ما زال قانون الإعلام والصحافة في دوامة الإجراءات الإدارية، والتحويل من مجلس الوزراء إلى مجلس الدولة للتعديلات، والعودة لإرساله إلى البرلمان لمناقشته، بالإضافة إلى مناقشة نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة التعديلات قبل إقراره، وكل هذا يجعل مصير القانون غير واضح للجميع. اعترض البعض على قانون الإعلام والصحافة الموحد بأنه لم يتح حرية تداول المعلومات، ولم يُعرف بوضوح ما يدعى مقتضيات الأمن القومي، والسماح بتدخل رئيس الجمهورية في حرية الإعلام، حيث ينقسم مشروع قانون الصحافة والإعلام إلى عشرة أبواب، وهو أول قانون يجمع في التنظيم بين الصحافة والإعلام. يأتي هذا المشروع بعد العمل بقانون تنظيم الصحافة 96 لسنة 1996، والذي نظم المهنة لما يقرب من 20 عامًا، بالإضافة إلى بعض القوانين الأخرى، مثل القانون 76 لسنة 1970 الخاص بإنشاء وتنظيم نقابة الصحفيين وغيرهما من القوانين المنظمة للمهنة. وقالت نور خليل، الباحثة بملف الحريات الفردية بالمركز المصري لدراسات السياسات العامة، إن هناك بعض الإشكاليات القانونية بمشروع قانون الإعلام والصحافة، مثل عدم ذكر العاملين بالمهنة غير المقيدين في النقابة، كما أن القانون لم ينص على تعريف واضح ودقيق لما هي المواضيع التي من شأنها الإخلال بالأمن القومي والدفاع عن الوطن، مما يفتح الباب أمام السلطات للتحكم في إتاحة المعلومات بمختلف صورها بداعي مقتضيات الأمن القومي غير المعرفة في مختلف القوانين المصرية، وهو ما سيؤثر علي حق المواطن في الاطلاع على المعلومات والمكفول بالدستور في المادة 68. وأضافت الباحثة أن القانون يضع إجراءات أكثر ضمانة لحماية مكاتب ومساكن الصحفيين من التفتيش، ولكن كان يجب على المشرع استكمال ضمانات حماية الصحفيين والإعلاميين من خلال إخطار مجلس النقابة قبل البدء في إجراءات التحقيق معهم وضمان شفافية التحقيق واطلاعهم عليه، بالإضافة إلى أنه لم يحدد الفرق بين السب والقذف، والكشف عن الفساد، مما قد يؤدي على سبيل المثال إلى ادعاءات سب وقذف ضد الصحفيين والإعلاميين، ويؤثر سلبًا على العمل الصحفي الاستقصائي. وكشفت خليل أن ظاهرة منع طباعة الصحف معرضة للزيادة في ظل هذا القانون؛ بسبب عدم وضوح المقصود بمقتضيات الأمن القومي، وهو ما يعرض المؤسسات الصحفية والإعلامية لرقابة محتواها والتحكم فيه بحجة مقتضيات الأمن القومي غير المعرفة من الأساس. واختتمت أن اختيار رئيس الجمهورية لرئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في غير محله، إذ يعد تدخلًا من السلطة التنفيذية في حرية الإعلام، كما أن التزام المجلس بحفظ سرية المعلومات يجور على حق الاطلاع على المعلومات العامة لجميع المواطنين والشفافية المنصوص عليهما في المادة رقم 68 من الدستور. ومن جانبه أكد الصحفي بشير العدل، مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، أن مشروع قانون الصحافة والإعلام الموحد جرم بحق الصحفيين وإهدار لمستقبلهم، معلنًا التبرؤ منه، بعد أن تجاهلت نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للصحافة عرضه على الجماعة الصحفية قبل مناقشته ودراسة التعديلات، مؤكدًا أن التعامل مع الصحفيين ما زال قائمًا على فكرة أنهم آخر من يعلم. وأضاف العدل أن من بين الجرائم التي جاءت بمشروع قانون الصحافة والإعلام الموحد، الذي يتغنى به البعض ويطالبون بسرعة إقراره ويعتبرونه المخلص لكل أزمات المهنة، أن الهيئة الوطنية للصحافة لها اختصاصات حددها المشروع بعدد 18 اختصاصًا، ليس من بينها أي اعتبار لأي صحفي بالصحف الخاصة أو الحزبية، وانصبت جميعها على الصحف المملوكة للدولة. وأوضح أن طريقة تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة فتحت المجال واسعًا أمام السلطة التنفيذية لاختيار أعضائها، وتم التغاضي عن الاختصاص المكفول لنقابة الصحفيين باختيار ممثلين للصحف الخاصة أو الحزبية في تشكيل الهيئة وقصره على الصحف المملوكة للدولة. وتابع أن هناك عملية من التمييز وتفضيل الصحف المملوكة للدولة على غيرها من الصحف الخاصة والحزبية، فقد منح الصحف المملوكة للدولة ميزات لم تتح للصحف الخاصة والحزبية، من بينها ما جاء بإحدى مواده حول إعفاء الهيئة الوطنية للصحافة والمؤسسات الصحفية المملوكة للدولة من الضرائب والرسوم الجمركية على مستلزمات الإنتاج التي يتم استيرادها، سواء كانت معدات أو وسائط أو أي أجهزة تلزم نشاط تلك الصحف.