ريشة شموط لن ترسم القضية الفلسطينية بعد "الحياة بدون الإنسان لا تكون حياة، والحياة قاسية مع الظلم والجهل والفقر، وأنا ابن واحدة من أهم مآسي هذا القرن، وهي المأساة الفلسطينية الإنسانية الرهيبة، والإنسان متغلغل في بحكم العذاب الذي حل بالإنسان العربي الفلسطيني، والذي شهدته في حياتي وبأم عيني.. ولا أستطيع تصور عمل فني لي بدون أن يكون الإنسان محوره الأساسي" .
كذلك تلخصت فلسفة الفنان الرسام الفلسطيني الكبير إسماعيل شموط رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين وأحد أبرز رواد الفن التشكيلي الفلسطيني ورمزاً من رموز الثقافة الفلسطينية والعربية، جاءت وفاته في أحد مستشفيات برلين، اثر إجراء عملية جراحية في القلب، وهي العملية الرابعة له، بعد معاناة طويلة اقتضت تغيير الصمام أكثر من مرة، فهو فنان أمضى 55 عاماً في رسم القضية الفلسطينية .. حتي توقفت ريشته عن عمر يناهز 76 عاما..ولكنه لم يَمُتْ، بل احترق! احترق كشمعة خُلِقَتْ من أجل أن تقاتل الظلام، احترق، لأنه من الشرارة يندلع اللهيب ! محيط: سميرة سليمان ولد إسماعيل شموط في مدينة اللد الفلسطينية في عام 1930 وبعد هزيمة عام 1948 عاش مع عائلته في مخيم للاجئين في خان يونس بقطاع غزة، وانتقل إلى القاهرة حيث درس فن الرسم والتصوير في كلية الفنون الجميلة في عام 1950-1956، وأقام أول معرض للوحاته في مدينة غزة عام 1953وبعده في القاهرة في عام 1954 ، بمشاركة زميلته تمام الأكحل وهو المعرض الذي رعاه وافتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر. فهو من عائلة بسيطة، محافظة، مكونة من عشرة أنفار، منهم ثلاث إناث، ورث والده مهنة بيع الخضار من جده الذي كان يتمتع بصوت جميل، وكان يجيد أداء الموشحات، اكتشف بعد انتقاله من الكُتّاب إلى مدرسة اللد الابتدائية أن هناك درساً للرسم والأشغال اليدوية، ويروي إسماعيل أنه اكتشف في اللد حجر الحور أواخر الثلاثينيات وتحديداً في الصف الثالث الابتدائي ليبدأ بنحت الطيور والحيوانات التي طاوعت يديه الصغيرتين، ليفوز بعد ذلك بجائزة أفضل تلميذ في المدرسة، ومن أستاذه تعلم دروساً في الوطنية من خلال الرسومات التي كان يزين بها جدران المدرسة للأبطال التاريخيين أمثال خالد بن الوليد، صلاح الدين الأيوبي، وعمر بن الخطاب. تعرض والده للتعذيب على أيدي الإنجليز، ويقول شموط "لا أنسى إضراب 1936 كان عمري آنذاك ست سنوات، وأذكر ما وقع من ظلم لأهلنا، لقد عزل الإنجليز مدير المدرسة توفيق أبو السعيد، والذي كان آنذاك حركة ضمن ثورية يقودها حسن سلامة"، كما يذكر "الصليب والدائرة" كناية عن الإشارات التي كان يضعها المستعمر على أبواب البيوت التي يقرر نسفها. ويشكل العام 1947 محطة جديدة في وعي الفتى، عندما يزداد توتر الأجواء المشحونة بلهب الحرب، يقول " بدأت أرسم ما له علاقة بالحدث، صورة الحاج أمين الحسيني والشهيد عبد القادر الحسيني وكان عمري آنذاك 16 سنة"، بعد 50 عاماً عاد شموط إلى مدينته اللد ليقابل التشكيلي عبد عابدي الذي يقول له " وقع في يدي كتاب لجندي إسرائيلي دوَّن فيه يومياته، ويعترف انه تفاجأ حين عثر في أحد البيوت على فراشي اللون وبولتيه رسم ليقول معنى ذلك أنهم لم يكونوا متخلفين كما كان يقال لنا "، ولم يكن هذا البيت سوى بيت عبد القادر شموط والد إسماعيل، الذي كان يحلم منذ العام 1946 بدراسة الفن في القاهرة لأنها "بلاد الفن" كما يقول، ولكن والده أراد له أن يكون موظفا فعمل في بنك الأمة العربية الذي أسسه رئيس حكومة عموم