حالة من الجدل أثارها مؤتمر شرم الشيخ؛ فبين المشاركة من عدمها, انقسم الشباب حتى وصل الأمر بينهم إلى التراشق بالألفاظ وإعداد قوائم سوداء للمشاركين, وتخوين واتهام بعدم الوطنية لغير المشاركين. بعض أسباب عدم المشاركة واقعي، خاصة أن الجيل الذي خاض على مدار السنوات الست الماضية معارك فكرية واجتماعية ضد محتكري الوطنية ومحتكري أكل العيش, مازال يخوض معارك من نوع آخر، وهي اللهث وراء أصدقائه المسجونين بقوانين ظالمة. ثمة بعض الأسئلة لاحت في أفق الأغلبية من الشباب عن مؤتمر شرم الشيخ المنعقد حاليا, كان أبرزها: لماذا الآن بعد مرور عامين ونصف من حكم الرئيس السيسي بدأ ينظر إلى الشباب, ويعتبرهم شريكا أساسيا في بناء الوطن, ألم يكونوا كذلك منذ بداية حكمه, أم أنه بالفعل يأمل في تكوين ظهير سياسي له من أجل انتخابات الرئاسة المقبلة؟ الشباب الذين يمثلون 62 % من سكان مصر، حسب تصريحات وزارة السكان, يعاني نصفهم ويزيد قليلاً، من الفقر حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء, فكيف للرئيس والشباب أنفسهم الذهاب إلى شرم الشيخ بهذا العدد المهول الذي يصل إلى 3 آلاف شاب, انتقلوا بأفضل السيارات وبعضهم بالطائرات, ويسكنون أفضل الفنادق, في ظل الحديث الدائم للرئيس عن الأزمة التي تمر بها البلاد، ولماذا لم ينعقد المؤتمر في القاهرة؟ أو يلتقيهم الرئيس كلاً حسب محافظته في أوقات مختلفة وفقا لأجندته. كيف أدرتم ظهوركم للأزمات المستمرة في السلع الأساسية وتركتموها خلفكم, وانطلقتم إلى مدينة بلا مشاكل أينسيكم هذا من في القاهرة؟ أينسيكم مشاكلها وكل ما يعانيه أهاليكم هنا؟ كيف تجاوزتم أزمات السكر والدولار وارتفاع الأسعار، وتوجهتم إلى البحر والهدوء لتتحدثوا عن مشاكل أبعد ما تكون عن المكان المتواجدين فيه؟. هل لي أن أعتقد في جدية الحوار، وأن أنتظر منه نتائج من الممكن أن تخطو بنا وبالوطن إلى الأمام, وبعضهم ذهب لأنه لم ير شرم الشيخ من قبل فأراد أن ينزه نفسه؟ وأنا هنا لا ألوم الشباب لحرمانهم من وطنهم, وعدم رؤيتهم له سوى في المناسبات الرئاسية, ولكني كنت أفضل أن يذهبوا إليه سنويا كمتنزه فقط. في النهاية، أؤمن تماما بأن الحوار هو السبيل الوحيد للإصلاح والخروج من أي أزمة، خاصة الفجوة الكبيرة الموجودة منذ قديم الأزل بين الحكام والشباب المصري, لكن يكون حوارا بأجندة مسبقة معروفة مع تنفيذ جميع التوصيات التي تخرج عنه, وضمانات لهذا التنفيذ, فكل ما يحدث لن يخرج عن إطار الدردشة التي تحدث يوميا بين أي شخصين على أحد المقاهي. أتمنى أن يكون ما أتوقعه ليس أكثر من تشاؤم من شخص خاضع للمناخ التشاؤمي كما يحلو لهم بتصنيف كل من لديه تساؤلات وملاحظات, أفقدته السنوات الماضية الأمل في إحداث تغيير من داخل السلطة والحكومة, وأن يتحقق رهان كل من ذهبوا إلى المؤتمر محملين بآمال التغيير ويحدث ما هو جديد في السنوات المقبلة، فلنصبر وننتظر لكي نرى.