بعد عامين من توقف المساعي الأميركية الرامية للتوصل إلى اتفاق بين دولة فلسطينالمحتلة والكيان الصهيوني، بدأت المساعي الفرنسية بالظهور، حيث استضافت فرنسا وزراء خارجية القوى الكبرى، الجمعة الماضية؛ لإعادة عملية السلام بين الكيان الصهيوني وفلسطين إلى جدول الأعمال الدولي وإيجاد أرضية مشتركة بالقدر الكافي على مائدة التفاوض المزمعة في خريف العام الجاري. حيثيات المؤتمر يضم اجتماع الوزراء في باريس اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط التي تتألف من الولاياتالمتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وتشارك فيه أيضا الجامعة العربية ومجلس الأمن الدولي ونحو 20 دولة أخرى، دون مشاركة الفلسطينيين والإسرائيليين، ويرأس وفد مصر وزير الخارجية سامح شكري. ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان مارك آيرولت، أمس، إلى التحرك سريعا لإحياء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين المستندة على "حل الدولتين" قبل فوات الأوان. وقال إيرولت في الاجتماع الدولي بباريس حول النزاع في الشرق الأوسط: يجب التحرك بشكل عاجل للحفاظ على حل الدولتين وإحيائه قبل فوات الأوان، مكررا عزم فرنسا على تنظيم مؤتمر بين الإسرائيليين والفلسطينيين قبل نهاية العام. وفي كلمته أمام الاجتماع، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، إن خيار السلام يخص إسرائيل والفلسطينيين وحدهم ومبادرة فرنسا يمكن أن تساعد في توفير ضمانات لاتفاق دائم وثابت. من جانبها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيدريكا موغيريني، إن القوى العالمية تتحمل مسؤولية إحياء المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين، وحذرت من أن الآفاق التي فتحتها اتفاقيات أوسلو للسلام عام 1993 في خطر. وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، إن أساس أي خطة سلام مستقبلية بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ما زال يتمثل في المبادرة العربية لعام 2002 وحث إسرائيل على قبولها. وكانت فرنسا تراهن على تأثير بريطاني-ألماني يجعل المبادرة أوروبية، للتدخل في إنقاذ عملية السلام؛ ولكن بريطانيا وألمانيا تراجعتا، ولم تستطع فرنسا حتى اللحظة أن تجعلها مبادرة أوروبية حقيقية وجدية، الأمر الذي من شأنه أن يجمد هذه المبادرة على المستوى الدولي، ففرنسا لم تسطع أن تكسب المبادرة بعدًا أوروبيا. وتعرف فرنسا أن مبادرتها لا تستطيع تحقيق ما تسمو إليه، خاصة في ظل التعنت الصهيوني الرافض للمبادرة من حيث المبدأ، حيث قال دبلوماسي فرنسي: نعرف أننا لن نتمكن من إقناع الإسرائيليين والفلسطينيين بتحقيق السلام على الفور لكننا نرغب في تهيئة الظروف المناسبة لجلوس الجانبين إلى مائدة التفاوض. وقال مدير عام وزارة خارجية الاحتلال دوري غولد خلال لقاءه مع صحافيين عشية اجتماع وزاري دولي في باريس،إن المبادرة الفرنسية لاستئناف عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين محكومة بالفشل. وسبق أن عبر رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتانياهو عن رفضه للمبادرة الفرنسية أمام مسؤولين فرنسيين زاروا المنطقة. الموقف الفلسطيني من المبادرة رغم أن الحكومة الفلسطينية ترى في المبادرة بارقة أمل إلا أنها في الوقت نفسه لا تعول كثيرًا عليها، حيث قال أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات، أمس الجمعة، إن المؤتمر يشكل بارقة أمل، لكن ليس لدينا أي أوهام بأن هذا المؤتمر سيؤدي إلى معجزة تتمثل في الوقف الفوري للاستيطان الإسرائيلي. هذا وتتبنى المبادرة الفرنسية حل الدولتين باعتبارها الحل الوحيد القادر على حل الصراع المفروض على الفلسطينيين والإسرائيليين، بجانب أنه يعطي إجابات ويلبي طموحات عادلة عند الطرفين، كما أنه يضمن الأمن، وتعتبر المبادرة الفرنسية أن الاستمرار في بناء المستوطنات يهدد بناء الدولتين وخصوصا البناء في مناطق حساسة مما يجعل الأمور أكثر صعوبة. ويرى مراقبون أن الكيان الصهيوني لن يقبل بأي تحركات فرنسية في إطار السلام، فالكيان الصهيوني يمر حاليا بأقوى ظروفه في هذه المرحلة، وخاصة في ظل الانقسام الفلسطيني وبؤس الوضع في المنطقة العربية وغياب آليات دولية تلزم تل أبيب بعقد اتفاق أو إبرام تسوية مع الجانب الفلسطيني.