تجددت المظاهرات المناهضة للرئيس الكونغولي جوزيف كابيلا فى مدينة لابوتشي أمس، في احتجاجات قال عنها الكثيرون إنها الأكثر حشدًا منذ فترة، حيث أحرق المتظاهرون إطارات سيارات؛ للمطالبة باستقالة الرئيس، بينما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفريقهم. وقالت المحطة الإذاعية الخاصة بالكونغو إن الشرطة حاولت تفريق المظاهرة التي نظمها خلال المساء الأعضاء المحليون بحزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والتقدم الاجتماعي، وهو أكبر أحزاب المعارضة في جمهورية الكونغو بقيادة إيتين تشيسكيدي الذي عاد حديثًا من المنفى. سبب المشكلة ترجع المظاهرات إلى عدم التزام السلطة في الكونغو بميعاد الانتخابات التي كان من المقرر عقدها في نوفمبر، ولكن لجنة الانتخابات قالت الشهر الماضي إن سجلات الناخبين لن تكتمل قبل منتصف العام القادم، فيما يؤكد المعارضون أن الرئيس الكونغولي يماطل في إجراء الانتخابات؛ للتشبث بالسلطة وقد نفى أنصاره هذا الاتهام. وعلى الرغم من أن الدول الغربية والمانحة تضغط على كابيلا؛ حتى لا يبقى في السلطة بعد انتهاء فترة رئاسته في 19 ديسمبر المقبل، إلا أنه يبدو أن هذا الأمر لم يتحقق بعد تأكيدات اللجنة الانتخابية أنها لن تجري الانتخابات في هذا العام، فضلًا عن إجراء حوار سياسي بين المعارضة والحكومة؛ للتوصل إلى حل يرضي الطرفين. وكابيلا الذي خلف والده بعد اغتياله في 2001 فاز في انتخابات متنازع عليها في 2006 و2011، وبينما يقصر الدستور الكونغولي فترة بقائه في الرئاسة على مدتين فقط بالانتخاب، قضت أعلى محكمة في البلاد بإمكان بقائه في السلطة إلى أن يتم إجراء انتخابات، حتى إذا تجاوز ذلك انتهاء فترته في ديسمبر، وهو الأمر الذي يخشاه محللون كثيرون من أن يؤدي إلى حرب أهلية شاملة، مثل تلك الحرب التي أدت إلى سقوط ملايين القتلى فيما بين 1996 و2003. تطورات الأزمة ومراحلها في أوائل سبتمبر الجاري أكد وزير العدل الكنغولي أليكسيس ثامبوي أن بلاده ستشكل حكومة انتقالية تضم شخصيات من المعارضة، في إطار اتفاق لإجراء انتخابات جديدة ونزع فتيل الأزمة السياسية، وذلك بعد اتفاق مؤيدي الرئيس جوزيف كابيلا وبعض شخصيات المعارضة على توقيت إجراء الانتخابات (لم يتم الإعلان عنه)، ولكن هذا الاتفاق قاطعه أغلب أحزاب المعارضة الكبرى التي اعتبرته جزءًا من خطة كابيلا لتبرير بقائه في السلطة بعد انتهاء ولايته في ديسمبر من العام الجاري. وتعيش الكونغو في عنف متصاعد بسبب الميليشيات، كما أن البلاد لم تشهد انتقالًا سلميًّا للسلطة، وقتل نحو 40 متظاهرًا خلال احتجاجات مناهضة للحكومة يناير من العام الماضي. ولم يطمئن كابيلا معارضيه بالتزامه بنصوص الدستور، حيث أكد في وقت سابق من الشهر الجاري أن الجدول الزمني للانتخابات لن ينشر إلا عندما يتم تحديث سجلات الناخبين، وقالت حكومته إنها تفضل إجراء الانتخابات المحلية ومجالس المحافظات قبل الانتخابات الرئاسية، ما يعني بحسب معارضين ومحللين سياسيين أن الكونغو لن تذهب لصناديق الاقتراع لاختيار خليفة كابيلا حتى عام 2018 أو 2019. ويخشى زعماء المعارضة من أن كابيلا سوف يسعى لتغيير الدستور عن طريق إجراء استفتاء؛ لإزالة القيود على مدة الرئاسة؛ لكي يتمكن من الترشح مرة ثالثة، كما فعل رؤساء رواندا وجمهورية الكونغو العام الماضي، حيث لم يسبعد كابيلا مثل هذه الخطوة، وقال إنه دعا لإجراء محادثات قبل الانتخابات مع زعماء المعارضة؛ لحل المشاكل العالقة بين الجانبين. وفي محاولة لاسترضاء المعارضة، قال كابيلا إنه وافق على إطلاق سراح 24 معارضًا للحكومة من السجون، وتأتي الخطوة التي وصفتها المعارضة بأنها "غير كافية" للتقليل من الانتقادات الدولية للحكومة؛ بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان. وترفض المعارضة إجراء مفاوضات ومحادثات مع الحكومة للخروج من الأزمة، حيث تقول إنها قد تؤمن للرئيس الكونغولي فترة رئاسية مقبلة، متهمة وسيط الاتحاد الإفريقي "آدم كودجو" بالعمل على ضمان ترشح الرئيس جوزيف كابيلا لفترة رئاسية ثالثة. وعقب لقاء جمع عددًا من أعضاء الائتلاف برئيس الكونغو في العاصمة الكونغولية كنشاسا، في وقت سابق، جددت المعارضة رفضها الانضمام إلى الحوار السياسي الذي دعا له الرئيس الكونغولي «جوزيف كابيلا»، في ظل عدم تلبية مطالبها المتمثلة في «الإفراج عن المعتقلين السياسيين، وإعادة فتح القنوات التليفزيونية المقربة من المعارضة، ووضع حد للملاحقات القضائية ذات الطابع السياسي التي تستهدف المعارضين»، وإعداد جدول توافقي للانتخابات، علاوة على النظر في المسائل المتعلقة بإدارة البلاد بعد انتهاء الولاية الدستورية الثانية والأخيرة للرئيس، جوزيف كابيلا. ووفق «ديودوني وندو»، أستاذ العلوم الاجتماعية في جامعة «كمبونغوست» بكينشاسا، فإن شروط المعارضة وضعت السلطة أمام معادلة صعبة: إما الاستجابة إلى هذه المطالب ومواجهة خطر فقدان ماء الوجه، أو التشبث بموقفها، مقابل عرقلة الحوار بأسره.