك في اجتماع غرفة المنشآت الفندقية بالأقصر    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول الطلاب بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حركة فتح، التاريخ النضالي والمستقبل المجهول (القصة الكاملة)
نشر في البديل يوم 31 - 10 - 2016

كتب من فلسطين: أحمد بعلوشة، طارق حجاج، عامر بعلوشة
هي حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح). يرجع تسميتها بهذا الإسم إلى اختصار (حركة التحرير الفلسطينية – حتف)، وإذا ما قلبنا حروف الاختصار، أصبحت (فتح) التي أخذت اسمها انطلاقاً من كونها حركة تحرر فلسطينية. تأسست الحركة في نهاية الخمسينيات عقب العدوان الثلاثي على جمهورية مصر العربية عام 1956 والاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة.
في عقد الستينيات، بدأت الحركة بالعمل على إنشاء خلاياها في بلاد الشام ودول الخليج العربي في محاولة لتبني الفلسطينيين دوراً بارزاً تجاه قضيتهم والانفصال عن الوصاية العربية التي كانت مفروضة على الشعب الفلسطيني آنذاك. وأعلنت فتح عن انطلاقتها في الأول من يناير عام 1965.
مبادئ الحركة:
قامت الحركة بتشكيل قواعدها في عدد من الدول العربية، كان أبرزها في الجزائر عام 1962، وفي سوريا عام 1964، حتى استكملت جناحها العسكري الذي كان يسمى في حينها (العاصفة)، وتوسعت هذه الخلايا لينضم لها المئات في الضفة الغربية وقطاع غزة ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان والأردن. ووصلت بعد ذلك إلى اللاجئين في المهجر بأوروبا والأميركتين. وبسبب قدرة الحركة على التوسع وبناء الخلايا، اندمجت فيها بعض التنظيمات الفلسطينية الصغيرة التي تبنت فكرة (العاصفة) وأصبحت جزءً منها، ومن ثم انطلقت العاصفة في كفاحها المسلح ضد الاحتلال الإسرائيلي عام 1965.
وانهالت على الحركة المساعدات العسكرية والمادية عقب معركة الكرامة عام 1968 من الدول العربية والأجنبية. حيث وقعت المعركة في 21 مارس/ آذار 1968 حين حاولت قوات الجيش الإسرائيلي احتلال نهر الأردن، وعبرت النهر من عدة جهات مع عمليات تجسير وتحت غطاء جوي كثيف؛ فتصدى لها الجيش الأردني على طول جبهة القتال من أقصى شمال الأردن إلى جنوب البحر الميت، وفي قرية الكرامة اشتبك الجيش العربي والفدائيون الفلسطينيون مع الجيش الإسرائيلي في عملية استمرت قرابة الخمسين دقيقة. واستمرت بعدها المعركة بين الجيش الأردني والقوات الإسرائيلية أكثر من 16 ساعة، مما اضطر الإسرائيليين إلى الانسحاب الكامل من أرض المعركة تاركين وراءهم ولأول مرة خسائر وقتلى دون أن يتمكنوا من سحبها معهم.
وزادت العمليات الفدائية بشكل ملحوظ في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات، وأصبحت تهدد دولة الاحتلال وأمنها مع تصاعد العمليات الفدائية الفلسطينية ضدها. ووصلت العمليات ذروتها خلال العام 1970.
تميزت حركة فتح كحركة تحرر وطني فلسطيني، وبرزت في الساحة الفلسطينية عقب بيان إنطلاقها الأول عام 1965، ومن أهم الشخصيات التي لمعت وأسست الحركة بشكل رئيس الشهيد ياسر عرفات الذي يعتبر مؤسس للحركة مع رفاقه خليل الوزير "أبو جهاد"، وصلاح خلف "أبو إياد" وكمال عدوان وأبو يوسف النجار ومحمود عباس "أبو مازن" وغيرهم.