فلسطين أحمد حلمي باشا، وقرر أن يترك المدرسة ويعمل كاتباً في البنك لأقل من سنة ويعود إلى الرسم ويحترف تزويق فساتين العرائس "لإقناع والدي أن الفن يُطْعم خبزاً". يقول شموط " النكبة كسرت كل شيء حلو في حياتنا، كانت مأساة عشناها كلنا، بين العطش الذي قتل أخي الصغير ابن العامين ومئات آخرين، وبين الجوع والذل والقهر"، وكان يقول "مر عام كامل لم يكن بمقدوري أن اشتري قلماً أو ورقة للرسم أو مجرد التفكير في ذلك، كنت أرسم على الرمل، وأذكر حادثة وقوعي في حقل ألغام مع أخي الصغير والعناية الإلهية وحدها التي نجتنا" . وفي عام 1953 أقام شموط معرضه الأول وتحديداً في 29 يوليو 1953 في نادي الموظفين بغزة وهي نتاج مرسم الكلية ويقول " لم أكن أرسم موديلاً وإنما أرسم أوجاعي"، وهو المعرض الذي كان يصفه قائلا "حضره المئات من كل الأعمار والفئات كان حدثاً جديدا، بعضهم بكى وبعضهم كتب أني فنان الشعب"، قائلا "هنا قررت مصير حياتي، الفن هو وسيلتي في الحياة، وقضيتي هي الموضوع". بعدها بدأ الاستعداد لمعرض القاهرة، الذي أقيم في نادي الضباط بالزمالك برعاية الرئيس الراحل جمال عبد الناصر وحضره ياسر عرفات وكان آنذاك رئيسا لاتحاد طلبة فلسطين ود. فوزي الغصين من الجامعة العربية الذي غص بالبكاء، ويحكي إسماعيل :" وتدخل تمام بنت عارف الأكحل حياتي في العام 1954، وكانت طالبة في كلية المقاصد الخيرية ببيروت، وتحوز على منحة لدراسة الفن لتفوقها، وأعرض خلال ذلك عشرات اللوحات ومنها (جرعة ماء)، و( إلى أين) لأبيع منها، وأشتري خاتم الارتباط الجميل". وكان لا يلبث أن يقول " في مصر تعلمت كيف أرسم، وفي روما بدأت أتعرف على مدارس الفن ، لم تغرني أية مدرسة، وبقيت مؤمنا أن أسلوبي هو الذي يُمكّنني من التعبير عن حقيقة ما أشعر به". يكمل شموط دراسته العام 1956 من روما ويعود إلى القاهرة لأنه كما يقول"رق الحبيب" ليعقد قرانه العام 1959 على رفيقة دربه، وشريكة (السيرة والمسيرة) وهو اسم المعرض الذي دوّنا فيه رحلة اللجوء والنفي، وعرض أول مرة في المتحف الوطني بعمان وحضره زهاء 5 آلاف زائر، ثم يتجول في القاهرةفدمشق ومدن أخرى في العالم . عندما دخلت قوات الاحتلال مدينة القدس العام 1967 مزقت لوحات إسماعيل شموط ، وفي اجتياح بيروت العام 1982 عادت لسرقة لوحاته الموجودة في مقر اتحاد الفنانين الفلسطينيين، انتخب أول أمين عام للفنانين التشكيليين العرب لدورتين متتاليتين عام 1971 انتقل من بيروت إلى الكويت وعاش فيها تسع سنوات ثم إلى ألمانيا لمدة سنتين، ثم انتقل إلى عمان حيث عاش فيها متفرغا للفن عام 1983 – 1992 . للفنان شموط عدد من المؤلفات والكتابات الفنية والثقافية والتراثية، منها "الفنان الصغير" عام 1957 ، "الفن الشعبي الفلسطيني" عام 1976 ، "موجز تاريخ فلسطيني المصور" عام 1972 ، "فلسطين تاريخ وحضارة" عام 1977 ، و"الفن التشكيلي في فلسطين" عام 1989. أقام شموط منذ عام 1954 معارض لأعماله في كل من فلسطين والأردن ومصر ولبنان وسوريا والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، وفي أميركا (12 معرضا ب12 ولاية اميركية) وإنجلترا وألمانيا وفرنسا وايطاليا والاتحاد السوفيتي والسويد ويوغوسلافيا وبلغاريا والصين والنمسا. ويعد شموط هو المؤسس الحقيقي للحركة الفنية الفلسطينية وفرضت الحياة التي عاشها أن يلجأ إلى المدرسة الواقعية في الفن التشكيلي ورسم المعاناة التي عاشها اللاجئون والشعب الفلسطيني بعد النكبة، وأقام الراحل معارض شخصية (معظمها بمشاركة زوجته الفنانة