قرار جديد داخل أروقة الأممالمتحدة يجمل صورة الكيان الصهيوني، ويعمل على تعزيز ودعم انتهاكاته الإرهابية في الأراضي المحتلةالفلسطينية، حيث تغاضت دول أوروبية عن جرائم الاحتلال الصهيوني المستمرة على مدار الساعة ضد الفلسطينين ومقدساتهم الإسلامية والمسيحية وعمليات الاستيطان؛ لترشح بصورة مستفزة «إسرائيل» لرئاسة اللجنة السادسة التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة والمعنية بمكافحة الإرهاب وقضايا القانون الدولي. وعلى الرغم من صدور قرارات أممية عدة في السنوات الأخيرة تشير إلى ارتكاب الكيان الصهيوني جرائم حرب ضد الإنسانية، إلا أن الدول المرشحة للكيان الصهيوني تعمدت التنصل من مسؤوليتها تجاه مكافحة الإرهاب التي يتوجب عليهم اتباعها، وساعدت في تهيئة اللجنة لاستقبال رئيس يعد أكبر راعٍ للإرهاب في العالم وفقًا للإحصائيات والتقارير الصادرة في هذا الشأن. والغريب هنا أن هذا المنصب يتضمن المسؤولية عن البروتوكولات الملحقة باتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين زمن الحرب والانتهاكات التي ترتكبها الدول، لكن بالرجوع قليلًا إلى الحروب الأخيرة نكتشف أن الممارسات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة التي تشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان تدخل ضمن انتهاك هذه الاتفاقية ، بما يعني أنه إذا تم انتخاب الكيان الصهيوني لهذا المنصب، سيكون هو المسؤول عن تمرير بروتوكولات تخص هذه الاتفاقية رغم انتهاكه لها كثيرًا. وهذا المشهد تكرر قبل عامين عند ترشح الكيان الصهيوني لمنصب نائب رئيس اللجنة الأممية الخاصة بمكافحة الاستعمار في وقت يحتل الكيان جزءًا من الأراضي العربية، حيث لم تنجح المجموعة العربية في عرقلة مثل هذا القرار على غرار ما حدث بالأمس، حيث لاقى قرار مجموعة غرب أوروبا التي رشحت إسرائيل معارضة عربية، لكن لم تنجح في عدم تمريره. والمجموعة التي قامت بترشيح إسرائيل هي دول غرب أوروبا إلى جانب أستراليا ونيوزيلندا وإسرائيل وتركيا ودول أخرى، وبحسب التقليد المتبع فإن رئاسة اللجنة المذكورة تتم بالتداول بين المجموعات، وهذا العام هو دور مجموعة غرب أوروبا، والتي رشحت إسرائيل. وركزت المجموعة العربية في رفضها لهذا الترشح على أن تقديم مرشح لرئاسة اللجنة السادسة يقترن بمسؤولية تحتم اختيار مرشح إن لم يكن ملتزمًا بالكامل بالقانون الدولي، فعليه ألا يكون منتهكًا دائما لبنود القانون الدولي والقرارات الدولية، وأن إسرائيل لا يمكن أن تكون مؤهلة للعب هذا الدور؛ بسبب سجلها المخزي في ارتكاب جرائم وانتهاكات لقرارات اللجنة السادسة التي تم ترشيحها لرئاستها. وباستعراض أبرز القرارات المجمدة داخل أروقة الأممالمتحدة والتي لم ينفذها الكيان الصهيوني ولم يحترمها اقتناعًا منه أن حلفاءه المهيمنين على هذه المنظمة سيعملون على حمايته بعد انتهاك هذه القرارات، نجد أن إسرائيل اعتمدت بشكل واضح على حليفتها الأمريكية، لتنال قضية فلسطين الجانب الأكبر من مئات القرارات المجمدة، ومنها القراران 242، و194 الخاصان بحقوق اللاجئين الفلسطينيين، وكذلك القرار 446 لعام 1979 الذي ينص على أن إقامة المستوطنات الإسرائيلية فوق الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967 والذي لا يستند إلى الشرعية القانونية يشكل عقبة جديدة بوجه إقامة الدولة الفلسطينية. وخلافًا للقوانين المجمدة والتي لم يحترمها الكيان الصهيوني، أبرز العدوان الأخير على غزة مدى الجرائم المرتكبة منه، وأكد تمادي الإرهاب الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، حيث أظهر المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان تقريرًا رصد فيه استشهاد 1742 فلسطينيًّا 81% منهم من المدنيين، بينهم 530 طفلًا و302 امرأة و64 لم يتم التعرف على جثثهم؛ لما أصابها من حرق وتشويه، وجرح 8710 من مواطني القطاع، كما قتل 11 من العاملين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) و23 من الطواقم الطبية العاملة في الإسعاف، كما دمر القصف الإسرائيلي للقطاع 62 مسجدًا بالكامل و109 مساجد جزئيًّا، وكنيسة واحدة جزئيًّا، و10 مقابر إسلامية ومقبرة مسيحية واحدة، كما فقد نحو مائة ألف فلسطيني منازلهم وعددها 13217 منزلًا، وأصبحوا بلا مأوى. كما شرع الكيان الصهيوني خلال العام الماضي في الهدم ومصادرة الأراضي الفلسطينية، حيث ارتفع عدد عمليات الهدم في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2016 إلى معدل 165 عملية هدم شهريًّا، مقارنة بمعدل شهري بلغ 50 عملية هدم في الفترة بين 2012 و2015. كل هذه الانتهاكات توضح بما لا يدع مجالًا للشك أن هذا الكيان غير مؤهل لأن يكون أصلًا عضوًا بالأممالمتحدة وليس رئيسًا للجنة مكافحة الإرهاب. وانتقد سياسيون فلسطينيون هذا القرار، مؤكدين أن به كثير من التناقض، حيث استهجن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، تيسير خالد على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك، هذا الترشيح قائلًا : «غريب هو موقف دول أوروبا الغربية، ففي الوقت الذي تبدي فيه هذه الدول تذمرها واستهجانها لقيام إسرائيل بإهدار أموال الاتحاد الأوروبي وزيادة وتيرة استهدافها لمشاريع في الضفة الغربية، بُنيت بتمويل من الاتحاد، فإنها تقوم بترشيح إسرائيل لرئاسة اللجنة المعنية بمكافحة الإرهاب وقضايا القانون الدولي. وتابع: «الغريب هنا أن تركيا كانت بين الدول التي وافقت على هذا الترشيح، أما تفسير ذلك فقد جاء على لسان دبلوماسي تركي في نيويورك، حيث قال: إن ما يجمع إسرائيل وتركيا بشأن مكافحة الإرهاب هو أكثر بكثير مما يجمع تركيا بالدول الإسلامية والعربية».