%60 من سيارات العاصمة انتهي عمرها الافتراضي.. ومطالب بتخريدها 500 ألف سيارة ملاكي ونصف نقل وميكروباص، مصنعة منذ السبعينيات والثمانينيات، تمثل نحو 60% من سيارات العاصمة، مازالت تسير في الشوارع المصرية، مما يهدد بمشكلات جسيمة، جراء أزمات تكرار حوادث الطرق وزيادة رقعة التلوث البيئي. في 2009 تم عرض اقتراح على وزارة الصناعة والتجارة الخارجية، بشأن وضع استراتيجية كاملة لعملية إحلال السيارات الملاكي القديمة التي مضى على عمرها السوقي نحو 20 عاما، واقتناء سيارات حديثة، يتم دفع ثمنها على أقساط، ودعم صاحب السيارة المستبدلة بمبلغ نقدي كتعويض له عن سيارته القديمة. وبدأ تنفيذ تلك الاستراتيجية على ثلاث مراحل، الأولى مشروع إحلال التاكسي الأبيض ولم يتم استكماله، والثانية الميكروباصات وجاري العمل عليها، والمرحلة الأخيرة إحلال السيارات الملاكي التي لم تحصل على الموافقة حتى الآن، ويحكم القانون عملية التخلص من السيارات القديمة عبر تفكيكها أو بيعها في الأقاليم كسيارات مستعملة، بواسطة الفحص الفني والدوري لها على فترات معينة تقل بزيادة عمر السيارة، كما يحدث في معظم دول العالم. «البديل» رصدت وجود نحو 500 ألف سيارة ملاكي ونصف نقل وميكروباص، مصنعة منذ السبعينيات والثمانينيات، ومازالت تسير في الشوارع المصرية، وتمثل نحو 60% من سيارات العاصمة، حيث يوجد نحو 2.14 مليون مركبة في مصر، بحسب ما ورد في آخر تقارير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، من إجمالي عدد المركبات المرخصة البالغة 7.51 مليون مركبة. يعد المقترح الذي أعدته الجمعية المصرية لسلامة المرور والنقل والمواصلات، التابعة لوزارة النقل والمواصلات والنقل البحري، بمثابة طوق النجاة للخروج من أزمات تكرار حوادث الطرق وزيادة رقعة التلوث عبر منع ترخيص وتسجيل السيارات التي يزيد عمرها الافتراضي على 20 عامًا، على أن يعقب ذلك تقليص العمر الافتراضي لتسجيل المركبات إلى 15 عامًا، وصولًا إلى 10 سنوات كحد أقصى لسير السيارات المستوردة بالشارع المصري. ومنذ ثلاثة أعوام صدر قرار جمهوري في عهد الرئيس الأسبق المستشار عدلي منصور، بشأن إلغاء تراخيص السيارات الأجرة والنقل التي مر علي تصنيعها 20 عامًا، بعد مرور ثلاث سنوات من انتهاء الترخيص بالنسبة لسيارات الأجرة، وبعد الأول من أغسطس 2015 بالنسبة لسيارات النقل العام للركاب، مما منح القائمين على سوق السيارات في مصر بارقة أمل في صدور قرار جمهوري آخر بشأن السيارات الملاكي القديمة، خاصة في ظل تطبيق اتفاق الشراكة الأورومتوسطية بين مصر والاتحاد الأوروبي، الذي يقضي بتخفيض الجمارك على السيارات المستوردة من الاتحاد الأوروبي بواقع 10% من قيمة الجمارك المفروضة عليها، والتي تصل إلى 40% على أن يتم إلغاء الجمارك عليها نهائيًّا بنهاية 2019 لتصل إلى «صفر جمارك»، الأمر الذي يدفع المواطن إلى سرعة اقتناء سيارة حديثة بدلًا من سيارته القديمة. رئيس شعبة السيارات: 280 ألف سيارة مستوردة سنويًّا يؤكد عفت عبد العاطي، رئيس شعبة السيارات بالغرفة التجارية بالقاهرة، أن من بين بنود اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي أن تكون السيارة المستوردة موديل نفس عام استيرادها، وهذا يضر بمصانع السيارات في مصر؛ لأنه يخرجها من المنافسة، مشيرًا إلى أن السوق المصرية تستوعب نحو 280 ألف سيارة مستوردة كل عام. وعن الضريبة التي تفرضها الحكومة المصرية على السيارات المستوردة من الخارج، يقول أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين: إنها تنقسم إلى ثلاث فئات، فئة أقل من ال1600سي سي، وتبلغ قيمتها 15%، فيما تتضاعف تلك النسبة إلى 30% على السيارات الأكثر من 1600 سي سي، وحتى 2000 سي سي، بينما تبلغ نحو 45% على السيارات المستوردة الأكثر من 2000 سي سي. ويضيف شيحة أن خفض التعريفة الجمركية على السيارات الأوروبية لن يؤثر كثيرًا على الحصيلة الجمركية لتلك السيارات التي تشكل نحو 30% فقط من إجمالي الحصيلة الجمركية للسيارات سنويًّا, وتعتمد الحصيلة الأكبر على السيارات ذات المنشأ الآسيوي، حيث تساهم بنسبة 70%، وبحلول عام 2016 ستتخطى مبيعات تلك السيارات في مصر حاجز 500 ألف سيارة. والحكومة لا توقّع الغرامات المستحقة على المخالفين لتطبيق المواصفات القياسية للبيئة واعتمادهم الشروط والمعايير العالمية للحدود القصوى لعوادم السيارات، ولا يتم تطبيق معايير للكشف عن صلاحية السيارات خلال إجراءات تجديد التراخيص، مما يجعل موقف الحكومة من السيارات القديمة محل شك كبير. وحذرت دراسة بمعهد بحوث النقل من إصابة شوارع القاهرة بالشلل في حالة زيادة تراخيص السيارات الملاكي القديمة، وكذلك ارتفاع نسبة تلويثها للبيئة بحسب ما تشير النتائج الأولية بأن نسبة المركبات التي تجاوزت الحدود المسموح بها من انبعاثات العوادم تراوحت ما بين 6% إلى 12% حسب نوع الملوث. عوادم السيارات القديمة تمثل 80% من ملوثات الهواء يقول المهندس محمود مروان، مدير الإدارة العامة للمركبات بجهاز شؤون البيئة: الوزارة تفحص السيارات والميكروباصات بشكل يومي، وإذا ثبت أنها ملوثة للبيئة يتم سحب رخصة القيادة، ودفع غرامة مالية تتراوح ما بين 200 إلى 400 جنيه، وإلزام السائق بإصلاح سيارته، طبقًا لقانون 94 لسنة 2009. وأكد مروان ضرورة تحديث القوانين المحلية الخاصة بالمرور، بما يسمح بوضع نسب محددة لأول أكسيد النيتروجين، مع إعادة النظر في النسب المحددة لغاز أول أكسيد الكربون والهيدروكربونات؛ لمعرفة مدى ملائمتها استراتيجيًّا على المدى الطويل، مقارنة بمثيلاتها من الدول المتقدمة في هذا المجال. وأوضح أن نسب العوادم مقسمة إلى شرائح على حسب موديل السيارة، فالسيارات ما قبل عام 2003 يجب ألَّا تتعدى نسبة أول أكسيد الكربون الناتج عنها حوالي 4,5%، بينما لا يجب ألَّا تتعدى نسبته 2,5% لموديلات ما بعد عام 2003، مؤكدًا أن الغرامات التي تقع على السيارات المخالفة يحددها جهاز شؤون البيئة بعد إنذار قائدي السيارات وعمل محاضر ضدهم يرفق معها تقرير فني عن حالة السيارة. وأشار إلى أن استخدام الوقود العادي يتسبب في زيادة معدلات التلوث البيئي، مما دفع المركز الفني لعوادم السيارات للبحث عن وسيلة لتحويل المركبات