خرج التقرير السنوي للمجلس القومي لحقوق الإنسان معمما القضايا، ولم يتطرق للتعذيب في أقسام الشرطة والانتهاكات التي تمارسها وزارة الداخلية في حق المواطنين، كما تجاهل الاختفاء القسري، والتضييق علي الحقوقيين والقبض عليهم وسجنهم، وغلق المجال العام، وتكميم الأفواه، ليصبح ديكورا يستخدمه النظام. أعلن المجلس القومي لحقوق الإنسان في تقريره السنوي، أنه تلقى ألفي و273 شكوى خلال العام الماضي، تم استبعاد 443 منها لخروجها عن اختصاص المجلس وولايته أو لعدم وجود الحد الأدنى من البيانات الأساسية التي تتيح للمكتب التعامل مع الشكوى، أو لكون المكتب سبق واتخاذ إجراء فيها من قبل. وذكر التقرير أن الشكاوى الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية جاءت في المرتبة الأولى، حيث بلغ عددها 963، مثلت نسبة 42.3% من إجمالي الشكاوى المقدمة، بينما جاءت الشكاوى المتعلقة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المرتبة الثانية، وبلغ عددها 807، مثلت نسبة 35.5% من إجمالي عدد الشكاوى الواردة للمكتب، تركزت حول القضايا المتعلق بالحق في العمل. وجاءت في المرتبة الثالثة الشكاوى المتعلقة بحقوق المصريين فى الخارج، وبلغ عددها 29، مثلت نسبة 2.1% من إجمالي الشكاوى، وتضمنت طلبات تتعلق بمستحقات مالية للمصريين العاملين بالخارج، وأخيرا تأتى الشكاوى المتعلقة بالقضايا العامة، حيث بلغ عددها 31، مثلت نسبة 3.1%، وتضمن مقترحات عامة وتوصيات من المواطنين حول قضايا وظواهر مجتمعية تدخل فى إطار الدراسة والبحث. وقال صفوت جرجس، مدير المركز المصري لحقوق الإنسان، إنه كان يتوقع خروج التقرير السنوي من المجلس القومي لحقوق الإنسان بهذا الشكل، من حيث تعميم القضايا، وعدم وجود بيانات محددة خاصة بانتهاكات التعذيب في أقسام الشرطة أو أرقام عن الاختفاء القسري، مضيفا أن المجلس لا يمكنه توضيح هذه المعلومات والإجابة على تساؤلات انتهاكات حقوق الإنسان خلال عام 2015، والتضييق علي الحقوقيين والقبض عليهم وسجنهم، وغلق المجال العام، وتكميم الأفواه؛ لأن المجلس لو ذكر ذلك في تقريره، بمثابة إدانة صريحة للدولة والنظام السياسي، ما لا يستطيع أن يفعله أعضاء المجلس. وأضاف جرجس أن المجلس القومي لحقوق الإنسان منذ تأسيسه ومع التشكيل الحالي لأعضائه ممن لا يهتمون بالملف الحقوقي، بل يرتبطون بالمنصب والحفاظ على الكرسي، يأتي كمجلس شكلي تجميلي لصورة الدولة والنظام، والترويج بأنه يحترم حقوق الإنسان، متابعا أن التقرير السنوي جاء "عائما"، ولا يستطيع إدانة الدولة، وإذا فعلها سيحل في اليوم التالي مباشرة. واستطرد أن المجلس القومي لحقوق الإنسان أداة طيعة في يد وزارة الداخلية تستخدمه عندما تروج لإنجازات في السجون، فتقوم بترتيب زيارة مسبقة يتم استبعاد منها كل منظمات المجتمع المدني، والموافقة فقط تكون لأعضائه؛ لإنجاح الزيارة وإخراج مظهر السجون المصرية ومقرات الاحتجاز بالنموذج المثالي المبالغ فيه. وأكد هشام فؤاد، الحقوقي العمالي، أن المجلس القومي لحقوق الإنسان ديكور يستخدمه النظام، ومن ثم تأتي تقاريره منحازة لسياسات هذا النظام، فلن يوجه مجلس معين يأخذ أعضائه رواتبهم من الدولة تقارير تكون مضادة أو معارضة لما تريده السياسة العامة للدولة. وأوضح فؤاد ل"البديل" أن التقارير التي تصدر عن المجلس القومي لحقوق الإنسان "مسيسة" ومفصلة علي مقاس النظام السياسي ولا تشمل أي إدانة له، ومن ثم ليست مفاجأة أن يأتي التقرير السنوي ناكرا لحقائق كثيرة من انتهاكات وسجن واعتقال وتعذيب لمواطنين خلال العام الماضي، بل أبرزها قضية الاختفاء القسري، مطالبا من تبقى من أعضائه والمحسوبين علي ثورة يناير أن ينسحبوا ويقدموا استقالتهم والابتعاد عن هذه المسرحية المسماة مجلس قومي لحقوق الإنسان؛ لأنه مجلس لم يؤد دوره ولم يساعد المواطن الذي تعرض لانتهاك منذ تأسيسه. وأكد فؤاد أن نجاح المجلس القومي لحقوق الإنسان يتطلب استقلاليته عن الحكومة ورئاسة الوزراء أو الجمهورية، وأن يخول له صلاحيات ومهام محددة يكفلها له قانون تشكيله، ويكون له طريقة انتخاب بعيدا عن التعيين الحكومي لأعضائه، حتى يستطيع المجلس أن يمارس دوره بشكل حقيقي وليس ديكوري، مضيفا أن الاستقلالية لن تتحقق بمفردها، لكن بضغط شعبي.