ظلت الحضارة المصرية القديمة لغزًا محيرًا للعديد من العلماء والمهتمين بتفسير التاريخ القديم؛ لعظم ما أنتجته وقدمته للبشرية، الأمر الذي دفع علماء المصريات والأثريين إلى البحث خلف هذه الحضارة لمعرفة سر نجاحها وتقدمها. أولى الخطوات، كانت فك طلاسم اللغة عن طريق العالم الفرنسي شامبيلون، الأمر الذي مهد الطريق لاكتشافات أثرية كبيرة ولمعرفة حقيقة الأحداث التي دارت في واحدة من الحقب لن ينساها التاريخ البشري. بدأت القصة بعثور المهندس فرانشو بوشار، على حجر رشيد في 19 يوليو 1799، أثناء إجراء أعمال ترميم وإصلاح قلعة قايتباي بأمر من الجنرال عبدالله يمنو، ثاني قائد للحملة الفرنسية، حيث بلغ عرض الحجر 73 سنتيمترا وارتفاعه مترا واحد وسمكه 27 سنتيمترا. وقبل محاولات جان فرانسوا شامبليون فك لغز الحجر، كانت هناك محاولاتان للسويدى توماس أكربال والبريطانى توماس ينج، لكنها باءت بالفشل إلى أن تمكن شامبليون من فك رموزه في 1822. كان النص المكتوب على الحجر مرسوم ملكي كتبه الكهنة ليقرأه الشعب المصري بطبقاته كافة؛ تخليدًا لذكرى الحاكم البطليمي بطليموس الخالص، وكتب النص بثلاثة أنماط هي الهيروغليفية، اللغة الرسمية فى مصر القديمة، والديموطيقية، الكتابة الشعبية فى مصر القديمة "العامية المصرية"، إلى جانب الإغريقية القديمة، لغة البطالمة وملوك اليونان. وجاء النص المكتوب على الخبر: "فى اليوم الرابع عشر من شهر كسانديكوس الموافق يوم 18 من شهر أمشير المصرى، اجتمع كبار الكهنة والمنبئين والمسموح لهم بدخول الهيكل المقدس لخدمة الآلهة وكهنة المعابد الآخرين الآتين من جميع أنحاء البلد الذين أتوا إلى منف لمقابلة الملك بمناسبة عيد تتويجه وقد اجتمعوا في هذا اليوم في معبد منف، وشهدوا أن الملك بطلميوس محبوب بتاح الإله أبيفانيس أوخاريستوس ابن الملك بطلميوس والملكة أرسينوى الإلهة فيلوباتوريس أنه محسن للمعبد وللعاملين فيه ولجميع الشعب، وأنه إله ابن إله مثل حورس ابن إيزيس وأوزوريس المنتقم لأبيه، قدّم الكثير من أجل رخاء مصر". وتمكن العالم الفرنسي شامبيلون عام 1822 من ترجمة الرموز المكتوبة عبر اعتماده على اللغة الإغريقية القديمة، فضلًا عن اعتماده على اكتشافات العالم البريطاني توماس يانج، الذي اكتشف أن اللغه الهيروغليفية تتكون من دلالات صوتية وليست رموزا شكلية، وبعد مقارنة العالم الفرنسي للنصوص الثلاثة التى يضمّها حجر رشيد وبعض النقوش الهيروغليفية واليونانية القديمة من مصادر أخرى، تمكن من الحصول على ترجمة صحيحة للنص المدون على حجر رشيد. ويوجد جر رشيد حاليًا في المتحف البريطاني، بعد أن تسلمته بريطانيا من فرنسا عام 1802 تنفيذًا لنصوص معاهدة 1801 التي وقعت عقب معركة أبو قير البحرية، وتحاول مصر جاهدة استرداده مرة أخرى باعتباره واحدًا من أهم القطع الأثرية التي ساهمت في كشف سر الحضارة المصرية القديمة.