قبل 68 عامًا بدأت نكبة فلسطين، حيث طرد من بيته وأرضه، وخسر وطنه لصالح إقامة الدولة الصهيونية، ولم يملك الفلسطينيون سوى النضال بشتى صوره. ومنه ما جسده عدد من الفنانين التشكيليين الفلسطينيين في لوحاتهم الفنية، حيث عبروا عن المعاناة التي يواجهها الشعب من تهجير وخوف وحسرة على بلادهم. ففي لوحة "سنعود" للفنان إسماعيل شموط، نجد تساؤلات خائفة في عيون الطفل العاجز عن إدراك الأحداث وفهمها، بينما تبدو خطى الجد أكثر ثباتًا وملامحه أكثر وضوحًا، ونظرته تجاه الديار التي تركها خلفه تعبر عن المرارة. هذه اللوحة بنزعتها الطبيعية لا تعبر عن يأس اللاجئين، وإنما عن التمرد عليه، فرغم بعدها عن التفاؤل الساذج، إلا أنها لا تخفي الألم، وإنما تفهمه على أنه التربة الصالحة لنمو الوعي بالقوة الذاتية، وهكذا تقف اللوحة في بداية فهم متباين للواقع الفلسطيني. وفي لوحة "إلى أين" للفنان ذاته يبدو التساؤل في عيون شخصيات اللوحة الأربعة محيرًا بعد التهجير: إلى أين؟ إذ تظهر الصحراء باتساعها أمامهم حتى الأفق، ولا شيء معهم يمكن أن يستندوا إليه في رحلتهم إلى المجهول. نجد الأب في اللوحة مع أطفاله الثلاثة، ويبدو أنهم فقدوا أمهم. وفي ملامح الأبناء جميعهم يظهر التعب والفزع والاستسلام للواقع. وفي لوحة "جمل المحامل" للفنان سليمان منصور، نجد عتالًا يحمل على ظهره شكل عين كبيرة، تضم في داخلها مدينة القدس. وصور الفنان فلسطين في صورة رجل عجوز متعب، إلا أنه صامد رغم المعاناة. ولاقت هذه اللوحة ترحيبًا محليًّا واسعًا، قبل انتشارها عالميًّا، عندما طُبعت على شكل ملصقات سنة 1975م ،وعُلِّقت في المنازل والأماكن العامة في كافة أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة. ولوحة "الحب والسلام" لسليمان منصور، يبرز فيها ثلاثة من الفلسطينيين: رجل عجوز، وشاب، وامراة، مكتوفي الأيدي، ويرفعون وجوههم إلى السماء يدعون الله، وفي الخلفية تبرز مساوئ الاحتلال الصهيوني، وتكميمهم لأفواه الفلسطينيين، وانتشار الدبابات في كل مكان. أما في لوحة "ترنيمة الصبر" للفنان عماد أبو شتية، نجده يجسد فلسطين في هيئة فتاة ترتدي الأبيض رمز الصفاء والسلام، وتحمل في يدها نبات الصبار، دليلًا على الصبر والمقاومة، وفي الخلفية يرفرف الحمام وكأنه دليل على أن فلسطين اشتاقت للسلام.