لا يعلم كثيرون أن سلسلة "قراصنة الكاريبي" وشخصية القرصان ذو اللحية الحمراء والعين الواحدة والقدم الخشبية، في الأصل مسلمة، ساهمت بدور كبير في حماية الخلافة الإسلامية والدفاع عن المسلمين في مختلف بقاع الأرض، خلال حقبة الدولة العثمانية، تاركًا الفزع في نفوس الأوروبيين، مرجعًا الهيبة إلى أسطول وبحرية العثمانيين، ليحاول الغرب تشويهها بطريقة متعمدة تعويضًا عن فشلهم التاريخي في تحقيق نصر عليه. بطل "قراصنة الكاريبي" خير الدين بربروسا، واسمه الأصلي خضر بن يعقوب، ولقّبه السلطان سليم الأول بخير الدين باشا، وعُرف لدى الأوروبيين ب"بربروسا" أي "ذو اللحية الحمراء"، تمتع بقدر كبير من الدهاء والحنكة البحرية، الأمر الذي نتج عنه فرض السيطرة على حدود الدولة العثمانية البحرية، حيث عينه السلطان سليمان القانوني قائدًا عامًا لجميع الأساطيل البحرية للخلافة الإسلامية. تولى منصب حاكم الجزائر عقب وفاة أخيه عروج، وتمكَّن من طرد الإسبان من الجيوب التي أقاموها على ساحل الجزائر، وضمَّ إليه مناطق جديدة، وتسبب في فزع الإسبان عقب مطارادته لهم إلى سواحلهم، وعقب سقوط الأندلس كلفه السلطان سليم الأول بإنقاذ المسلمين من العذاب الذين يتعرضون له على يد محاكم التفتيش الإسبانية، لينفذ الأخير أوامره ويتمكن من إنقاذ سبعين ألف مسلم أندلسي من قبضة الإسبان؛ عن طريق نقلهم في سبع رحلات مستخدمًا أسطولًا من 36 سفينة سنة "936ه1529 م، حيث وَطَّنهم في مدينة الجزائر. وبحسب موقع «هافينغتون بوست» تعتبر معركة بروزة البحرية واحدة من العلامات المضيئة في تاريخ "بربروسا"، التي بفضلها فرضت الدولة العثمانية سيادتها على البحر المتوسط لمدة 3 قرون متتالية بلا منازع، حيث كانت المعركة استجابة لنداء البابا في روما، فتكوَّن تحالف صليبي من 600 سفينة، تحمل نحو ستين ألف جندي، ويقوده قائد بحري من أعظم قادة البحر في أوروبا هو «أندريا دوريا»، وتألَّفت القوات العثمانية من 122 سفينة، تحمل اثنين وعشرين ألف جندي، والتقى الأسطولان في بروزة يوم 4 من جُمَادَى الأولى "945 ه – 28 من سبتمبر 1538م"، وفاجأ خير الدين خصمه قبل أن يأخذ أهبته للقتال، فتفرَّقت سفنه من هول الصدمة، وهرب القائد الأوربي من ميدان المعركة، التي لم تستمرّ أكثر من خمس ساعات، تمكَّن في نهايتها خير الدين بربروس من حسم المعركة لصالحه. كانت آخر الحملات التي شارك فيها بربروس، الحملة البحرية التي قادها لمناصرة فرنسا التي كانت ترتبط بعلاقات قوية مع الدولة العثمانية على إيطاليا، حيث تمكن من الاستيلاء على ميناء أوستيا الإيطالي، وبمشاركة الأسطول الفرنسي حررا ميناء نيس واستعادته مرة أخرى، ونتج عن المعركة تنازل فرنسا عن ميناء طولون للدولة العثمانية ليتحول الأخير إلى قاعدة حربية إسلامية شن من خلالها هجمات عديدة على سواحل إسبانيا وإيطاليا، ليرحل بعدها عن عالمنا عن عمر ناهز ال 65 عامًا في قصره بالأستانة يوم 5 من جُمَادَى الأولى 953ه – 4 من يوليو 1546م.