لا يختلف اثنان على أن ظهور روابط المشجعين وتواجدهم في المدرجات أضفى كثيرًا من الحماس والمتعة على كرة القدم، اللعبة الشعبية الأولى في العالم، وانتشرت هذه الراوبط بشكل كبير في الوطن العربي خلال العشرة أعوام الماضية، لكن مع وصولها مصر وبالتحديد بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، بدأت أصابع الاتهام تتوجه إلى هذه الروابط تارة بأنها روابط مثيرة للشغب وتهدف إلى هدم استقرار الدولة، وأخرى بأنها أداة في يد الجماعات الإرهابية يستخدمونها في وجه النظام الحاكم. وكثر الحديث عن تلك الروابط بعد سقوط العديد من الضحايا منها في مجزرة بورسعيد التي راح ضحيتها 72 مشجعًا أهلاويًّا، أو مجزرة الدفاع الجوي التي راح ضحيتها 20 مشجعًا زملكاويًّا، وفي الأخيرة تم توجيه الاتهام لقيادات الرابطة بأنهم السبب الرئيس في سقوط تلك الضحاية، «البديل» ستصطحبكم في رحلة للتعرف على من هم الألتراس عادتهم وتقاليدهم وتاريخهم عربيًّا. مفهوم الأولتراس «Ultras» الألتراس.. كلمة لاتينية تعني الشيء الفائق والزائد عن الحد، وكان تقليديًّا يستخدم لوصف مناصري قضية معينة بشكل يفوق ولاء أصحاب القضية الأصليين لها، ثم انتقل المفهوم إلى مجال الرياضة، حيث استخدم لوصف مجموعات مشجعي الفرق الرياضية والمعروفة بانتمائها وولائها الشديد لفرقها، وتتواجد بشكل أكبر بين محبي الرياضة في أوروبا وأمريكا الجنوبية وحديثًا في دول شمال إفريقيا. البداية أُنشئت أول فرقة أولتراس عام 1940 بالبرازيل، وعرفت باسم «Torcida»، ثم انتقلت الظاهرة إلى أوروبا، وبالضبط إلى يوغوسلافيا ثم كرواتيا، وبالتحديد جمهور «Hajduk Split» الذي كان أول من أدخل هذا النوع. عربيًّا كانت تونس أول الدول العربية الشاهدة على ظهور الألتراس من خلال «ألتراس المكشخين» الترجي الرياضي التونسي، وتأسس في يوليو 2002، وأول ظهور له كان تحت اسم «ألتراس»، واسم المكشخين جاء لاحقًا. وفي مصر ظهرت أول رابطة تحت اسم ألتراس وايت نايتس، وبالإنجليزية (Ultras White Knights) (UWK07)، وهم مجموعة مشجعين منتمية إلى نادي الزمالك المصري، وتم تأسيسها في 17 مارس 2007 ومكانها «الثالثة يمين» الذي يطلق عليه Curva Sud وهي أول مجموعه ألتراس فى مصر، يليها أولتراس أهلاوي الذي تأسس في شهر أبريل من العام ذاته، ويتكون شعار الوايت نايتس من ثلاثة وحدات رئيسة؛ الأول الإطار الخارجي لشعار النادي، وتم وضعه في الخلفية، الثاني خوذة محارب «مقطع جانبي» وهو يمثل جماهير نادي الزمالك الملقبة بالفرسان البيضاء، وتم وضعه في المقدمة في إشارة إلى أن جماهير النادي الأبيض هي خط الدفاع الأول عن النادي، الثالث سيف مقبضة أول احرف اختصار اسم المجموعة. ميولهم تميل هذه المجموعات إلى استخدام الألعاب النارية أو «الشماريخ» كما يطلق عليها في دول شمال إفريقيا، والغناء وترديد الهتافات الحماسية لدعم فرقهم، كما يوجهون الرسائل إلى اللاعبين، وتقوم هذه المجموعات بعمل دخلات خاصة في المباريات المهمة، وكل ذلك يضفي البهجة والحماس على المباريات الرياضية، وخاصة في كرة القدم. مبادئهم عدم توقفهم عن الغناء أو التشجيع خلال المباراة، مهما كانت النتيجة، وأن يمنع الجلوس أثناء المباراة، وحضور أكبر عدد ممكن من المباريات «الذهاب والإياب»، بغض النظر عن التكاليف أو المسافة، وأن يظل الولاء قائمًا للمجموعة المكونة «عدم الانضمام لأخرى». العقلية تعتمد مجموعات ألتراس على التمويل الذاتي، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تقبل أي إعانة من أي مصدر، و يتم التمويل الذاتي من خلال بيع منتجاتها مثل تي شيرت والأشاربات والقبعات وغيرها، بالإضافة إلى مدخول العضوية في ألتراس. يتم تجديد العضوية في ألتراس مرة في السنة، عادة، حيث يدفع العضو قيمة العضوية التي يتم تحديدها من طرف المجموعة، ويحصل العضو على بطاقة أو ما شابه، كدليل على العضوية. من جهة أخرى فإن لكل مجموعة أولتراس اسمها ورمزها الخاصين بها، ويُطبع الاسم والرمز على الباش أو كما يطلق عليه في الشرق الأوسط «البانر» الرسمي للمجموعة، وهو عبارة عن قطعة من القماش لا يمكن تقطيعها بسهولة، وله أهمية قصوى عند مجموعة الألتراس. وهناك نوعان من البانر الأول البانر الرسمي لا يخرج من المدينة التي يوجد بها الفريق الذي تسانده ألتراس، ويتم تعليقه فقط في الملعب الخاص بالفريق، وعملية إدخال وإخراج الباش الرسمي تتم بمنتهى الحذر، غالبًا ما يتم إدخاله من طرف عدة أشخاص يعتبرون ذوي مكانة خاصة في المجموعة، ولا يعرف بالظبط من يحمله ومن يخرجه من الملعب. والهدف من ذلك كله هو الحفاظ عليه من السرقة؛ لأنه في قانون ألتراس المجموعة التي تتم سرقة باشها الرسمي تعلن حلها «إقصاءها» ويتحول أعضاؤها إلى مجرد مشجعين عاديين. والثاني بانر الترحال.. ويرافق المجموعة في ترحالها داخل أو خارج أرض الوطن، ولا يقل أهمية عن البانر الرسمي. قوانين المنخرط في مجموعة ألتراس عليه احترام مبادئ وقوانين ألتراس والحفاظ على منتجات المجموعة التي اقتناها بكل حذر؛ لأن أعضاء المجموعات الأخرى يتربصون به، وعندما تتم سرقة منتج مجموعة ألتراس من طرف أعضاء مجموعة أخرى، يتم تصويره مقلوبًا رأسًا على عقب، ويتم نشر الصورة لما فيها من مذلة وسخرية.