نقطة سوداء جديدة في تاريخ الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بشأن التسهيلات التي يُصر الأخير على توفيرها للكيان الصهيوني المحتل، شرخ جديد في العلاقات بين الرئيس الفلسطيني والشعب المقاوم للاحتلال أحدثه أحد تسريبات القنوات الصهيونية، وقلب من خلاله الرأي العام الفلسطيني، وشكك من جديد في وطنية وانتماء "أبو مازن" للقضية الفلسطينية. وثيقة تنازل كشفت القناة العاشرة الصهيونية وموقع "مكور ريشون" العبري عن وثيقة سرية تتضمن اتفاقات أجراها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، مع زعيم المعسكر الصهيوني، إسحاق هرتسوغ، تتعلق بقضايا الحل النهائي وتبادل الأراضي مع الجانب الإسرائيلي. بحسب الوثيقة فإن حائط البراق سيبقى بيد إسرائيل، فيما سيتم تعويض اللاجئين الفلسطينيين، على أن تنسحب إسرائيل من القدسالشرقية التي ستدار من جانب بلدية موحدة، حيث تضمنت الوثيقة موافقة رئيس كتلة المعسكر الصهيوني، إسحق هرتسوغ، على إعادة أراضي الضفة الغربية وشرقي القدس لسيطرة السلطة الفلسطينية، وفضلًا عن ذلك هناك عودة لاجئين فلسطينيين إلى أراضي دولة إسرائيل، ولكن وفق موافقة الطرفين، وفي قضية الحدود، وافق "هرتسوغ" على نقل السيطرة على الأرض الفلسطينية بنسبة 100% من المساحة التي احتلت في يونيو عام 1967، ولكن يتم استبدال 4% منها في إطار صفقة تبادل أراضٍ. وبخصوص القدس وافق زعيم المعسكر الصهيوني على أن تنسحب إسرائيل من الأحياء العربية في القدسالشرقية لتغدو عاصمة الدولة الفلسطينية، على أن تبقى القدس، غربها وشرقها، مدينة موحدة يشرف على إدارتها مجلس بلدي واحد للعاصمتين، وتقضي الوثيقة بأنه فيما يتعلق بالحرم القدسي فستشرف على إدارته قوة متعددة الجنسيات، ولكن يبقى حائط البراق تحت السيادة الإسرائيلية. أما عن اللاجئين فإن حل الخلاف يتم وفق المبادرة العربية التي تتأسس على القرار 194 للجمعية العمومية للأمم المتحدة، والقاضي بمنح تعويضات مالية لغالبية اللاجئين وإعادة رمزية لعدد منهم على قاعدة قرار مشترك، وفي الشأن الأمني اتفق الطرفان على تواجد إسرائيلي رمزي في غور الأردن، يشمل تواجد نقطتين مدرعتين، وأن تتم مكافحة الإرهاب عبر أجهزة مشتركة لإسرائيل والأردن وفلسطين. في ذات الإطار كشفت القناة العاشرة الإسرائيلية أن عضو الكنيست السابق، إفرايم سنيه، هو من أدار المفاوضات ممثلًا عن "هرتسوغ"، مع مسؤول فلسطيني رفيع المستوى لم يذكر اسمه، ممثلًا عن الرئيس عباس، وبوساطة الناشط اليساري غرشون باسكين، وكان أساس المفاوضات اتفاقًا على أن تشكل مبادرة السلام العربية قاعدة للواقع الإقليمي الجديد في الشرق الأوسط، وأكدت القناة أن هذه التفاهمات قد تم التوصل إليها قبيل الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، حيث كان هناك انطباع بوجود احتمال أن يفلح "هرتسوغ" والمعسكر الصهيوني في إسقاط رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحكم اليمين. توقيت نشر الوثيقة أرجع بعض المراقبين نشر هذا التقرير في هذا التوقيت بالأخص إلى محاولة حكومة الاحتلال التشويش على جرائمها في الأراضي المحتلة واقتحامات القدس المتكررة وعمليات القتل والاعتقال التي استعرت في الفترة الأخيرة، أضف إلى ذلك أن مغزى الإعلان عن هذه التفاهمات موجه للشارعين الإسرائيلي والفلسطيني على حد سواء؛ من أجل التحريض العلني ضد الساسة فيهما، حيث تسعى الحكومة إلى إظهار منافسها اللدود في حزب العمل "إسحق هرتسوغ" في موقف المفرط في القدس والمستعد للتنازل للعرب عن أجزاء منها، وبالتالي تضمن خسارته لأي انتخابات مقبلة قد يخوضها ضد الليكود، فيما تحاول إظهار الرئيس "أبو مازن" في موقف الخائن لشعبه والمتنازل عن حقوقهم، الأمر الذي سيزيد من تعميق الانقسام الفلسطيني، ويجهض أي محاولات للالتفاف حول انتفاضة جديدة. غضب فلسطيني الوثيقة الإسرائيلية أثارت ضجة في الشارع الفلسطيني، فعلى الرغم من أن السلطات الفلسطينية لم تُصدر أي رد بشأن هذه الوثيقة، إلا أن الشارع الفلسطيني وفصائل المقاومة كان لها رد حازم وعنيف على نهج الرئيس عباس، الذي وصفه البعض بأنه انهزامي خطير، يقدم تنازلات واضحة تمس الحقوق والثوابت الفلسطينية التي ضحى من أجلها آلاف الشهداء والأسرى والجرحى. انتقادات إسرائيلية لم يكن الشارع الفلسطيني هو الوحيد الغاضب من هذه الوثيقة، بل كانت الأوساط السياسية الصهيونية أيضًا مشتعلة، وخاصة معسكري اليمين ووسط اليمين، الذي وجه انتقادات لاذعة ل"هرتسوغ"، واعتبر عمله خطيرًا، حيث أعلن وزير شؤون القدس، زئيف ألكين، من الليكود، أن هوة تفصل بيننا وبينهم، وليس لهم مكان في حكومة يرأسها الليكود، في إشارة إلى المعسكر الصهيوني اليساري، وأضاف ألكين أن الكشف عن الاتفاق السري بين هرتسوغ وأبو مازن يثبت مرة أخرى أن انتصار الليكود في الانتخابات الأخيرة أنقذ دولة إسرائيل من خطة انتحارية بالتنازلات الخطيرة للغاية التي تتضمن تقسيم القدس. في ذات الإطار واجه زعيم المعارضة اليساري انتقادًا لاذعًا من يائير لابيد زعيم حزب الوسط "يش عتيد"، حيث وصف لابيد هذه الخطوة ب"الخطيرة والخاطئة"، وركز زعيم حزب "يش عتيد" انتقاده على خطط هرتسوغ في تقسيم القدس، وإعطاء الأجزاء الشرقية من المدينة للفلسطينيين، ووضع الحرم القدسي تحت سيطرة قوة متعددة الجنسيات، باستثناء الحائط الغربي، وقال لابيد: هذه خطوة خطيرة وخاطئة. لا يمكن تقسيم القدس، وأضاف: ذلك خطأ كلاسيكي لليسار، الذي يهرع دائمًا للإعلان في وقت مبكر عن استعداده للتنازل، ليست هذه طريقة التفاوض في الشرق الأوسط. وتدل هذه الانتقادات على بداية خلاف نادر بين الحزبين المعارضين.