جسدت فتح التي انتهجت الفكر الثوري وحدة وطنية وشعبية، وخاضت ثورة مسلحة جمعت في إطارها عدداً كبيراً من أفراد الشعب الفلسطيني والفصائل الصغيرة، سيما وأنَّ الأساس الذي تقوم عليه الحركة هو أساس جامع ومسعاه مشترك، وهو الثورة في وجه الطغيان والاحتلال الإسرائيلي وصولاً إلى النصر والتحرير.
فتح في الخارج:
الأردن..
بعد تأسيس الحركة وإنطلاق عملها النضالي وبعد العديد من العمليات التي قامت بها حركة فتح في عمق الكيان الصهيوني، وبعد الهزيمة العربية عام 1967، تأثر الوسط العربي بشكل كبير بالهزيمة التي حلّت به، وأصرّت فتح على مواصلة الطريق والتأكيد على أنَّ القضية الفلسطينية هي قضية محورية حية لا يمكن تجاهلها، وأن ما حدث في العام 1967 هو انتكاسة تدعو إلى بذل المزيد من الجهود، وكانت فتح حينها قد اتخذت من الأردن مقراً لها لتخطيط العمليات الفدائية. إلا أن الاحتلال سعى إلى القضاء على أنشطة الحركة وذلك من خلال التوغل العسكري في الضفة الشرقية الواقعة في الأردن، والمحاذية للضفة الفلسطينية والتي أدت إلى وقوع معركة الكرامة، والتي هُزمت فيها جيوش الاحتلال، وزادت من شعبية فتح في فلسطين والوطن العربي، وحتى دول العالم بأسره، وأصبح ياسر عرفات، صاحب الكوفية الفلسطينية، رمزاً للنضال والمقاومة.
مرّت الحركة بالعديد من الظروف القاسية في الأردن كان منها أيلول الأسود، الذي كان محطةّ تاريخية صعبة قاست منها الثورة الفلسطينية لما لها من تبعات على السياسة الفلسطينية بشكل عام ولما لها من أبعاد قومية وإستراتيجية وخصوصاُ وأن الأردن الذي كان الحاضنة أصبح مكاناً قاسياً على الحركة ويصعب عليها البقاء به، مما إضطرها للذهاب إلى لبنان.
لبنان..
استمرت فتح في كفاحها ضد الإحتلال، وواصلت عملها النضالي، وكان من أبرز العمليات التي نفذتها الحركة عملية مطار ميونخ، وعملية فندق سافوي عام 1975 وغيرهن من العمليات التي أوجعت الكيان الإسرائيلي وأكّدت له أن فتح أصبحت تشكّل خطراً حقيقياً على أمن دولة الاحتلال. وقامت فتح بالشراكة مع فصائل منظمة التحرير بتأسيس جيش التحرير الفلسطيني الذي أصبح الذراع العسكري لمنظمة التحرير الفلسطينية، مما حذا بالجيش الإسرائيلي بالعزم على إجتياح لبنان بالكامل وحصار فتح وباقي الفصائل الفلسطينية في بيروت عام 1982، وحاصر الجيش الإسرائيلي المنظمة فعلاً داخل بيروت لأكثر من ثمانين يوماً كانت الأكثر قسوة على فتح أثناء وجودها في لبنان. قاتلت فتح برفقة فصائل فلسطينية أخرى، واشتدت المعركة بين مقاتلي فتح في بيروت، وقوات الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي دعى إلى وجود حراك دولي اتُّفق من خلاله على خروج الحركة من بيروت إلى عدد من الدول العربية، فتفرق مقاتلو الحركة بين الدول التي كان على رأسها تونس التي اغتيل فيها الرجل الثاني في فتح وهو خليل الوزير "أبو جهاد"، وذهب آخرون إلى الجزائر وليبيا واليمن ومصر، وغيرها من الدول.
وكان لفتح حضوراً في عدد من الدول العربية الأخرى، أبرزها الجزائر، التي افتتحت فيها فتح مكتباً للحركة قبل انطلاقها برئاسة خليل الوزير عام 1963. وفي العام نفسه، كانت سوريا محطة مهمة، بعد قرار حزب البعث السوري السماح للحركة بالتواجد على الساحة السورية.
