أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، أول رحلة خارجية له، منذ محاولة الانقلاب في الشهر الماضي، وبدلا من زيارة أحد حلفاء حلف الناتو، ذهب الرئيس التركي إلى روسيا للقاء نظيره الروسي فلاديمير بوتين. ويلتقي أردوغان وبوتين، في مسقط رأس الرئيس الروسي سان بطرسبرج، وينظر للزيارة على أنها محاولة لإعادة العلاقات بين البلدين إلى مسارها بعد تداعيات مريرة بشأن إسقاط تركيا لطائرة مقاتلة روسية في نوفمبر الماضي. تتسائل الدول الغربيةوروسيا، حول الطريق الذي يسلكه أردوغان، وذهب به إلى تطهير خصومه سريعا مستغلا الأحداث بعد محاولة الانقلاب الفاشلة، وبالتالي سفره إلى روسيا له أهمية جيوسياسية أوسع. من جانبه، قال المحلل في مركز كارينجي، اليكسي مالاشينكو:" الغرب ينتقد أردوغان لحملته أعقاب الانقلاب، وأردوغان لا يهتم، وهذا التوتر بين تركيا وحلفائها في الناتو مفيد جدا لروسيا". بدأ التقارب بين موسكووأنقرة في يونيو، قبل محاولة الانقلاب، عندما قبل الكرملين اعتذار أردوغان بعد إسقاط الطائرة الروسية الحربية على الحدود التركية المشتركة مع روسيا، وفي غضون أيام، تحدث المسؤولون في البلدين حول بدء محادثات لإلغاء العقوبات التي فرضتها روسيا على تركيا في أعقاب الحادث. منذ أن دفعت القضايا بشكل أوسع بين موسكووأنقرة، كان هناك رغبة في تعليم الغرب درسا في التعامل مع المصالح المشتركة والتهديد الأمني القومي، كما أن أنقرة رحبت بتقديم موسكو لدعمها المطلق لتركيا بعد محاولة الانقلاب الفاشل. وقال المتحدث باسم أردوغان، إبراهيم كالين، لوكالة الأنباء الروسية "تاس" الأسبوع الماضي: "نقدر حقيقة أن روسيا تتخذ موقفا واضحا من مسألة الانقلاب"، هذه النغمة تتناقض مع خطاب أنقرة تجاه حلفائها، حيث انتقد أردوغان مرارا وتكرارا الولايات المحدة لدعمها محاولة الانقلاب الفاشلة وعدم تسليمها فتح الله جولن. توتر العلاقات بين حلفاء الناتو يعد موضع ترحيب لموسكو، بعد عقدين من استياء روسيا من توسع الناتو وتشكيله تهديدا عليها في الأونة الأخيرة. داخل تركيا، يرفض بعض المسؤولين الأتراك التقارب الروسي التركي لأنه على وشك حرق الجسور مع الولاياتالمتحدة؛ خاصة أن الرابط بين واشنطنوأنقرة قوي، وفي الماضي تجاوزت فترات صعبة بين البلدين. يشعر الدبلوماسيون بالقلق من استخدام أنقرةلروسيا كورقة للضغط على علاقتها بالغرب، بما في ذلك سوريا، فربما رفض تركيا السماح للولايات المتحدة باستخدام قاعدة انجريك الجوية لقتال تنظيم داعش مجددا. رغم المصالح المشتركة بين البلدين، إلا أن المسؤولين في أنقرةوموسكو يخمنون نتائج اجتماع قادتهم، حيث قال ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم بوتين، الذي قضى ثماني سنوات كدبلوماسي في أنقرة: "ينبغي على المرأ ألا يتوقع عودة العلاقات بين البلدين لمستوى ما قبل إسقاط الطائرة الروسية، الأمر سيستغرق وقتا لإعادة الثقة". ولفت دبلوماسي أوروبي إلى أن أردوغان يمكنه انتقاد من يحب، لكنه في نهاية المطاف يحتاج الأوروبيين، وهو يعلم أنه لا يمكن أن يثق في بوتين، فكم مرة دخل الأتراك والروس في حرب على مدى الثلاث قرون الماضية، وكم مرة فاز الأتراك؟. فايننشال تايمز