قبل ساعات من فتح مراكز الاقتراع في الكيان الصهيوني وبداية عملية التصويت للانتخابات البرلمانية، احتدمت الحملات الانتخابية التنافسية بين المرشحين، حملات سعى كل طرف فيها إلى استجداء أصوات الناخبين بكافة الطرق والأساليب الغير مشروعة قبل المشروعة، فقد استخدم البعض التحريض العنصري ضد العرب، والبعض الآخر أخذ طريق التوعد للدولة الفلسطينية، فيما استغل الثالث المقدسات الدينية ليؤكد على ولائه للكيان الصهيوني من أجل كسب المعركة الانتخابية. تختلف الحملات الانتخابية للمرشحين الإسرائيليين وأحزابهم عن العالم أجمع، ففي شتى انتخابات العالم يخرج المرشح ويعلن برنامجه الذي سيعود على بلاده بالاستفادة الاقتصادية والأمنية وغيرها، إلا أن حملات "نتنياهو" ومنافسيه الانتخابية تقتصر على إطلاق التصريحات المعادية للدولة الفلسطينية وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة كشكل من أشكال الدعاية، واستخدام التهديدات بإسقاط السلطة الفلسطينية، والتوعد للعرب إذ أن "الحديث عن السلام" مبغوض، ومن شأنه أن يسبب خسارة الأصوات في صناديق الاقتراع. الطرق التي يسلكها "نتنياهو" ومنافسيه في حملاتهم الانتخابية باتت قديمة ومستهلكه، فقد استخدم "نتنياهو" في عام 2013 حزمة من التصريحات المعادية واتخذ قرارات أكثر تطرفًا بخصوص الاستيطان والعداء للفلسطينيين، وقد تجسد ذلك في العدوان على قطاع غزة، وقرار إنشاء آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس، والعديد من التهديدات للرئيس الفلسطيني "أبو مازن" بالحصار الاقتصادي والتحريض عليه، ووصفه بأنه "ليس شريكًا للسلام" قبل توجهه للأمم المتحدة وبعده. نفس الطريق سلكه "نتنياهو" ومنافسيه هذه المرة أيضًا، حيث قال "نتنياهو" إن حزب الليكود الذي ينتمي له "لن يقدم أي تنازلات للفلسطينيين، ولن يقتلع المستعمرات اليهودية في الضفة الغربية"، وكتب على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "مادام الليكود في الحكومة.. مادامت النزعة القومية في الحكومة، فلن نقسم القدس"، وتوعد بأنه حال إعادة انتخابه رئيسًا للحكومة "دولة فلسطينية لن تقام". على الجانب الآخر؛ أكد رئيس المعسكر الصهيوني "إسحاق هرتسوج" أن حكومة برئاسته ستعرف كيفية تحريك المفاوضات مع الفلسطينيين وصد إجراءاتهم أحادية الجانب، وأكد أن القدس ستبقى موحدة ضمن أي تسوية وأن الكتل الاستيطانية الكبرى ستظل تحت السيادة الإسرائيلية. لم يترك الطرفين المتنافسين "اليمين" و"اليسار" الإسرائيلي ساعة من دون استغلالها في نشاطات عديدة لشد الناخب اليميني واليساري، فكانت أولى الخطوات الاستفزازية من الطرف اليميني بدأها رئيس حزب إسرائيل بيتنا "أفيجدور ليبرمان" من خلال استخدامه المقدسات الدينية الفلسطينية، وذلك عبر اقتحامه الحرم الإبراهيمي الشريف مكرراً من هناك ثوابته العنصرية، وعلى خطٍ موازٍ قام رئيس المعسكر الصهيوني اليساري "اسحاق هرتسوج" بزيارة حائط البراق لممارسة الطقوس اليهودية هناك، وبعدها تابع هو وباقي أعضاء المعسكر حملة اتصالات هاتفية لإقناع المترددين بمنح أصواتهم للمعسكر الصهيوني. مواقف "المعسكر الصهيوني" الذي يتزعمه "إسحاق هرتسوج" و"تسيبي ليفني"، لا يمكن اعتبارها معتدلة في مناقشة القضية الفلسطينية، فبالنسبة للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية تعد "ليفني" من أكثر الشخصيات الإسرائيلية إطلاعاً على ملف المفاوضات، ولا يمكن اعتبار مواقفها معتدلة، وهي لا تلامس حتى أدنى ما يطالب به الفلسطينيون، أما مواقفها من المسائل الجوهرية مثل قضية اللاجئين، فتقوم على أساس أن أراضي الدولة الفلسطينية المستقبلية هي التي ستحتضن هؤلاء اللاجئين، كما أن مواقفها من مسألة "يهودية الدولة" وضرورة الاعتراف الفلسطيني بذلك، لا تقل تشددًا عن موقف "بنيامين نتنياهو"، رغم اختلاف شكل الطرح والأساليب. أما موقف زعيم حزب العمل وشريك ليفني في التحالف "إسحاق هرتسوج" من المفاوضات مع الفلسطينيين، فهو لا يختلف كثيرًا لكن من خلال مراجعة سريعة لمواقف وتصريحات "هرتسوج" بشأن العملية السياسية مع الفلسطينيين، يتضح أن له مواقف متشددة، فهو يرى أن على الفلسطينيين الاعتراف بيهودية إسرائيل عند التوقيع على الاتفاق الدائم، لكنه لا يعتبر ذلك شرطًا للدخول في المفاوضات. وبالنسبة للكتلة المنافسة "كتلة الليكود" والتي يتزعمها "نتنياهو" فلا يحتاج إلى شرح مطول لمواقفه، حيث نما الإرهاب في عهده، وتضاعف الاستيطان، وتكثفت رعاية أعمال للمستوطنين الإجرامية، كما تنصلت حكومته من الاتفاقات مع القيادة السياسية الفلسطينية، خاصة موضوع المفاوضات وإطلاق صراح الدفعة الرابعة من الأسرى، فهو لا يعترف بحل الدولتين، ويرفض فكرة إقامة دولة فلسطينية إلى جانب دولة إسرائيل. أما "أفيجدور ليبرمان" الذي يعد أبرز المتحالفين مع "نتنياهو" في الانتخابات، يعتبر من أكثر المهاجمين حدة وتشددًا للخطوات السياسية والدبلوماسية التي يقوم بها الفلسطينيون؛ فقد اتهم الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" بالعديد من الاتهامات، ووصف التوجه الفلسطيني للأمم المتحدة للمطالبة بالحصول على عضوية دولة مراقب في الهيئة الدولية بأنه "إرهاب سياسي" لا يقل خطورة عن "الإرهاب العسكري" الذي تقوم به المقاومة الفلسطينية، ويرى ليبرمان أنه في حال التوقيع على اتفاق مع الفلسطينيين، سيكون مستقبلًا مظلمًا، خاصة إذا لم يوافق الفلسطينيون على فكرة تبادل السكان، كما أن سياسة التخويف التي يتبعها "ليبرمان" من تبعات السلام مع الفلسطينيين، تزرع الخوف في قلوب الإسرائيليين، وتجعلهم يبتعدون عن تأييد السلام ودعمه، وقد صرح مؤخرًا أنه مع قتل الفلسطينيين بالبلطات.