«يشتبه في تخطيط روسيا لإفساد انتخابات الولاياتالمتحدة، بهدف زرع عدم الثقة في الناخبين»، هذا ما قالته صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، بتاريخ 6 سبتمبر، لكن حين نفكر في الأمر جيدًا، بالفعل يعاني الأمريكيون من ذلة وإحراج في تاريخهم. كانت الحرب الباردة الأولى بمثابة عملية جراحية دقيقة على الأمريكيين، لتحل محل مادة الدماغ الخاصة بمسألة مناهضة الشيوعية، واستمرت أكثر من 70 عامًا. الحرب الباردة هي الاسم الذي يطلق على العلاقة التي وضعت أساسًا بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفييتي بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت للسيطرة على الشؤون الدولية على مدى عقود، ومنها العديد من الأزمات الكبرى مثل أزمة الصواريخ الكوبية، وفيتنام والمجر، وجدار برلين، لكن بالنسبة للكثيرين كان نمو أسلحة الدمار الشامل أكثر الأمور قلقًا. الاشتباكات بين المعتقدات المختلفة والأيدولوجيات الرأسمالية والشيوعية، وتمسك كل طرف بقناعته الدينية، تسببت في توسيع الصراع على السلطة الدولية، كلا الجانبين يتنافس من أجل الهيمنة، واستغلال كل فرصة للتوسع في أي مكان في العالم. ومن المنطقي أن تصبح الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفييتي حليفين بعد الحرب العالمية الثانية، والعلاقة بينهما حازمة وودية، لكن لم يحدث هذا، ولم يظهر أي علامات على الود بين القوتين خلال الحرب الوهمية. قبل الحرب كانت الولاياتالمتحدة تصور الاتحاد السوفييتي على أنه شيطان، وكان الاتحاد السوفييتي يصور أمريكا بالمثل، وخلال الحرب كان هناك انعدام للثقة بين الطرفين. استمرت الحرب الباردة بين الأمريكيين والسوفييت حتى اليوم، بوتيرة مختلفة بين الصعود والهبوط، حيث قال بريان كاتوليس، وهو زميل بارز في مركز التقدم الأمريكي ومستشار حملة هيلاري كلينتون: «لا أعرف ما المسمى المستخدم هنا، لكن ربما هذه أدنى نقطة رأيناها في العلاقات الأمريكية الروسية منذ التدخل السوفييتي في أفغانستان في عام 1979». من جانبه قال الأميرال المتقاعد جيمس ستافريديس، عميد كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية في جامعة تافتس، الذي يقدم المشورة أيضًا لحملة كلينتون: «الحرب الباردة بين الروس والأمريكان أمر مثير للقلق، وخطوط الاتجاه سيئة جدًّا، كما أننا لسنا في حرب باردة جديدة، لكننا على مقربة جدًّا من خلق أخرى جديدة». ويرى علماء السياسة الخارجية أن الحرب الباردة في الأوضاع الراهنة ليست ملائمة؛ لأنها تعني تعادل القوة بين البلدين، على عكس فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حين تناورت واشنطن والاتحاد السوفييتي على النفوذ العالمي. يحاول حلف شمال الأطلسي بقيادة الولاياتالمتحدة تطويق روسيا، عبر مناوراته بجانب موسكو، وهو متهم بالترويج للحرب ضد روسيا، ومع عدم الاتفاق الروسي الأمريكي بشأن سوريا، يقول المحللون: إن العلاقات من غير المحتمل أن تتحسن بين البلدين في أي وقت قريب. خلال مناظرة هيلاري كلينتون مع دونالد ترامب، اتهمت روسيا بممارسة أعمال القرصنة، التي تعد أحد أساليب الحرب الباردة، مما يطرح العديد من الأسئلة الرئيسية من بينها: ماذا سيفعل الرئيس الأمريكي القادم مع الحرب الباردة، وسط حفاظ كل من روسياوالولاياتالمتحدة على الأسلحة النووية؟ وحاليًّا تختمر حرب باردة جديدة بين كلا الجانبين وسط امتلاكهما أسلحة أكثر دقة وتطورًا. جلوبال ريسيرش