الجناح المسلح:
العاصفة
كانت العاصفة هي الجناح العسكري لحركة فتح والتي تعتبر الأقوى منذ عام 1965 وحتى عام 1982، ثم تشكلت أجنحة أخرى مثل مجموعة الفهد الأسود والجيش الشعبي، التي نشطت خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى 1987، وتراجع عمل هذه الأذرع العسكرية مع مجيء السلطة الفلسطينية إلى الأراضي الفلسطينية 1994، حيث قامت السلطة بتقويض العمل المسلح في الضفة الغربية لكافة الفصائل الفلسطينية، مع بقاء قطاع غزة الجزء الوحيد الذي يحتفظ بالمقاومة المسلحة، والتي كان من الصعب السيطرة عليها نتيجة وجود قوى عسكرية أخرى، أهمها حركة حماس التي سيطرت لاحقاً على القطاع في العام 2007.
كتائب شهداء الأقصى
بدأت نشاطاتها منذ بداية الإنتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 بإيعاز من ياسر عرفات "أبو عمار"، وكانت عبارة عن تشكيلات عسكرية ممتدة في قطاع غزة والضفة الغربية ولها عمليات عسكرية ضد القوات الإسرائيلية ومراكزها.
استمرت كتائب شهداء الأقصى بنشاطاتها ضد الكيان الإسرائيلي وبالاشتراك مع فصائل وأجنحة عسكرية فلسطينية أخرى، شهدت خلالها معارك مباشرة مع قوات الاحتلال، عوضاً عن تنفيذ عمليات استشهادية في العمق الإسرائيلي، إلا أن هذه الأنشطة توقفت في العام 2007 حين أعلن القيادي في كتائب شهداء الأقصى زكريا الزبيدي بوقف الهجمات على الاحتلال بالضفة الغربية، وذلك ضمن اتفاق على العفو عن مطلوبين من فتح، حيث أصدرت سلطات الاحتلال قراراً بالعفو عن 189 مطلوباً من فتح، الأمر الذي لاقى جدلاً واسعاً واستهجاناً في الشارع الفلسطيني، إضافة إلى رفض واسع لفكرة إيقاف العمل المسلح. إلا أنَّ الكتائب استمرت بالعمل في قطاع غزة من خلال وحدات مختلفة تتبع لها، وتشارك في مقاومة هجمات الاحتلال الإسرائيلي.
وكانت الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، كندا، نيوزيلندا، واليابان، اعتبروا كتائب شهداء الأقصى منظمة إرهابية عام 2005.
التحوّل من العمل العسكري إلى العمل السياسي
بدأت المرحلة السياسية لحركة فتح تأخذ منحاً أكبر، وراحت المفاوضات تزداد بين أبو عمار ودولة الاحتلال بشكل غير مباشر وبواسطة أطراف دولية، وكان النزاع يدور حول إعطاء سلطة حكم ذاتي للفلسطينيين بقيادة منظمة التحرير التي كان رأسها ياسر عرفات حينها، حتى إعلان الإستقلال الذي قام به عرفات من الجزائر عام 1988 والذي أعلن فيه أبو عمار عن قيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشريف، حتى عام 1993 حيث تم توقيع إتفاقية أوسلو برعاية أمريكية في البيت الأبيض والتي نصّت على إعطاء الفلسطينيين سلطة حكم ذاتي في غزة والضفة الغربية، وبعد توقيع الإتفاق عاد أبو عمار وقادة فتح متمثلين بالسلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة وبدأت الحياة الديموقراطية وبناء دولة المؤسسات التي سعى لها عرفات، حتى عام 1996 حيث جرت أول إنتخابات ديموقراطية فلسطينية إمتنعت حركة حماس في حينها عن المشاركة بها وفاز بها ياسر عرفات بأغلبية ساحقة، وظل رئيساً للسلطة الفلسطينية حتى وفاته عام 2004.
فتح والعمل السياسي:
اتفاقية أوسلو..