إلى استخدام وقود بديل أقل تلويثًا للبيئة، خصوصًا أن عوادم تلك السيارات تمثل 80% من ملوثات الهواء. حلول للأزمة رغم المعاناة من السيارات القديمة إلَّا أن البعض يرى ذلك القرار غير قابل للتطبيق في مصر؛ لأن الحكومة هي أول من ستعارضه؛ لأن المركبات التابعة لهيئة النقل العام، المسؤول الرئيسي عن كم كبير من التلوث والتشويه الحضاري للعاصمة، لا يمكن استبدالها؛ لأن الهيئة ستتحمل نحو 75% من سياراتها. ويصف الدكتور حسن حميدة، أستاذ هندسة الطرق بجامعة الإسكندرية ووزير النقل الأسبق خلال عهد السادات، القرار بأنه مُتسرع، فإذا أضفنا سيارات الهيئات الحكومية الأخرى وعشرات الألوف من السيارات الملاكي والميكروباصات، يتضح أن مثل هذه القرارات ليست لدول فقيرة مثل دولتنا، حتى وإن كان القرار صحيحًا من الناحية النظرية، ومن ثم فإن مثل هذه القرارات تحتاج إلى مزيد من الإجراءات لتتم على أكمل وجه. وأكد الدكتور أسامة عقيل، أستاذ هندسة الطرق بجامعة عين شمس، أن المواطن وحده هو من يتحمل فاتورة أسطول السيارات القديمة التي انتهى عمرها الافتراضي في الشوارع عبر التعرض للتلوث المنبعث من عوادمها، كما تتحمل الدولة الجزء الأكبر في دعم الوقود لتلك المركبات، ولذلك لابد من تشريعات صارمة في القانون بتحديد حد أقصى لعمر السيارة ورفع قيمة الضريبة عليها. وأوضح أن مصر بخلاف دول العالم، كلما مر عام على السيارة تحصّل ضريبة أقل، بينما في الخارج تزداد الضريبة، حتى تكاد تعادل من سعر السيارة ذاتها، ليضطر صاحبها إلى التخلص منها بتسليمها ل«مقابر السيارات» لتخريدها وتقييمها مقابل مبالغ مالية بسيطة، تتراوح ما بين 3 إلى 5 آلاف جنيه عن السيارة الواحدة، بعدما أصبحت نعوشا متحركة تسير في الشوارع على حد وصفه. وطرح عقيل ل«البديل» عدة حلول للخروج من أزمة السيارات القديمة، بداية من رفع قيمة الضريبة عليها، مرورًا بتوفير وسائل النقل الجماعي الجيدة التي تليق بآدمية المواطن وتحترم مواعيد عمله، مما يقلل من حجم الطلب على تلك السيارات المستعملة. أصحاب السيارات القديمة: ارتفاع أسعار «الحديثة» السبب تم رفض هذا الاقتراح من قِبَل أصحاب السيارات الملاكي، مضيفين أن القرار سيكون عادلًا لو أن أسعار السيارات مناسبة تسمح بتغييرها كل فترة، لكن في ظل القيود المفروضة على امتلاك المواطن سيارة خاصة بسعر معقول، وعدم توفر وسائل نقل جماعي آدمية يكون القرار بشكله الحالي متعجّل. هناك حالة أخرى تخص المواطنين من أصحاب المزارع والعزب، حيث يعتمدون في تنقلاتهم لتلك المشاوير على هذه السيارات القديمة، وهؤلاء لا علاقة لهم بالزحام ولا تلويث البيئة، بحسب ما قال أحدهم ويدعى هشام القاسمي؛ لأنهم ببساطة يتواجدون في أماكنهم التي يرتبطون بها، فضلًا عن وجود عائلات رباتها أرامل ومطلقات لا تقوى على شراء سيارات حديثة، هؤلاء ربما استحقوا النظر إليهم كحالات تستثنى أو تراعى بشكل أو بآخر، دون الإخلال بالقرار المقترح بحسب مطلبه. فيما طالب آخرون بضرورة توفير امتيازات بديلة لهم كتسهيلات ائتمانية من البنوك الوطنية المقترح تمويلها لهذه المشروعات.