تكشف لنا الأزمة السورية كل يوم سرًا من أسرار المؤامرات الدولية التي تحاك ضد هذا البلد، والذي وصف قبل اندلاع الحرب فيه، بأنه حصن المقاومة والممانعة وباعتراف الدول العربية بما فيها الدول الخليجية، والتي أدارت بوصلتها اليوم باتجاه الكيان الصهيوني لتتآمر معه وتضع يدها بيده لتدمير الجيش العربي السوري. ويبدو أن صواريخ "كاليبر" الأخيرة استطاعت أن تكشف هذا التنسيق، والتوغل الإسرائيلي في الميدان السوري. صواريخ "كاليبر" وفقًا لمصادر ميدانية من محافظة حلب، فإن 3 صواريخ من نوع كاليبر والتي أطلقتها سفن روسية مؤخرًا، استهدفت غرفة عمليات للإرهابين في "ديرة عزة" على مسافة 30كم غرب مدينة حلب، وتقع في منطقة جبل سمعان، والتي تشتهر بطبيعتها الجبلية القاسية ومغارات قديمة. يذكر أن العملية جرت منذ قرابة الشهر، وكشف تقرير لوكالة «سبوتنيك» الروسية المزيد من التفاصيل حولها اليوم، وأوضح مصدر للوكالة الروسية أن غرفة العمليات تضم 30 ضابطا قياديا من الجيش الأمريكي والبريطاني والموساد الإسرائيلي بالإضافة للتركي والسعودي والقطري، يديرون العمليات الإرهابية من خلال هذه الغرفة في حلب وإدلب. وترددت أنباء عن أن عملية الإطلاق قد تكون تمت من بحر قزوين ولكن مع عدم وجود تأكيدات وعدم رصدها من قبل دول أخرى، ولم تصدر أية بيانات أو تعليقات من الأطراف المشار إليها في هذا القصف حتى الآن. وفي جميع الأحوال فإن دور الكيان الصهيوني في تدمير سوريا بدأ يتكشف يومًا بعد يوم، فصواريخ كاليبر لم تكن المؤشر الأول لدعم الصهاينة للمعارضة السورية ضد الجيش العربي السوري وحلفائه في حربهم الكونية ضد الإرهاب الممزوج بالفكر الوهابي. وعلى الرغم من أن سياسة الكيان الصهيوني الرسمية تزعم عدم التدخل في الحرب السورية إلا أنها قامت ومنذ بداية الأزمة في سوريا بتقديم العلاج لأكثر من ألفي سوري، من ضمنهم مقاتلين من جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، كما أن الكيان الصهيوني استهدف الأسبوع الماضي مدافع تابعة للجيش السوري في منطقة القنيطرة، قال إنها جاءت ردا على سقوط قذيفة هاون في شمال هضبة الجولان المحتلة الليلة الماضية، في الوقت الذي قال فيه الجيش السوري إنه أسقط طائرة حربية إسرائيلية جنوب غرب القنيطرة وطائرة استطلاع غرب سعسع، بعد خرق الطائرتين الأجواء السورية واستهداف مواقع للجيش السوري. وفي رد فعل إعلامي إسرائيلي اعتبرت صحيفة معاريف أن إطلاق الصواريخ السورية تمثل تحولا جوهريا وأن القيادة السورية توجه رسالة واضحة وقاطعة بأنها لن تقف مكتوف الأيدي، وكان هذا رابع حادث من نوعه في 9 أيام، حيث قصفت الطائرات الإسرائيلية أهدافًا عسكرية سورية في الجزء المحرر من الجولان إثر سقوط قذائف في الجانب المحتل منه، ما أدى إلى إصابة 4 عسكريين سوريين وفقًا لمصدر عسكري سوري، الأمر الذي يؤكد وجود اشتباكات في ريف القنيطرة الشمالي تدور رحاها بين القوات السورية وفصائل مسلحة يدعمها الكيان الاسرائيلي ويقدم لها الدعم الطبي واللوجستي وحتى العسكري، كما أكدت بعض الشخصيات السورية المعارضة المتمتعة بعلاقات قوية مع مسؤولين صهاينة لصحيفة المونيتور البريطانية وجود اهتمام متزايد بإنشاء منطقة آمنة في جنوبيسوريا، وتشير الخطوات على الأرض إلى أن مثل هذا المشروع ربما يجري تنفيذه. ومن هنا يبدو أن الكيان الصهيوني حسم تردده واختار الفصيل الأنسب لمجاورته الحدود في الجولان المحتل، فعلى الرغم من تردده السابق في دعم الفصائل السورية المسلحة ذات الأصول القاعدية، والتي استطاع فيما بعد ترويضها وضبط إيقاعها، إلا أنها تبقى الخيار الأنسب بالنسبة له من استتباب الأمور للحكومة السورية في جنوبسوريا، على اعتبار أن هذا الواقع سيمكن الجيش السوري بالإضافة لإيران وحزب الله من استغلال السيطرة على المنطقة في بناء قواعد وبنى تنظيمية وعسكرية لتوظيفها في العمل ضد العمق الصهيوني. وقال الكيان الصهيوني إن الإيرانيين وحزب الله شرعوا بالفعل في بناء قواعد في مناطق سيطرة النظام في المنطقة، وهو ما استدعى شن غارات إسرائيلية أفضت إلى تصفية عدد من قيادات حزب الله اللبناني وشخصيات إيرانية، كالشهيد سمير قنطار، القيادي في حزب الله، الذي كان له دور في اكتشاف ذراع استخباراتية عميلة ناشئة في الجزء الجنوبي من سوريا تتخذ من بلدة جباثا الخشب بريف القنيطرة مركزا لها، حيث ظهرت هذه الذراع وهي تعمل داخل الأراضي السورية بأريحية مرتبطة مع جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، وهي كتيبة تشبه الكتائب الأولى التي أنشئت إبان ظهور "قوات" سعد حداد، جنوبلبنان، والذي تحالف مع إسرائيل وساعده الموساد في إنشاء مليشيا جيش لبنانالجنوبي لمناهضة الوجود الفلسطيني الذي كان مهددًا قويا لأمن الكيان الصهيوني. جزء من الأهداف الموضوعة لهذه الذراع يشمل مراقبة الحدود بين الجزء المحرّر والمحتل من هضبة الجولان ممتدة على مسافة 10كم على خط ال61كم تحديدا ضمن خط عمق ال10كم القريب من الحدود الذي تعتبره إسرائيل "منطقة نشاط محتملة" للمقاومة يمكن أن تخترق منها. غارات جيش الاحتلال الإسرائيلي الجديدة شُنت بينما يشهد ريف القنيطرة الشمالي معارك بين قوات الجيش السوري من جهة وبين كل من حركة أحرار الشام وجبهة فتح الشام وفصائل من الجيش السوري الحر فيما تسمى بمعركة "قادسية الجنوب"، وهي المعركة التي تشهد دعمًا كبيرًا من الكيان الصهيوني للمسلحين، حيث شوهدت دبابات وآليات ثقيلة ل"جبهة النصرة" تسير بشكل اعتيادي قرب حدود الفصل مع الأراضي السورية المحتلة، علما أن هذه المنطقة هي منطقة معزولة السلاح وفق الاتفاق الذي جرى بعد حرب أكتوبر، هذا بالإضافة إلى أن شخصيات من المعارضة السورية زارت إسرائيل مؤخرًا أمثال كمال اللبواني بهدف التنسيق الأمني.