تمام الأكحل) في معظم البلاد العربية وفي عدد كبير من بلاد العالم، حصل على درع الثورة للفنون والآداب وعلى وسام القدس وعلى جائزة فلسطين للفنون وجوائز عربية ودولية عديدة. رحلة اللون "أنا لا أنتمي إلى مدرسة فنية من المدارس المتعارف عليها، ولم يكن همي- منذ بدء حياتي الفنية- الانتماء إلى أي من تلك المدارس الفنية.. ما يهمني هو أن أعبر عما في نفسي من مشاعر، وما يختلج في وجداني من أحاسيس تنبعث كلها من أثر المعايشة الحقيقية للحدث الإنساني الفلسطيني والعربي بشكل عام"، فرضت الحياة التي عاشها شموط أن يلجأ إلى الواقعية في الفن التشكيلي ورسم المعاناة التي عاشها اللاجئون والشعب الفلسطيني بعد النكبة، ففي لوحاته نقرأ سيرة فلسطين بتفاصيلها الدقيقة . وكان الراحل يؤكد في مقابلاته الصحافية أنه مر في حياته الفنية بخمس مراحل كلها ارتبطت بالمراحل التي عرفتها القضية الفلسطينية كان أولها مرحلة الخمسينات أو ما أطلق عليها مرحلة تداعيات المأساة واعتمد فيها الأسلوب الواقعي البسيط ، خلالها أبدع لوحاته "إليٌ أين؟" و"سنعود" و"بداية المأساة" و"جرعة ماء" و"ذكريات ونار". وخلال المرحلة الثانية في الستينات اعتمد الأسلوب التعبيري والرمزي فرسم خلالها لوحات متعددة بينها "عروسان علٌ الحدود" و"طاقة تنتظر" و"رقصة النصر". أما المرحلة الثالثة في النصف الثاني من الستينات وهى مرحلة المقاومة الفلسطينية المسلحة والتغييرات الجذرية التي أدخلتها علٌ حياة الشعب الفلسطيني فرسم خلالها "مغناة فلسطين" و"اليد الخضراء" و"الحياة المستمرة" و"الربيع"، واعتبر أن مجزرة مخيم تل الزعتر وجسر الباشا في 1976 في لبنان والاعتداءات الإسرائيلية علٌ لبنان بداية للمرحلة الرابعة في حياته الفنية فلجأ لاستخدام الألوان الحادة في لوحاته ومنها "تل الزعتر". وأخيرا المرحلة الخامسة التي اعتبر أن الاتجاه الرومانسي سيطر عليها بعد انتقاله للعيش في الكويت كما أنها ألهمته مجموعة من اللوحات توقعت انطلاق الانتفاضة الأولٌي قبل انطلاقتها بثلاثة أعوام . وقد أثنى عدد من النقاد العرب على أسلوب الفنان شموط الواقعي الذي تبنى البساطة وتفهم شعبه وتفاعل مع قضيته فصدَق حسه المباشر، وراح يسرح بلغته التشكيلية ليس بعيداً عن عقول العامة، فالمهمة بالنسبة له نضالية أولاً وفنية ثانياً، ولا بأس أن تكون الاثنتين معاً. وتصف الفنانة نعمت الناصر لوحات شموط قائلة " أنها تتكلم عن النضال الفلسطينيبرومانسية ليس فيها تجهم الكفاح والثورة، فقد حاول استخدام الصورة الجميلة من خلال إبراز المرأة كعنصر أساسي في لوحاته، وجاءت ألوانه صريحة وواضحة وقوية وساطعة". وتصدر معرض "السيرة والمسيرة" الذي يحكي نضال الشعب الفلسطيني للفنان "إسماعيل شموط" وزوجته الفنانة "تمام كحيل" مكانة لافتة في المشهد التشكيلي في الأردن، فالجداريات التي ضمها المعرض توجت الحياة التشكيلية بآفاق الإبداع، وحفظت جهود الفنان إسماعيل شموط ودوره في الحياة الفنية الأردنية والعربية . وقد أدلى الفنان شموط بشهادته عن هذا المعرض قائلا "عندما يكون الفنان بصدد التعبير عن موضوع إنساني كبير كالموضوع الفلسطيني يحتاج هذا الفنان أن يرتقي بلغته التشكيلية إلى مستوى رفيع كي تكتمل المعادلة". في العام 1950 عرض إسماعيل شموط رسومه على طاولة كرة الطاولة (بنج- بونج) في إحدى غرف مدرسة خان يونس بقطاع غزة ، وكان لاجئا مع الأهل فيها ، كانت الرسوم المعروضة متنوعة المادة تعكس حيات اللاجئين بكل أشكالها وأحوالها ، أمّ المعرض كثير من الناس الذين