تجديد الخطاب الديني.. أزمة قائمة بعد فشل المؤسسات القائمة على الأمر، بداية من الأزهر وصولا إلى وزارة الأوقاف، ويظل حلما يؤرق كل القائمين على الدولة، وفاقم الأزمة عدم رد الأزهر على اتهامات موجهة له بتبني فتاوى تكفيرية، مثل «حرق الأسير» التي أخرجها تنظيم داعش الإرهابي، ولم تستطع المؤسسة نفيها. وتبنى كل محاولات تجديد الخطاب الديني أشخاص يريدون الشهرة، ووصل الأمر إلى سب الإمام البخاري وغيره من الأئمة، دون توضيح الوجه الحقيقي للإسلام باعتباره أول دين يؤسس للعدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس، ويؤصل لبناء المجتمع، وخطابه يتبنى السلمية، وليس القتل والعنف باسم الدين. واليوم يلتقط البرلمان طرف الخيط ويتدخل في تجديد الخطاب الديني؛ عن طريق الدكتور أسامة العبد، رئيس لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، من خلال إجراء زيارة للدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، في مقر دار الإفتاء المصرية، وبحضور الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية ووكيل اللجنة، واللواء شكري الجندي، والدكتور عمرو حمروش، أمين سر اللجنة، وتعد الزيارة الأولى لمؤسسة دينية، في إطار خطوات تطوير الخطاب الديني. قال يحيى إسماعيل، أمين جبهة علماء الأزهر، إن الزيارة مجرد استعراض من البرلمان ولجنة الشؤون الدينية، فلا أحد في مؤسسة الأزهر أو البرلمان الحالي يهتم بتجديد الخطاب الديني، متسائلا: أين كان العبد حينما تولى رئاسة جامعة الأزهر، لماذا لم يكلف بتغيير المناهج وتعديلها وحذف كل الشوائب الموجودة بها وتدريس كتب الإمام محمد عبده وغيره من الأئمة الممنوعين من تدريس كتبهم داخل مؤسسة الأزهر؟ وأضاف إسماعيل ل«البديل» أن هيئة كبار العلماء سبق وتقدمت بأكثر من مشروع لتجديد الخطاب الديني، ولم يلتفت لهم أحد، وكأن الكل يصر على تشويه صورة الإسلام، وأنه دين يدعو للعنف والقتل، رغم أنه دين الرحمة والسلام، مؤكدا أن تجديد الخطاب الديني لا يعني حرق كتب التراث بكل ما فيها وتوجيه السب واللعن لأئمة الإسلام، لكن من خلال توعيه المصريين بأن الإسلام دين يدعو لإعمال العقل وليس مقيدا برأي أو فتوى، فالإسلام دين لبناء الدول، وهذا ما لا يدركه الكثيرون. وأكد النائبة آمنة نصير أن البرلمان لم يقدم حتى الآن مشروعا لتجديد الخطاب الديني، ويريد عمل شو إعلامي فقط؛ عن طريق زيارات المؤسسات الدينية حتى يقول البعض إن المجلس يضع تجديد الخطاب الديني نصب عينيه، وهذا كلام خاطئ تماما وليس حقيقيا. وتابعت نصير ل«البديل» أن مؤسسة الأزهر مازالت تقف على الطرف الثاني من بحر تجديد الخطاب الديني الذي سيعيد لهذه المؤسسة الحياة لو حدث،لأن تجديد الخطاب الديني يدفن الوهابيين وشيعتهم من السلفيين للأبد، ويحطم التوابيت التي أقنعوا الناس بوجودها، فالإسلام أعدل الأديان وأنصفها لكل الشرائع. وأوضح محمد عبد الرازق، المستشار السابق بوزارة الأوقاف، أن تجديد الخطاب الديني ليس بخطب مكتوبة أو مواضيع مفروضة على أئمة بالمساجد، لكن بتنظيم دورات للأئمة وتعليمهم أصول النقاش مع المصلين والتأكيد لهم أن الإسلام دين العدل والسلام، فالنبي محمد صلي الله عليه وسلم بعث رحمة للعالمين، وما دون ذلك كلام "فض مجالس"، بحسب تعبيره، مطالبا الأزهر ووزارة الأوقاف بضرورة الاهتمام بتجديد الخطاب بشكل أكبر من ذلك، ووضع أسس علمية وطرق حديثة للأمر، وليس بالأسلوب البدائي الذي يتم التعامل به اليوم.