لم يشفع قدوم شهر رمضان عند بعض التجار الذين زاد جشعهم وتوحشوا، وأصبحوا يسيطرون على أغلب السلع والمنتجات الأساسية في الأسواق المصرية. فخلال الأيام القليلة الماضية ارتفعت معظم السلع بنسب تتراوح بين 30 % و70 %، وتحول الأسعار لغول ينهش محدودي، في ظل غياب للدور الحكومي، سواء بالرقابة، أو محاسبة التجار الجشعين، أو فيما يخص دور وزارة التموين في ضخ المزيد من السلع؛ لعمل توازن. ولم تكتفِ الحكومة بغيابها عن المشهد، بل تصدرت وسائل الإعلام والصحافة بتصريحات براقة عما تطلق عليه ضبط الأسعار وتوفير السلع بسعرها الطبيعي، وغيرها من العبارات التي لا تمل الحكومة من ترديدها، والتي لا تتجاوز الإعلام إلى أرض الواقع، حيث تواصل الأسعار ارتفاعها حتى الآن دون أي أثر للحكومة. إسلام رابح، أحد تجار التجزئة، قال إن سعر كيلو الأرز ارتفع خلال شهرين من 4 إلى 9 جنيهات، وما زال السعر قابلًا للزيادة مع دخول شهر رمضان، بجانب سلع أخرى، كالسكر والزيت والسمنة وغيرها من السلع الرئيسية التي ارتفع سعرها لأكثر من الضعف، ولأن المواطن لا يستطيع التعامل مع تلك الأسعار؛ انخفضت حركة البيع نسيبًّا. وأضاف رابح أن معظم التجار يخزنون السلع منذ عدة أسابيع؛ استعدادًا لدخول شهر رمضان، الذي يزداد فيه الطلب عليها، والأسعار ترتفع يوميًّا، مشيرًا إلى أن بعض التجار بدءوا في تخفيض وزن السلع من 1000 جرام إلى 900 و800؛ حتى يستطيعوا المحافظة على الأسعار إلى حد ما. زهدي الشامي، القيادي بحزب التحالف الشعبي، قال إن تعامل الحكومة الحالية مع الأزمة خاطئ، وهو امتداد لنفس سياسات الحكومات السابقة، وأصبح هناك مافيا تسيطر وتحدد أسعار السلع والمنتجات أمام الجميع، دون أن يتحرك أي مسؤول، مشيرًا إلى أن التحالف ينادي منذ 4 سنوات بتغيير سياسات المسؤولين في تعاملهم مع أزمة ارتفاع الأسعار. وأضاف الشامي أن هناك مقترحًا بعمل تعاونيات ومنافذ بيع رسمية، تأخذ السلعة أو المنتج من المصدر الرئيسي، سواء المزارع أو المصنع، وتبيعه للمواطن بشكل مباشر دون وسطاء أو تجار؛ حيث إن مراحل تاجر الجملة وتاجر التجزئة ومحل البقالة أو السوبر ماركت تزيد من السعر، وعندما تصل السلعة إلى المواطن تكون قد مرت بأربع أو خمس مراحل، وفي كل مرحلة يزيد سعرها؛ لذا فإن فكرة التعاونيات تختصر كل هذه المراحل. على الجانب الآخر قالت سعاد الديب، رئيس جهاز حماية المستهلك، إن الجهاز يستقبل يوميًّا عشرات الشكاوي والبلاغات حول ارتفاع الأسعار وغلاء السلع في جميع المحافظات، وتم التواصل مع المسؤولين في وزارة التموين، وإبلاغهم بتلك الشكاوي التي تعكس حجم الجشع وسيطرة وتحكم التجار في تحديد أسعار السلع، مشيرة إلى أن الحكومة هي المسؤولة عن متابعة الأسعار ومعاقبة من يخالف أو يرفع الأسعار، ولكن هذا لا يحدث، فمعظم الوقت تكون تحركات الحكومة مقتصرة على وسائل الإعلام بعيدًا عن الواقع، مشددة على أن الحكومة عليها دور كبير في حل الأزمة، سواء بضخ كميات إضافية وفتح منافذ بيع أكثر، أو ضبط السوق ومحاسبة من يحتكر ويستغل.