في أيلول/ سبتمبر من العام 1993، وافق المجلس الوطني لمنظمة التحرير بحضور الرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون، على إضافة المفاوضات إلى جانب الكفاح المسلح كوسيلة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وصولاً إلى سلام عادل وشامل، وعُرِّفت الإتفاقية على أنها إعلان للمبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي. وسُمِّي الاتفاق نسبة إلى مدينة أوسلو النرويجية التي تمت فيها محادثات سرّية منذ عام 1991، نتج عنها اتفاقية أوسلوا التي وُقعت رسميًّا في العام 1993.
تعتبر أوسلو، أول اتفاقية رسمية مباشرة بين الاحتلال الإسرائيلي ممثلة بوزير خارجيتها آنذاك شمعون بيريز، ومنظمة التحرير الفلسطينية، ممثلة بأمين سر اللجنة التنفيذية في حينها محمود عباس. وشكل إعلان المبادئ والرسائل المتبادلة نقطة فارقة في شكل العلاقة بين منظمة التحرير الفلسطينية والكيان الصهيوني، والتزمت منظمة التحرير الفلسطينية على لسان رئيسها ياسر عرفات بحق "دولة إسرائيل" في العيش بسلام وأمن والوصول إلى حل لكل القضايا الأساسية المتعلقة بالأوضاع الدائمة من خلال المفاوضات، وأن إعلان المبادئ هذا يبدأ حقبة خالية من العنف، وطبقا لذلك فإن منظمة التحرير تدين إستخدام "الإرهاب وأعمال العنف الأخرى"، وستقوم بتعديل بنود الميثاق الوطني للتماشى مع هذا التغيير، كما وسوف تأخذ على عاتقها إلزام كل عناصر أفراد منظمة التحرير بها ومنع إنتهاك هذه الحالة وضبط المنتهكين.
قررت حكومة الاحتلال على لسان رئيس وزرائها اسحق رابين أنه في ضوء إلتزامات منظمة التحرير الفلسطينية، الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل للشعب الفلسطيني، وبدء المفاوضات معها.
وعلى إثر الاتفاقية، اعترفت السلطة الفلسطينية بإسرائيل وبحقها في الوجود، وبهذا تكون فتح أضافت بند المفاوضات إلى جانب الكفاح المسلح الذي تم التأكيد عليه في المؤتمر العام الأخير للحركة في بيت لحم عام 2009، والذي لم تستطع الحركة منذ تاريخه عقد مؤتمر آخر، حيث تعاني فتح من انحسار دورها إقليميا بعد وفاة مؤسسها وزعيمها الراحل ياسر عرفات وانفصال غزة عن الضفة الغربية منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007، عوضاً عن خسارتها بالانتخابات والانقسامات بين قادتها التاريخين في الآراء والتوجهات تجاه عملية السلام وغيرها من التوجهات الحركية.
مسار المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية..
دخلت السلطة الفلسطينية متمثلة بحركة فتح وفصائل منظمة التحرير إطار المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي كنقطة انطلاق لعملية السلام عقب الاتفاقيات التي تم توقيعها بين الجانبين، ولكن فتح لم تنجُ من الممارسات الإسرائيلية التي استمرت دولة الاحتلال بتمريرها على مرأى من المجتمع الدولي، ضاربة عرض الحائط بكل الاتفاقات والقانون الدولي، وكانت في محصلتها تصب في صالح الاحتلال (الحلقة الأقوى) وتُضعف من التمثيل الفلسطيني وقدرة الفلسطينيين على الدفاع عن أنفسهم وحقوقهم. حيث لم تنفذ إسرائيل أيًّا من الاتفاقات المرتبطة بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، عوضاً عن المماطلة في الإجراءات والالتزامات، وصولاً إلى تشييد المزيد من المستوطنات التي تبتلع الأرض الفلسطينية، وتهوِّد المقدسات. واستمر كل رئيس وزراء إسرائيلي جديد بتسويف الأمور تحت إطار إعادة التقييم لالتزامات أسلافه، ما نتج عنه استمرار المزيد من التاخيرات.
