تعهد الحزب الحاكم في اليونان بالاعتراف بالدولة الفلسطينية خلال زيارة أجراها مسؤولون بالخارجية اليونانية للضفة الغربية، في خطوة سياسية أكدت السلطة الفلسطينية أنها جيدة قد ترسخ لمرحلة مهمة تسعى خلالها لتعزيز مكانة دولة فلطسين في المجتمع الدولي، فيما رأى برلمانيون فلسطينيون الخطوة «مجرد حبر على ورق»؛ لاسيما بعد التقارب اليوناني الإسرائيلي خلال الفترة الماضية. تعهد يوناني بالاعتراف بفلسطين وأوضحت التقارير التي خرجت عن اللقاء أنه مقرر حصول فلسطين على اعتراف رسمي من قبل اليونان، العضو في الاتحاد الأوروبي وحلف «الناتو» قريبا، حيث التقى رئيس وأعضاء هيئة الكتل والقوائم البرلمانية في المجلس التشريعي بالضفة الغربية، مع أمين عام حزب سيريزا اليوناني، بانجيتيس ريجاس، والوفد المرافق له، وكشف الأخير عن قرب اعتراف بلاده بدولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود عام 67، مؤكدًا أن حكومة بلاده تنوي الاعتراف رسميا بدولة فلسطين بعد دعوة البرلمان اليوناني حكومته كالعديد من البرلمانات الأوروبية بأخذ هذا الإجراء على غرار ما فعلته السويد. وتناول اللقاء استعراض صورة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، وأطلع النواب الفلسطينيون الضيوف على الممارسات التي تتبعها إسرائيل في المناطق الفلسطينية، الهادفة لتدمير عملية السلام. جرعة تفائل فلسطينية ويرى مراقبون وبرلمانيون فلسطينيون أن الاعتراف اليوناني من شأنه تقوية المكانة السياسية للفلسطينيين، خاصة أن اليونان عضو كامل في الاتحاد الأوروبي، وفي حلف شمال الأطلسي «الناتو»، ويساعد على زيادة الضغط على الدول الأوروبية الأخرى، لدعم حل الدولتين في وقت يزداد فيه الزخم بهذا الاعتراف، حيث تأتي بعد شهور قليلة من اعتراف السويد وتصويت البرلمان البريطاني بأغلبية كاسحة لصالح مذكرة تطالب الحكومة البريطانية بالاعتراف بفلسطين دولة مستقلة، كما تأتي بعد سنوات من اعتراف الجمعية العمومية للأمم المتحدة بدولة فلسطين وقبول عضويتها في المنظمة الدولية بصفة "دولة مراقبة"، لكن معظم أعضاء الاتحاد الأوروبي لم يعترفوا بها رسميًا. وخلال اللقاء، طالب النواب الفلسطينون بضرورة اتخاذ المجتمع الدولي وجميع الدول الإقليمية، خاصة في أوروبا خطوات لحث الكيان الصهيوني على العودة لمسار السلام، داعين اليونان لاستغلال علاقاتها مع الجانب الآخر لتؤثر عليهم بما فيه مصلحة لكل دول المنطقة، ودعوا لأن تكون علاقة حزب «سيريزا» واليونان بالمجمل مع الجانب الإسرائيلي علاقة «تنعكس إيجابا على عملية السلام، وأن تعطي اليونان أيضا أولوية لعلاقتها مع فلسطين». وأشار عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومفوض العلاقات الخارجية للحركة، الدكتور نبيل شعث، إلى أن وفد حزب «سيريزا» أكد أنه حضر لفلسطين لإبلاغ القيادة التزام اليونان بدولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، وحق اللاجئين بالعودة، وضرورة وقف الاستيطان، ووصف اللقاء مع حزب سيريزا الحاكم ب«الإيجابي»، وقال إنه «تناول قضايا في العمق». وأكد أن زيارة الحزب اليوناني تعد «فرصة لإحياء العلاقات بين البلدين»، لافتا إلى الاتفاق على «صيغة تحالفية» بين حركة «فتح» وحزب «سيريزا»، تتضمن التعاون المشترك ولقاءات دورية لتنسيق المواقف، إضافة لبرنامج سياسي مشترك، مطالبًا بضرورة المضي قدما في بناء العلاقات السياسية والاقتصادية الثقافية التي تربط الجانبين، مؤكدا على أهمية خلق موقف دولي واضح وحازم، للضغط على حكومة الاحتلال لإنهاء إجراءاتها العنصرية والاستجابة للجهد الدولي المبذول للعودة إلى عملية سلام حقيقية. حبر على ورق على الجانب الآخر، يتخوف سياسيون فلسطينيون من التعاون اليوناني الإسرائيلي الذي وصل إلى أعلى مستوى في المرحلة الأخيرة خاصة العسكرية الذي قد يؤثر بصورة واسعة على أن يكون القرار اليوناني المقرر اتخاذه حبرًا على ورق، وفي ضوء ذلك انتقد النواب الفلسطينيون خلال لقائهم بالوفد اليوناني التعاون العسكري القائم حاليا بين اليونان وإسرائيل. ورفض نواب الفلسطينيون ترشيح الاتحاد الأوروبي إسرائيل لرئاسة مجموعة حماية القانون الدولي، مؤكدين أن العالم أجمع صدم من هذا الترشيح الأوروبي، واصفين إياه بتجاوز خطير يتعدى ازدواجية المعايير لما هو أخطر من ذلك. وشدد وزير الخارجية الفلسطيني خلال استقباله الوفد في مقر وزارة الخارجية في مدينة رام الله، على أن الاعتراف اليوناني بدولة فلسطين يجب ألا يبقى حبراً على ورق، خصوصاً أن توجهات القيادة الفلسطينية تهدف إلى بناء المؤسسات السيادية على رغم وجود الاحتلال الإسرائيلي، ووضع قواعد الدولة المستقبلية، والانضمام إلى المعاهدات والمنظمات الدولية. وبالفعل تشهد العلاقات الإسرائيلية اليونانية تطورًا ملحوظًا ظهرت ملامحها في الأونة الأخيرة، لاسيما بعد تسريب تقارير إسرائيلية عن طلب حكومة اليسار في اليونان من إسرائيل مساعدتها في بناء جهاز استخبارات عسكري لمواجهة التحديات الأمنية التي تواجهها، ونقل موقع صحيفة "هارتس" منذ ما يقارب الخمس عشر يومًا عن مسؤولين في وزارة الدفاع اليونانية قولهم إن أثينا طلبت بالفعل من تل أبيب مساعدتها في تدشين منظمة استخبارات عسكرية "فعالة". واعتبرت تقارير صهيونية أن طلب الحكومة اليونانية من إسرائيل مساعدتها في بناء استخباراتها يأتي في إطار "العلاقة الوطيدة" التي باتت تربط قادة الجيش والمؤسسة الأمنية اليونانية بنظرائهم في الكيان الصهيوني، حيث يعود تحول العلاقات بين اثنيا وتل أبيب بشكل أساسي على خلفية زيادة التوترات التي حدثت لكلاهما مع تركيا، ففي أعقاب أحداث أسطول الحرية لفك حصار قطاع غزة في مطلع يونيو 2010 وجدتا إسرائيل واليونان في القيادة التركية عدوا مشتركا قبل محاولات المصالحة الإسرائيلية التركية الأخيرة، لتكون لعبة المصالح المؤثر الحقيقي في تخلى اليونان عن ربط علاقاتها مع الكيان الصهيوني بسلوكه إزاء الفلسطينيين، وذلك بعدما كانت اليونان من أكثر الدول تأييدا لفلسطين.