من المقرر أن تعقد قمة الأطلسي يومي الثامن والتاسع من يوليو الجاري في العاصمة البولندية وارسو، ورغم جهود فرنسا لتلطيف الأجواء بين الأطلسي وروسيا إلا أن مجريات الأمور تشير عكس ذلك، فباريس طالبت الأربعاء الماضي بأن لا تتحول قمة الحلف الأطلسي إلى مواجهة مع روسيا، وبالمقابل تسعى واشنطن وبشتى الطرق لافتعال أي مشكلة مع موسكو، وبالتالي لن تجد فرصة أفضل من القمة الأطلسية لتمرر من خلالها رسائل الامتعاض الأمريكية من سلوك روسيا في الملفات الدولية المختلف عليها بين العظمتين، كالملف السوري والأوكراني والتقارب الروسي الإيراني. تصادق القمة الأطلسية المزمع انعقادها الشهر الجاري على تشديد موقف الحلف تجاه روسيا، الأمر الذي من شأنه أن يعلق أفق الحوار بين الأطلسي وروسيا، فخلال وقت سابق من مطلع هذا العام كانت نوايا المفاوضات بين الأطلسي وموسكو لتحسين الأوضاع بينهما، ولكن ذهبت هذه النوايا أدراج الرياح، رغم أن وزير الخارجية الفرنسي، جان مارك إيرو، قال، إن موسكو وافقت على إجراء محادثات مع حلف شمال الأطلسي بعد قمته المقررة في وارسو الشهر الحالي، إلا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية عازمة على تصعيد اللهجة مع روسيا. استبق وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، القمة الأطلسية بزيارة محطتين تجمعهما الخلافات مع روسيا، وهما جورجيا وأوكرانيا، كما أوضح المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، أن كيري سيعرب في القمة الأطلسية عن دعم واشنطن ل"التطلعات الأوروبية الأطلسية" لجورجيا، في إشارة إلى رغبة الجمهورية السوفياتية السابقة بنيل العضوية الكاملة داخل الحلف الأطلسي، وربما بعد ذلك في الاتحاد الأوروبي. ردود روسيا على الاستفزازات الأطلسية الاستفزازات الأمريكية لقيت ردودا غاضبة من قبل الروس، حيث اتهم الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الخميس الماضي، حلف شمال الأطلسي بالسعي إلى استدراج روسيا إلى سباق تسلح "محموم" وبشكل عام إنهاء "التوازن العسكري" القائم في أوروبا منذ انهيار الاتحاد السوفييتي. وقال بوتين خلال لقاء مع السفراء الروس في موسكو، إن التوجه المعادي لروسيا للحلف الأطلسي انكشف تماما، ولن ننساق إلى الهيجان العسكري في الوقت الذي يسعون فيه إلى استدراجنا لسباق تسلح مكلف وبلا أفق لإلهائنا عن مهامنا الرئيسية في التنمية الاقتصادية، مضيفا أنهم لن يتمكنوا، ولا يزال بإمكاننا أن نحمي أنفسنا جيدا. كما ندد الرئيس الروسي بتعدد المناورات العسكرية للحلف الأطلسي خصوصا "قرب الحدود الروسية" في البحرين الأسود والبلطيق، وعلق على هذا الموضوع ساخرًا "أنهم يتهموننا دائما بأننا نقوم بأنشطة عسكرية، لكنهم يعتبرون أنشطتهم قرب حدودنا أمرا طبيعيا، في إشارة لنشر قوات الرد السريع التابعة للأطلسي في بولندا ودول البلطيق، وتابع بوتين، يتظاهر الناتو اليوم بتوجهاته المناهضة لروسيا عمدا وهو لا يكتفي بالبحث عن تبريرات لشرعيته ونفعية وجوده فحسب، بل ويتخذ خطوات عملية تحمل طابع المواجهة تجاهنا. بوتين يتحدى الأطلسي من خلال البوابة السورية يبدو أن روسيا نقلت ساحة الصراع التي يحاول الأطلسي حصرها بالحدود الروسية إلى سوريا، حيث قال السفير الروسي لدى حلف شمال الأطلسي، ألكسندر غروشكو، إن بلاده تعارض انخراط الحلف في سوريا، وأوضح في تصريحات لوكالة «نوفوستي» أن روسيا هي البلد الوحيد الذي يعمل في سوريا كقوة عسكرية، وفق قواعد القانون الدولي، بناء على موافقة الحكومة، مضيفاً أن الدوريات التي تقوم بها طائرات الحلف الأطلسي، على طول الحدود التركية مع سوريا «يجب أن تتماشى مع الاتفاق بين موسكووواشنطن لتجنب وقوع حوادث بين البلدين». ونوّه إلى أن دول الحلف تتناوب على نشر صواريخ «باتريوت» في تركيا، بحجة الحماية من أي هجمات صاروخية، وهو تهديد «وهمي تماما» من جهة سوريا. الجدير ذكره أنه مع كل هذه الاستفزازات الأمريكيةلموسكو والحالة الصراع المحتدمة بينهما، فإن واشنطن تعرض اتفاق جديد على روسيا حول سوريا، حيث اقترحت إدارة أوباما على الحكومة الروسية، اتفاق جديد حول سوريا لتعميق التعاون العسكري بين الجانبين ضد الجماعات الإرهابية في سوريا، مقابل ضغط روسيا على الرئيس السوري بشار الأسد لوقف الغارات ضد المعارضة المدعومة من قبل أمريكا. ويرى مراقبون أن تصريحات واشنطن الهجومية ضد روسيا قبيل القمة الأطلسية، لا يمهد الطريق لأي اتفاق أو انسجام بين النسر الأمريكي والدب الروسي. ويبدو أن التوتر بين موسكو والناتو تشرف عليه الولاياتالمتحدةالأمريكية بنفسها، فأوروبا تسعى مؤخرًا لإيجاد تقارب من نوع ما مع روسيا عبر الاتحاد الأوروبي، كما أن فرنسا تحاول التخفيف من حدة التصريحات ضد روسيا خاصة بعد الزلزال الذي ضرب الاتحاد الأوروبي بعد الخروج البريطاني منه، بالإضافة إلى أن دولا في الناتو تعمد حاليا لتصفية حساباتها مع روسياكتركيا.