وخلال هذه الفتره انشأت اسرائيل مستوطنات جديدة غير قانونية في الضفة الغربية وأحكمت سيطرتها على القدس الشرقية. وكانت النتيجة هي تضاعف أعداد المستوطنين في الأراضي المحتلة عقب أوسلو، واستمر الاحتلال بعمليات مصادرة الأراضي وتم عمليًّا تجميع الفلسطينيين للعيش في كنتونات محاطة ومسيطر عليها بواسطة الاحتلال.
صراع السلطة:
في الوقت الذي يعيش فيه الكل الفلسطيني حالة انقسام عارمة، بدأت الخلافات بالتنامي داخل صفوف حركة فتح، في ظل سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، واستمرار الاحتلال الإسرائيلي بتهويد المقدسات وانتزاع الأراضي في الضفة الغربية، فبدأ الخلاف يأخذ منحاً جديداً داخل الحركة، وخصوصاً بين الرئيس محمود عباس، وعضو المجلس التشريعي الفلسطيني المنتهية فترته محمد دحلان قائمة منذ 2011 حتى هذه اللحظة، ففي هذا العام، صدر قرار رئاسي بفصل النائب محمد دحلان من حركة فتح على خلفية شكوك حول اغتيال الرئيس ياسر عرفات من جهة، واتهامات لدحلان باحتياله على أموال ضرائب معبر كرم أبو سالم التجاري، حيث ذكرت مصادر داخل حركة فتح بأنَّ جزءاً كبيراً من الضرائب كانت تُحوَّل إلى حساب تابع لدحلان، إضافة لاتهامات وجهت لدحلان بتحريضه قيادات في السلطة الفلسطينية على الرئيس عباس، خاصة ناصر القدوة –ابن شقيقة ياسر عرفات- الذي كان دحلان يُلح عليه بأنه أحق بالإمساك بزمام الأمور من عباس.
مؤخراً، بدأ عباس يشعر بأنَّ الرمال تتحرك من تحته، خصوصاً بعد قطيعة وتعثر في المفاوضات مع الإسرائيليين من جهة، ومع حركة حماس في قطاع غزة من جهة أخرى، وربما كان انسجاماً مثيراً للغرابة حصل بين دحلان وحماس في القطاع، ما أثار ارتباك الرئيس عباس، إذ أنَّ المخاوف من اتفاق دحلان وحماس، قد ينفي أيَّة نفوذ للسلطة الفلسطينية على قطاع غزة، القطاع الذي يتهم عباس دحلان بأنه كان السبب الرئيسي في سقوطه بيد حماس.
ويرى كثير من الفلسطينيين وبعض التحليلات، أنَّ التاريخ المليء بالمشاحنات بين دحلان وحركة حماس، قد لا يفضي إلى اتفاقات حقيقية بين الطرفين، بل إنَّ حماس قد تستخدم ورقة دحلان للضغط على عباس في أمرين: الأول تنفيذ اتفاقات المصالحة بين حركتي فتح وحماس، والثاني ضم موظفي القطاع المدني التابعين لحماس في قطاع غزة للسلطة الفلسطينية، ويعد البند الثاني واحداً من أهم الأسباب التي تعيق جهود المصالحة.
لكن دحلان لا يهمه قطاع غزة فقط، رغم اهتمامه الكبير والواضح مؤخراً به، حيث ساعد في تسهيلات لمعبر رفح بالاتفاق مع بعض المسؤولين المصريين، وانصبَّت ملايين الدولارات للمساعدات الإنسانية ومساعدة الشباب في غزة عن طريق زوجته "جليلة"، التي زارت القطاع أثناء فتح معبر رفح، إلا أنَّ سعيه الدؤوب يذهب تجاه منصب رئيس السلطة الفلسطينية، الذي يجب أن يمر بحركة فتح واللجنة المركزية للحركة، التي يعمل عباس على نفي أي شخص تربطه علاقة أو حتى شكوك حول علاقة مع دحلان.
