جدران وأعمدة وقطع أثرية.. بقايا معابد فرعونية وكنائس رومانية، بعضها ملقى على الأرض، وبعضها يستند على قطع خشبية، أطفال يلهون على أطلالها، نسوة ينشرون ملابسهم ويلقون فضلاتهم، ومواشٍ تجد مرتعها، تجاورها منازل مخالفة وسط المواقع الأثرية.. مشاهد رصدتها «البديل» داخل قرية الأشمونين حاضنة التاريخ والحضارة القديمة. على بعد 40 كيلو مترًا من مدينة المنيا تقع قرية الأشمونين، غرب مركز ملوي، قاربت على فقد مكنونها الأثري لتهدم بعض أجزائها، وتعرض أخرى للسرقة المنظمة؛ نتيجة إهمال الجهات المختصة وضعف التأمين. رصدت «البديل» غياب سور يحيط بالقرية الأثرية، مما جعلها ممرًّا للمواطنين والماشية، وتسللت الحشائش إلى داخل المواقع الأثرية، غمرت أركانها، وباتت وكرًا للخارجين على القانون، ومسكنًا للزواحف والحشرات، كما تهدمت أجزاء مهمة من أعمدة المعابد والكنائس، وتناثرت أجزاء منها على الطرقات، وراح الصبية يخطون على الأحجار الأثرية بكتابات أخفت معالمها، في حين تقدم بعض السيدات على نشر ملابسهم وإلقاء فضلاتهم هناك دون رقيب. مسؤول بهيئة تنشيط السياحة بالمنيا كامل الطهناوي قال: إن الأهالي شقوا ممرًّا وسط المناطق الأثرية بالأشمونين؛ لعدم وجود أسوار، ويمرون بسياراتهم وأنعامهم وجراراتهم، ولا توجد لافتات إرشادية توضح المكنون الأثري للمنطقة. وذكر عرفان فؤاد عبد الصمد، مدرس فيزياء، يقيم قرب المواقع الأثرية، أن الأشمونين تجسد ظاهرة غياب الأمن، خاصة أن الدولة تخصص 8 حراس للمنطقة، لا يحضر أي منهم سوى في الزيارات الخاصة بالمسؤولين، معتبرًا أن أعداد الأمن قليلة للغاية مقارنة باتساع المنطقة. وكانت رصدت منطقة آثار ملوي عشرات الحالات الخاصة بالتعدي بالبناء علي أراضي الأشمونين الأثرية، ووجهت حملة إزالات، وتبين أن الاعتداءات التي تعرضت لها المنطقة قاربت 1ألفًا و300 فدان، شملت أعمال حفر وبناء. وفي مطلع أبريل 2014 اختفت قطعة أثرية في سجل آثار مخزن الأشمونين، وتم وضع بقطعة أخري مهشمة بدلًا كي لا تظهر معالمها، ويتم كشف اختفائها، وتم تشكيل لجنة، لكنها تأخرت لرفض كثيرين الاشتراك فيها، لعلمهم بوجود قطع كثيرة غير أصلية. واكتشفت رئيس لجنة جرد المخزن المتحفي نجوى أحمد، مخالفات كثيرة، وأعلنت اعتذارها عن تولي المهمة، بعدها تم اكتشاف قطع أثرية مقلدة موجودة بالمتحف بدلًا من القطع الأصلية. وكشفت زيارة وزير الآثار محمد إبراهيم عن عدم إنارة الطرق المطلة على المواقع الأثرية ليلًا؛ ليطالب بإعداد مشروع إنارة لها، وقال مدير عام السياحة السابق محمود النبرواي: إن عدم إنارة الطرق يعرض المواقع الأثرية لأعمال السرقة والتنقيب. واقترح محمد حامد، موظف بآثار ملوي، إنشاء سور حول القرية الأثرية من الجهات الأربع، وتعزيز الحراسة وإنارة الطرق ليلًا وإدخال القطع الأثرية الملقاة على الأرض إلى داخل مخازن الوزارة، وكذا تعديل رواتب موظفي الوزارة؛ لكونها في مؤخرة قائمة الأجور، حتى يتمكنوا من ممارسة عملهم بجدية، بحيث تتوافر لديهم مقومات مادية تمكنهم من التنقل بين المواقع الأثرية. ورد محمد عبد الحميد، مدير منطقة المنيا الأثرية، قائلًا: لا تتوافر لدينا ميزانية تمكننا من إنشاء أسوار، حتى أننا نعجز عن سداد قيمة فواير الاتصالات، فالحكومة لا تخصص ميزانية باعتبار الآثار قطاع ذاتي التمويل، وما نتحصل عليه من الحكومة يعتبر سلفة، في حين أنه ومنذ توقف السياحة لم تدخل أي موارد مالية في خزينة الهيئة. وأضاف: الأشمونين منطقة تعوم منازلها على كنوز أثرية، ولو حفرنا لعمق 20 مترًا لوجدنا آثارًا جديدة، غير أن أي مواطن يقدم على حفر منزله لا بد أن يكون تحت إشراف هيئة الآثار. الأشمونين.. تلك القرية المنسية، تضم آثارًا للعصور الفرعونية والإغريقية والرومانية والقبطية، امتدت قيمتها وقدسيتها حتى أصبحت مركزًا للعبادة في مختلف العصور التاريخية، وتضم 3 معابد، وبها كنيسة بازلكية من الأعمدة وسقفها من الزجاج.