جميع حلول الحكومة البحرينية تؤدي إلى قمع الحريات وانتهاك حقوق الإنسان، سواء كانت على مستوى الجماعات كالأحزاب والجمعيات، أو على مستوى الأفراد كالشخصيات الحقوقية والسياسية والمواطنين رجالًا ونساءً وأطفالًا. حل الجمعيات والأحزاب المعارضة في خطوة تصعيدية من الحكومة البحرينية انصاع القضاء لأوامر سلطات آل خليفة، حيث قرّر أمس إغلاق جميع مقار جمعية "الوفاق الإسلامية"، أكبر جمعية معارضة في المملكة، والتحفظ على جميع حساباتها وأموالها الثابتة والمنقولة وتعليق نشاطها، وتذرعت الوزارة بأن أنشطة الجمعية اعتمدت على "تعميق مفاهيم الطائفية السياسية، وترسيخ الخروج على الدستور والقانون وكافة مؤسسات الدولة، وكذلك عدم الاعتراف بمكونات المجتمع من أجل خلق واقع سياسي ذي أبعاد طائفية والسعي لاستنساخ نماذج إقليمية قائمة على أسس طائفية مذهبية". وفي عام 2012 قضت المحكمة الإدارية في البحرين بحل جمعية "العمل الإسلامي"، وكانت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف قد رفعت في الشهر الذي سبق القرار دعوى قضائية لحل الجمعية؛ لارتكابها مخالفات جسيمة لأحكام الدستور وقوانين البحرين، على حد زعم الوزارة، مشيرة إلى أن هذه المخالفات المستمرة شكلت خروجًا كليًّا على مبادئ وأهداف العمل السياسي المشروع. سجن النشطاء الحقوقيين والسياسيين لم يمضِ أسبوعان على تشديد العقوبة لزعيم جمعية الوفاق الإسلامية علي سلمان المدان من قبل الحكومة البحرينية بحجة إهانة مؤسسة حكومية، حيث ضاعفت محكمة الاستئناف في مملكة البحرين عقوبته لتصبح 9 أعوام بعد أن كانت أربعة، حتى سمعنا عن اعتقال الناشط الحقوقي نبيل رجب، حيث أوقفت السلطات البحرينية المعارض والناشط في الدفاع عن حقوق الإنسان نبيل رجب بعد أقل من عام على الإفراج عنه، وقال سمية رجب، زوجة الناشط الحقوقي "إن قوات الأمن أوقفت رجب في حدود الساعة 5 من فجر الاثنين، بموجب مذكرة قبض وتفتيش صادرة بحقه"، وذكرت أن "قوات الأمن حضرت إلى منزلنا، وتم تفتيش المنزل وتوقيف زوجي من دون ذكر الأسباب". وفي وقت لاحق، تحدثت رجب عن أن زوجها اتصل وأبلغها بتواجده في مركز شرطة الرفاع الشرقي، ولا يعلم حتى الآن سبب توقيفه. وكان الملك البحريني حمد بن عيسى آل خليفة قد أصدر في يوليو عفوًا خاصًّا "لأسباب صحية" عن نبيل رجب الذي كان يقضي عقوبة بالسجن ستة أشهر بتهمة إهانة وزارتي الدفاع والداخلية عبر تويتر، كما قام وفق النيابة ب "إهانة قوات التحالف المشاركة في العمليات"'، بالإضافة إلى "إهانة هيئة نظامية هي وزارة الداخلية"، وسبق أيضًا لنبيل رجب، وهو مدير المركز البحريني لحقوق الإنسان، أن حكم عليه بالسجن عامين للمشاركة في تظاهرات "غير مرخصة"، وأفرج عنه في مايو 2014. من جانبها، قالت المنظمة البحرينية الألمانية لحقوق الإنسان والديمقراطية إن اعتقال رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب يأتي في سياق استهداف السلطة في البحرين للعمل الحقوقي الذي يكشف الواقع الحقوقي المتردي في البحرين. وكانت منظمة العفو الدولية (أمنستي) قد طالبت السلطات البحرينية بالإفراج غير المشروط عن "المعتقلين السياسيين" في البلاد، كما طالبت منظمة "سلام" للديمقراطية وحقوق الإنسان بالإفراج الفوري عنه وجميع المعتقلين السياسيين البالغ عددهم 4000 معتقل في البحرين. وحلت البحرين في المرتبة الأولى في الشرق الأوسط من حيث معدل السجناء وفقًا للائحة موجز السجون في العالم، التي نشرها موقع بريزون ستاديز، من بينهم خمسة في المائة نساء ونحو ثلاثة في المائة من الأطفال. التهديد والمنع من السفر يأتي توقيف رجب مجددًا بعد أيام من إعلان الناشطة زينب الخواجة أنها اضطرت لمغادرة البحرين إلى الدنمارك التي تحمل جنسيتها، بسبب تلقيها "تهديدات"، وذلك بعد أقل من أسبوعين من الإفراج عنها. ويبدو أن الجنسية الدنماركية مكنت الخواجة من السفر، الأمر الذي لم يتحقق لكثير من نشطاء البحرين، حيث تم منع مجموعة من الناشطين في المنامة من السفر