يبدو أن السلطة تسعى، بكل ما أوتيت من قوة، إلى حجب الحقائق عن الرأي؛ فمازالت تضيق على الصحفيين حد المنع من تأدية عملهم، آخرها رفض قوات الأمن اليوم، بمحكمة مستأنف القاهرة الجديدة، بأمر رئيس المحكمة، دخول الصحفيين والمصورين جلسة استئناف المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق، على حبسه سنة مع الشغل وغرامة 20 ألف جنيه، بتهمة بإشاعة أخبار كاذبة عن حجم تكلفة الفساد، الذي قدره ب600 مليار جنيه. سياسة منع الصحفيين من ممارسة عملهم بدأت عقب اقتحام قوات الشرطة نقابة الصحفيين في الأول من مايو الماضي واتهام نقيب الصحفيين و2 من أعضاء المجلس بالتستر علي مطلوبين لدي جهات قضائية؛ حيث فرض حصار أمني علي مقر النقابة ومنع الصحفيون من دخول مقر نقابتهم، ومنعهم أيضا من الدخول إلي محكمة جنح قصر النيل لحضور أولى جلسات محاكمة النقيب وعضوي المجلس في شهر يونيو الماضي. وأصبح منع الصحفيين من ممارسة مهام عملهم لغة الدولة الرسمية في التعامل؛ حيث قرر رئيس مجلس النواب، علي عبد العال، منع حضور المصورين الجلسة العامة للمجلس، خاصة بعد التقاط أحد المصورين صورة لرئيس المجلس وهو يعطي قبلة على الهواء في إحدى جلسات المجلس الشهر الماضي، ليعاقب الصحفيين بمنعهم من حضور الجلسات نهائيا. وقال أبو المعاطي السندوبي، عضو جبهة الدفاع عن الصحفيين، إن أساس عمل الصحفي الكشف عن الحقيقة للرأي العام، ومنع الزملاء من تغطية المحاكمات أو التظاهرات أو غيرها، أحساس من السلطة الحاكمة أن نقل الأخبار ستفضح أساليبهم، فتستخدام سياسة المنع لعدم وصول المعلومات إلي المواطنين؛ لأن السلطة لا تريد إلا سماع صوتها فقط، وهو ما قاله رئيس الجمهورية في أحد لقاءاته «ما تسمعوش لحد غيري». وأضاف السندوبي ل«البديل» أن الصحفيين هم الوسيلة التي يتم من خلالها نقل وكشف الحقيقة وعرضها على الرأي العام، ولذا تعمل السلطة على ضرب هذه الوسيلة لمنع إيصال الحقيقة للمتلقي عن طريق منع الصحفيين من ممارسة مهام عملهم. وأوضح عامر الوكيل، عضو مجلس نقابة الإعلاميين (تحت التأسيس)، أن مصر تعيش أسوأ عصورها في كل شيء بشكل عام، وخاصة الحريات؛ لأن القمع والقهر والظلم اتخذ سبيله في أنحاء مصر بكل الصور، متابعا: الشعب مقهور بفعل الإفقار والفساد، والشباب بالتهميش والاضطهاد والتمييز لصالح فئات بعينها وأبناء طبقات محددة، والصحافة تحاول كشف كل القمع والمنع، حيث يوجد عشرات الصحفيين خلف القضبان، وهناك اعتداءات شبه يومية على مصورين وصحفيين في كل مكان. ولفت الوكيل ل«البديل» إلى وجود حالات منع لمقالات وكتاب، وإلغاء برامج ومنع ضيوف بعينهم من الظهور في الصحافة والإعلام، مضيفا: للأسف، الكيان الوحيد الذي يمكنه أن يتصدى لكل ذلك أصبح مهددا، وهو نقابة الصحفيين، لكن يتحمل مجلس النقابة جزءا مما يتعرضون إليه بعد أن أضاعوا فرصة عظيمة لجمع الصحفيين ضد هذه الوحشية القمعية غير المسبوقة، ويظل هناك أمل خافت في شباب الصحفيين الذين يتمسكون بالمقاومة وتأدية دورهم ورسالتهم في توعية الشعب والحفاظ على حق المواطن في المعرفة ضد سلطة تريده جاهلا مغيبا.