تجددت الأزمة الباكستانيةالهندية، وألقت بظلالها على الساحة السياسية لدول جنوب آسيا خلال الفترة الأخيرة؛ حيث تبادل الطرفان الاتهامات، وتجدد إطلاق النار على الحدود بينهما، الأمر الذي أثار مخاوف من تصعيد الخلافات التاريخية بين الطرفين وتطورها إلى نزاع عسكري جديد أو حرب قد تكون الثالثة بينهما منذ استقلالهما عام 1947. تبادل الهندوباكستان عمليات طرد شملت دبلوماسيين في سفارتي البلدين، حيث قال الناطق باسم وزارة الخارجية الهندية، فيكاش سواروب، الخميس الماضي، إن الوزارة استدعت سفير باكستان لإبلاغه بأن دبلوماسيًا في السفارة الباكستانية بات يعتبر غير مرغوب به بسبب نشاطات تجسسية. من جانبه، قال المسؤول في شرطة نيودلهي، رافيندرا ياداف، إن الموظف في قسم التأشيرات بالسفارة الباكستانية، محمد أختر، يعمل لصالح وكالة الاستخبارات العسكرية الباكستانية حسب معلومات موثوقة، وأضاف أن أختر كان قد نقل إلى السفارة الباكستانية في الهند قبل سنتين ونصف، وخصيصًا إلى إدارة التأشيرات ليتمكن من تجنيد هنود عاديين يزورون السفارة للحصول على تأشيرات دخول، مؤكدًا أن قوات الأمن الهندية أوقفته بحضور شريكين مفترضين له بالقرب من حديقة الحيوان في دلهي، وبحوزتهم وثائق حول انتشار القوات الهندية على الحدود. وفي المقابل، عبر سفير باكستان في الهند عن احتجاجه الشديد لدى وزارة الخارجية الهندية على توقيف الموظف، مؤكدًا أن ذلك يشكل انتهاكًا لاتفاقات حماية الدبلوماسيين، كما أفاد مصدر دبلوماسي باكستاني بأن الموظف المعني أُبُلغ بضرورة مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، وأكد المصدر أن سفارة باكستان لا تتورط أبدًا في نشاطات لا تتماشى مع وضعها الدبلوماسي. وفي وقت لاحق، تطورت الأمور من الجانب الباكستاني؛ حيث ردت إسلام أباد باستدعاء السفير الهندي، وأبلغته بأن الحكومة ستطرد الدبلوماسي الهندي، سورجيت سنغ، وأعربت وزارة خارجيتها عن قلقها العميق بشأن تصرفات سنغ التي تنتهك ميثاق فيينا والأعراف الدبلوماسية المتبعة. تأتي الخطوات التصعيدية والاتهامات المتبادلة في خضم التوتر بين الطرفين حول منطقة كشمير المتنازع عليها، حيث سبق طرد الدبلوماسيين بأقل من شهر، إجلاء الهند لأكثر من عشرة آلاف قروي يعيشون قرب الحدود مع باكستان، في ظل مخاوف من تصعيد عسكري بعدما نفذت قواتها الخاصة عملية عبر الحدود في نفس الوقت ضد أشخاص يشتبه بأنهم متشددون، وأمرت حكومة رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، حينها قوات الأمن على مستوى البلاد والولايات بتعزيز مراقبة الحدود في ولاية جامو وكشمير. وفي مطلع الشهر الجاري، تبادلت القوات الهنديةوالباكستانية إطلاق النار عبر الحدود في منطقة كشمير، وحينها تبادل ضباط الجيش من البلدين الاتهامات بشأن بدء إطلاق النار عبر ما يسمى ب"خط المراقبة" الذي يفصل بينهما في إقليم كشمير المتنازع عليه، وحينها اتهمت الهندباكستان مجددًا بدعم مسلحين على الحدود بينهما، وعلى أثر ذلك أعلنت الهند انسحابها من القمة الخاصة برابطة جنوب آسيا للتعاون الإقليمي التي تترأسها نيبال، والمقرر انعقادها يومي 9 و10 نوفمبر المقبل في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، وقالت أفغانستان وبنغلاديش وبوتان وسريلانكا بعد ذلك إنهما لن يشاركوا في القمة، ووفقا لميثاق القمة، لا يمكن أن تنعقد القمة رسميًا إذا انسحب أي من الأعضاء الثمانية، وبناء على ذلك أعلنت نيبال إلغاء القمة. العلاقات بين إسلام أباد ونيوديلهي لم تكن يومًا جيدة منذ عام 1947، عندما اندلعت الحرب الباكستانيةالهندية، أو ما تسمى حرب كشمير الأولى، حتى تم إبرام اتفاق عام 2003 لوقف إطلاق النار في كشمير، لكن العلاقات بين الطرفين شهدت المزيد من التدهور خلال الأشهر الأخيرة الماضي، وبالتحديد منذ الهجوم على قاعدة عسكرية هندية في مدينة "أوري" بولاية جامو بالشطر الهندي من إقليم كشمير، في سبتمبر الماضي، وأسفر الهجوم عن مقتل 17 جنديًا هنديًا، واتهمت حينها نيوديلهي متطرفين باكستانيين بافتعال الحادث وإشعال الأزمة مجددًا بين الدولتين الجارتين النوويتين، وعلى أثر الحادثة استدعت الهند السفير الباكستاني لدى نيودلهي مرتين خلال أسبوع واحد.