زيارة رئيس وزراء الكيان الصهيوني للقارة السمراء يليق بها أن تُنحي مصر أزماتها وخلافاتها الداخلية جانبا على الفور، وتذهب بكل طاقتها إلى "غرفة عمليات مصر الطارئة" وعلى الشعب والجيش المصري، وكل الأجهزة السيادية والأمنية والرئيس أن يلتفوا حول طاولة نقاش واحدة. الحديث عن زيارة وزير الخارجية سامح شكري لإسرائيل في سياق أن هدفها الأول "الخفي والسري" هو محاولة لفهم توغل الكيان الصهيوني في أفريقيا، وخصوصا ما تم الاتفاق عليه مع دول حوض النيل، ومباحثات "مغلقه"حول حصة مصر التاريخية في نهر النيل، واختبأ هذا الهدف وراء الزيارة المُعلن أنها تخص القضية الفلسطينية، بحجة أنه أمن قومي ولا يمكن الحديث والإعلان عن تفاصيله في وسائل الإعلام حرصا على سرية المباحثات محض "…". إنه نهر النيل يا سادة. ودول حوض النيل والكيان الصهيوني أعلنوا على الملأ عن أهدافهم في المنطقة، مما لا يدع شك في أننا نتعرض إلى كارثة تمس أمن مصر القومي بالفعل، وتجهيل وعزل الشارع المصري من المعادلة، واتباع سياسة الشعب آخر من يعلم خطأ جسيم وعواقبه الخطيرة مازالت تنمو داخل شباب حاول إبداء رأيه في قرار ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية وغيرهم.. فما بالنا بنهر النيل؟! لا أدق هنا ناقوس الخطر بصوت دراماتيكي، ولا أحاول خلق مشهد سياسي أصُب فيه كلماتي لاكتشافه، الأمر تجاوز واتسع، وكل مصري يراه كما يريد، بالنسبة لي رأيت بأم عيني نهر النيل.. يغرق !. رأيته بقاعدة إنسانية بسيطة وهي "أن ترى ذلك معناه أنك تمتلك عين". وأعتبر القارة الإفريقية جسد حي رأسه مصر، ومحاولات الذبح المستمرة إن نجحت "لا سمح الله" ستخرج الروح لا محال.. ويموت. هكذا أرى خصوصية القارة السمراء، وأميزها عن باقي قارات الكوكب بتاريخها العميق الضارب في البعيد خصوصا تاريخ الحضارة المصرية القديمة.. أليس كذلك؟ ومع كل احترامي للخصوصية، بالفعل اخترق الكيان الصهيوني جسد أفريقيا بزيارة وفد مكون من مائة رجل أعمال إسرائيلي، وعلى رأسهم رئيس وزراء الكيان الصهيوني، وهدمت أسوار القارة السمراء لهم لاستقبال نتنياهو على طريقة "نتنياهو عندنا يا مرحبا يامرحبا". غالبا ستلعنهم أحفادهم يوم ما هذة قضيتهم الخاصة لكن خطأهم التاريخي هو فوقية تعاملوا بها مع مصر حينما كانت أيديهم ضارعة لمحتل سافك للدماء عنصري لبدء المقامرة الكبرى على نهر النيل والرهان عليه. الغامض في الأمر هو أن مصر لم تدافع عن سيادتها وحصتها في مياه نهر النيل بالشكل المناسب لحجم ما يُعلن عنه حول مستجدات تطول حوض نهر النيل، وخرائط مائية سوف يتحكم في تشكيلها الكيان الصهيوني، ولا حتى ألقت بالنرد على طاولة مفاوضات من أي نوع!!!. وما يطفو من تصريحات مصرية ما هي إلا زمن يعبأ لوسائل الإعلام، وما اتفق عليه هو الثابت الذي ستواجهه الأجيال المصرية القادمة. " لجنة الدفاع والأمن القومى ليس لديها أية محاذير على لقاء أى مسؤول أجنبى طالما تماشى ذلك مع الإجراءات المحددة فى مجلس النواب، وبموافقة رئيس المجلس وبما يخدم الأمن القومى المصرى". كان هذا تصريح اللواء كمال عامر، رئيس لجنة الدفاع والأمن القومى بمجلس النواب، صرح به لأحد الزملاء الصحفيين حين سأله حول مدى استعداده للقاء أى مسؤول من سفارة أجنبية حتى لو كان إسرائيليا خلال مؤتمر صحفي عقد بعد لقاء "عامر" مع عدد من المستشارين السياسيين لسفارات أجنبية، فى إطار اللقاءات التى تعقدها اللجنة بمجلس النواب!. هل كان "عامر" يعلم شيء؟!، أو يحاول توصيل رسالة معينة؟. وفي احدى المناسبات تحدث الرئيس عن إمكانية متاحة الآن لتحويل العلاقة الباردة بين الدولة المصرية والكيان الصهيوني إلى علاقة دافئة!. واشترط أن تكون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية في سياق حديثه، هل كانت إشارة إلى تحركات سياسية وشيكة سوف تغير الخريطة السياسية في المنطقة؟ أم فرصة جيدة لاختبار رد فعل المصريين لمتغيرات سياسية تؤسس لمرحلة جديدة في المنطقة سيكون الكيان الصهيوني طرف أصيل فيها؟. بتقريب قطع من الواقع وترتيبها بشكل تسلسلي دون فواصل يتضح أن مشاريع إقامة محطات لتحلية ماء البحر دليل وبديل موضوعي لما ستفقده مصر من حصتها التاريخية في نهر النيل، والتي ستجري إلى أفواه الشعب الإسرائيلي عن قريب، وتنفيذها بأقصى سرعة يعتبر المؤشر الأقوى لأزمة مياه مقبلة لا محال، ويؤكد تبادل للمصالح على أرض الواقع بين دول المنطقة لذلك يتكشف لنا من حين إلى آخر خبر هنا أو هناك يلفت الانتباه لشيء ما قادم من البعيد..المجهول!.