يبدو أن اللجنة الوطنية للانتخابات في فنزويلا أنعشت آمال الرئيس وحزبه في البقاء على هرم السلطة، حيث أعلنت اللجنة، الأربعاء الماضي، أن الاستفتاء على عزل الرئيس نيكولاس مادورو، الذي تطالب المعارضة بإجرائه، لن يحدث قبل أوائل عام 2017 المقبل، ما يطيح بآمال المعارضة في إمكانية تولي السلطة عبر انتخابات رئاسية مبكرة. ويعد هذا الإعلان الثاني من اللجنة الفنزويلية الذي يسعد أنصار مادورو بعد إعلانها في إبريل 2013 نتائج الانتخابات الرئاسية بفوز نيكولاس مادورو الرئيس الفنزويلي بالوكالة في انتخابات الرئاسة التي جرت في البلاد، وقتها رفض مرشح المعارضة الليبرالية أنريكي كابريليس الاعتراف بنتائج التصويت، وطالب لجنة الانتخابات بإعادة فرز الأصوات، وبالرغم من ذلك فاز مادورو بالانتخابات على منافسه بفارق ضئيل وهو 1.59 % فقط، حيث حصل مادورو على نسبة 50.66%، بينما حصل كابريليس على 49.07%، وذلك بعد فرز أكثر من 99% من أصوات الناخبين. أهمية الإعلان أوضحت اللجنة الوطنية للانتخابات في بيان لها أن موعد إجراء الاستفتاء سيعلن في ديسمبر المقبل، وذلك في حال نجاح ائتلاف المعارضة في جمع 20% من إجمالي أصوات الناخبين، خلال الحملة المقرر إجراؤها في فترة ما بين ال 26 وال 28 أكتوبر المقبل، وأضافت اللجنة أن الاستفتاء سيعقد حال الحصول على النسبة المطلوبة، في غضون ثلاثة أشهر، اعتبارًا من وقت إعلان موعده، وتابعت اللجنة أنه قد يجرى في منتصف الربع الأول من عام 2017. تكمن أهمية إعلان اللجنة الوطنية تأجيل الاستفتاء حتى 2017 المقبل في أن عامل الوقت يلعب دورًا كبيرًا في لعبة الشد والجذب بين الرئاسة والمعارضة، فلكي تحصل انتخابات مبكرة، وهو ما تطالبه به المعارضة الفنزويلية المنضوية تحت إطار ائتلاف "طاولة الوحدة الديمقراطية"، يجب أن يجري الاستفتاء قبل العاشر من يناير 2017، وأن تأتي نتيجته كما تريد المعارضة، ولكن بعد هذا التاريخ لن يكون بمقدور المعارضة تنظم انتخابات جديدة، إذ إن الدستور الفنزويلي يتيح لنائب الرئيس الذي ينتمي إلى الحزب الاشتراكي الحاكم أيضًا تولي الرئاسة حتى انتهاء الولاية الرئاسية في 2019، ، إذا ترك مادورو منصبه في العام المقبل. وحتى تستطيع المعارضة إجراء استفتاء على الرئاسة فعليها أن تجمع بين 26 و28 أكتوبر أربعة ملايين توقيع (أي 20 في المائة من عدد الناخبين والبالغ عددهم 20 مليونًا) وذلك خلال ثلاثة أيام في المرحلة الأخيرة التي تسبق الدعوة إلى الاستفتاء، وبعد ذلك يحتاج المجلس الانتخابي إلى شهر للتحقق من التوقيعات، ثم لفترة تصل إلى ثلاثة أشهر للدعوة إلى التصويت على الاستفتاء. ولفت الخبير في القضايا الانتخابية أوجينيو مارتينير، إلى أنه إذا تمكنت المعارضة من جمع أكثر من 7,5 مليون صوت، وهو عدد مؤيدي مادورو في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2013، فإن ذلك سيكون له "تأثير حتمي" حتى إذا لم يجرِ الاستفتاء في 2016، فعدد ال 7,5 مليون صوت هو العتبة المطلوبة لإقالة الرئيس في استفتاء. يذكر أن المعارضة تمكنت قبل ذلك من جمع عدد من التوقيعات أثناء الجولة الأولى في حملة توقيعات لإجراء الاستفتاء أكبر بتسع مرات من العدد المطلوب والمحدد بمائتي ألف، واعترفت لجنة الانتخابات في أغسطس الماضي بصدق توقيعات أكثر من 1% من الناخبين الفنزويليين (نحو 329 ألف شخص). وتعرضت الحكومة الفنزويلية لمجموعة من العوامل والمتغيرات عصفت بكيانها، ففي فبراير عام 2014 شهدت فنزويلا موجة من الاحتجاجات الحاشدة لعدم توفر الظروف الأمنية المطلوبة وتفشي الجريمة في البلاد والأزمة الاقتصادية الخانقة، التي حمل المتظاهرون الحكومة المسؤولية عنها. وفي ديسمبر 2015 حقق ائتلاف المعارضة، لأول مرة منذ 16 عامًا، فوزًا عريضًا على الحزب الاشتراكي الموحد الفنزويلي الذي يتزعمه مادورو، ب 109 مقاعد من أصل 164، على خلفية الأزمة الاقتصادية في البلاد، التي ألحقت ضررًا كبيرًا بشعبية الرئيس، خاصة بعد تهاوي أسعار النفط، الأمر الذي أضر كثيرًا بالبلد المنتج للنفط، حيث يعدّ النفط ثروتها الوحيدة تقريبًا.