لحضور اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي بدأ أعماله الاثنين في جنيف في الدورة ال 32 لمجلس حقوق الإنسان، حيث منعت السلطات البحرينية فجر الأحد الماضي ناشطين حقوقيين من السفر إلى تركيا، ومن ثم إلى العاصمة السويسرية (جنيف). وأكدت الناشطة الحقوقية ابتسام الصائغ أنها فوجئت بإيقافها من السلطات في مطار البحرين الدولي، تحت مبرر "أسباب أمنية"، بحسب ما تمَّ إبلاغها به من رجال الأمن، وهو الإجراء ذاته الذي اتُّخذ لاحقًا بحق كل من الناشِطَين إبراهيم الدمستاني وحسين رضي، إذ تم إيقافهما لمدة تزيد على الساعة، قبل أن يتم تسليمهما جوازي سفرهما. المنظمات الحقوقية قالت في بيان مشترك إنّ منع المجتمع المدني من الانخراط مع الأممالمتحدة يعد أداة جديدة تستخدم في البحرين للتخويف وإسكات حرية التعبير، ويأتي ضمن الأعمال الانتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، ومحاولة لمنعهم من الإبلاغ عن الانتهاكات الخطيرة في البلاد. سحب الجنسية سلاح جديد تستخدمه السلطات البحرينية لقمع الحراك السياسي المعارض وتكميم الأفواه التي تسعى إلى كشف فساد السلطة الحالية، من خلال الإطاحة بجنسية ابن البلد، حيث أمرت المحكمة البحرينية العام الماضي بسحب الجنسية عن 56 مواطنًا أغلبهم من قرية "بني جمرة"؛ بذريعة تأسيس وتنظيم جماعة إرهابية، والدعوة إلى تعطيل القوانين ومنع السلطات من ممارسة أعمالها، وهو الاتهام الذي عادة ما تسوقه السلطات للمعارضين، حيث يعتبر ذلك الحكم هو أكبر حكم قضائي في تاريخ البلاد منذ انتفاضة 14 فبراير 2011. وانتقد المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد بن رعد استمرار الانتهاكات الحقوقية في البحرين، وأكد أن البحرين جردت 250 شخصًا من الجنسية على الأقل. الحكم بالإعدام أدانت منظمة العفو الدولية حكم الإعدام بحق ثلاثة بحرينيين، والسجن المؤبد ضد 7 آخرين على خلفية اتهامهم بالضلوع في تنفيذ عملية أودت بحياة ضابط إماراتي (طارق الشحي) إضافة إلى شرطيين أردنيين كانوا يشاركون في قمع التظاهرات في مارس 2014. وأوضحت العفو الدولية في بيانها الصادر في 7 يونيو، أن المحكمة استندت إلى اعترافات انتزعت تحت وطأة التعذيب. واعتبر البيان أن المحكمة "افتقدت لمعايير المحاكمة العادلة". وكشف بيان العفو الدولية أن هيئة الدفاع عن المحكومين احتجت في وقت سابق على المحكمة؛ لعدم أخذهم بالمعلومات التي أوردوها في مرافعتهم. مضيفًا أن هيئة الدفاع اتخذت بناء على ذلك قرار وقف الترافع عن المحكومين، وعلى أثر ذلك عين القضاء محامين تماشوا مع سياسة المحكمة الفاقدة لمعايير العدالة. وختمت العفو الدولية بيانها بمطالبة السلطات البحرينية بوقف تنفيد حكم الإعدام، وفتح تحقيق خاص عن تعرض المعتقلين للتعذيب، بعد إسقاط التهم. المنبر الديني في خطوة جديد مثيرة للجدل، أصدر ملك البحرين حمد بن عيسى قانونًا يتعلق بطريقة وإجراءات تكوين الجمعيات السياسية واختيار قادتها في التوقيت والمضمون، فالقانون الجديد ينص على ألا يكونوا ممن يعتلون المنبر الديني، ما يعني في جميع الأحوال عدم جواز الجمع بين المنبر الديني والعمل السياسي، والمشكلة أن القرار يأتي بعد أيام قليلة على دعوة عالم الدين البحريني الشيخ عيسى قاسم بأن حل المشاكل في البلاد لا يمكن أن يتم بوجود علماء وسياسيّين في السجون، هم رموز الشعب، وشدد على أن حلولًا دون مصداقية تبقى حبرًا على ورق، الأمر الذي من شأنه أن يدفع الأوضاع في البحرين إلى مزيد من التعقيد، فالقانون يأتي بعد تغليظ الحكم الصادر على أمين عام جمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، كما أنه يأتي في وقت تتنكر فيه السلطات إلى تقرير لجنة بسيوني لتقصي الحقائق وتنفيذ توصياته، بالإضافة إلى أن غالبية قوى المعارضة البحرينية ترأسها زعامات دينية، الأمر الذي يراه مراقبون محاولة من السلطات البحرينية لتفريغ المعارضة من مضمونها الديني والسياسي في حال تطبيق قانون المنبر الديني.