ورغم امتلاك عباس أوراق قوة داخل حركة فتح وخارجها، لم يكفَّ دحلان عن محاولاته للوصول للحركة، خصوصاً بعد فشل محاولات إقليمية عديدة لثني عباس عن رأيه وإعادة دحلان إلى منصبه في حركة فتح، ما جعل دحلان يوسع حربه الإعلامية على عباس، حتى اتهمه بالجنون مرةً، وبعدم المسؤولية والخرف في حالات أخرى.
لكن الأمور لم تقف عند ذلك الحد، فدحلان الذي كان يراهن على العداوة القائمة بين عباس وحماس، تفاجأ بلقاء مفاجئ للرئيس عباس مع قيادة حماس متمثلة برئيس مكتبها السياسي خالد مشعل، ونائبه إسماعيل هنية في قطر نهاية أكتوبر 2016، الأمر الذي يضع تساؤلات كثيرة حول الخيار الذي ستذهب إليه حماس للاستفادة من الخلافات الداخلية في حركة فتح، والمرتبطة بشكل أساس بالصراع الدائر بين عباس ودحلان.
الحرب الإعلامية بين الطرفين ما زالت قائمة، ما بين اتهامات بالخيانة والقتل من الرئيس عباس لدحلان، وتورطه بتصفية قيادات من حركة حماس في قطاع غزة بالتعاون مع الموساد الصهيوني، والتي يقابلها إنكار من دحلان واتهامات بأنَّ مكوث عباس في المقاطعة برام الله مع عدد من أصحاب "التفكير المحدود" على حد تعبيره قد أصابته بسوء الإدارة.
على ما يبدو أنَّ غزة هي المرفأ الأول والأخير لدحلان، وبمعرفته الكبيرة بأوضاع غزة بصفته من مواليد مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، بدأ دحلان كما أشيع باستقطاب الشباب المؤثرين لاجتماع عقده مؤخراً في مصر (العين السخنة) لبحث حلول للأزمات العالقة في غزة بدءاً من معبر رفح، مروراً بأزمة الكهرباء، ووصولاً إلى عمالة الشباب.. أو على حد قوله (جيش الخريجين الغزيين(. وكانت من مخرجات المؤتمر، بذل الجهد لمحاولة فتح معبر رفح بانتظام أمام المسافرين، والبحث عن محاولة تزويد قطاع غزة بمولدات جديدة للكهرباء وتسهيلات أخرى للمرضى والطلاب، في محاولات منه لكسب الرأي العام في الشارع الغزي.
خلال فترة المؤتمر تم فتح معبر رفح وخروج ما يفوق 4000 مواطن من غزة من معبر رفح خلال أيام قليلة على الرغم من سوء الأحداث في سيناء، ما يثير تساؤلات عديدة.. هل توصل دحلان إلى معرفة من أين تؤكل الكتف؟ وهل ستكون هذه التسهيلات حجر جديد في الحرب الدائرة بين دحلان وعباس؟
تعيش حركة فتح في الآونة الأخيرة حالة ترقب على كافة الأصعدة، واحدة مرتبطة بمؤتمرها السابع المزمع عقده نهاية العام الجاري بعد 6 أعوام على مؤتمرها الأخير، حيث تشهد الساحة الفتحاوية الداخلية سباقاً كبيراً في ظل التحضيرات والترتيبات الجارية بين قادة الحركة من أجل انعقاد المؤتمر الحركي. وتمر الحركة بأزمة الخلافات الداخلية بين التيارات المحسوبة على الرئيس عباس من جهة، وعلى القيادي المفصول من حركة محمد دحلان من جهة أخرى. إضافة إلى الصراع الذي تخوضه الحركة مع حماس التي ما زالت تسيطر على قطاع غزة من 9 سنوات. وعلاوة على هذه الأمور المفصلية، يتعيَّن على الحركة النظر إلى الأمام، في صراعها وصراع الفلسطينيين عموماً مع دولة الاحتلال الإسرائيلي التي تستغل النقاط السابقة لتحقيق مكاسب إضافية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.