سمعوا عنه وتفاعلوا معه. وفي العام 1953 أقام شموط معرضاً آخر للوحاته الزيتية التي أنجزها خلال الثلاث سنوات الأولى من دراسته للفن في كلية الفنون الجميلة ، وذلك في قاعة نادي الموظفين بوكالة "الأنروا" بمدينة غزة وهي قاعة كانت مناسبة نسبياً للعرض التشكيلي حيث علقت نحو ستين لوحة لي على جدران القاعة ، كما يحدث في القاعات المتخصصة في زمننا الراهن، افتتح المعرض الحاكم المصري لغزة ومن حوله لفيف كبير من شخصيات القطاع ، وعدد لا يحصى من الناس، انتشر الخبر في القطاع فأمّ المعرض أعداد غفيرة من كل فئات المجتمع في قطاع غزة ، والذين تفاعلوا مع المعروض من اللوحات بشكل لم يسبق له مثيل لأن اللوحات كانت متفاعلة معهم وتعكس صورتهم المأساوية وتطلعاته المستقبلية، حيث (كتب أحد زوار المعرض في دفتر زوار معرض 1953 يقول "شعبك ينتظر وأنت فنان تؤمن بالشعب ، فإلى الأمام في تحقيق رسالتك .. لك المجد والوفاء". وللمعرض الثاني الذي رعاه وافتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في القاهرة بتاريخ 21 يولية 1954، حيث عرضت فيه نحو ستين لوحة ، شاركت رفيقة الدرب تمام الأكحل بإحدى عشر لوحة وشارك فيه فنان راحل هو نهاد سباسي ببضع لوحات فيه، كان لهذين المعرضين أثر كبير علينا كفنانين وعلى مواهب فلسطينية ناشئة ، اكتشفوا أن الفن نشاط أنساني مؤثر في الحياة يمكن استخدامه في حياتهم ونضالهم من أجل تحرير الوطن المغتصب ، الهاجس الذي كان يشغل بال المجتمع الفلسطيني بأسره . وفي لوحاته نجد أن الراحل شموط قد انغمس في طين ارض فلسطين وأهلها إلى حد التوحد ولا ننس يوما أنه الفنان الذي جعل من المرأة الفلسطينية أسطورة العصر الحديث لتظهر في مجمل أعماله كوطن يضم أولاده أنه الرحلة المغموسة بالحنين وكغيره من مبدعين فلسطينيين تحولت المرأة لديه إلى رمز لبلاد ضائعة إلى استعارة حب ورمز كوني بحسب فالمرأة في لوحاته حضن دافئاً وحامياً، يجعلها أماً كبرى تكاد تكون أسطورية وحولها ما لا يُحصى من أجساد ما يحيل إلى أسطورة شعب ووطن واحد لا يتجزأ ضمن رؤية أنثوية ميزت لوحات شموط فنيا وعام 2000 نظم مع زوجته في عواصم عربية وأجنبية عدة معارض ما يمكن ان يلخص مسيرته تحت عنوان «فلسطين السيرة والمسيرة» وفي معرض كتب على لوحاته أنها "لا تباع ولا تشترى" وقال أنه معرض سيستمر بالتنقل حتى القدس، وعلى لوحته الشهيرة "تحية للشهداء" علق يقول:
أين هم الرجال؟ استشهدوا وصاروا في القبور أين هي القبور؟ نبتت عليها الأزهار أين هي الأزهار؟ جاءت الصبايا وقطفن الأزهار
لم يستطع إسماعيل شموط أن يتغاضى عن ثورة التكنولوجيا فسخر الكومبيوتر في إنتاج مئات اللوحات الجرافيكية التي عرض جزءاً منها في بيروت عام 1998 محافظاً فيها على أسلوبه وملامحه وحيويته التي لم تتركه لحظة طوال حياته، ولكنه كان يقول أن " استخدامي للكمبيوتر في مجال الرسم لم يكن على الإطلاق محاولة للخروج من إِسَار تجربتي الفنية، فأنا أعتز بتجربتي الفنية، وجهاز الكمبيوتر جهاز علمي معقد، قد شكَّل لي نوعًا من التحدي، تحدي العلم للفن، وهو تحدٍّ قائم منذ عصور.. واكتشفت بطريق الصدفة أنه يمكن استخدام هذا الجهاز للرسم ، وكان ما يشغلني معرفة مَن سيسيطر على مَنْ؟ وأعتقد أنني تمكنت من السيطرة عليه، واستخدامه لإنتاج فني جرافيكي، ورسمت بواسطته مئات اللوحات الجرافيكية، وبذلك أثبت أنني كسبت معركتي مع هذا الجهاز، وأنني اكتشفت أداة جديدة للرسم باستخدام الكمبيوتر". وكان غالبا ما يقول شموط "يتمثل تراث الفن التشكيلي الفلسطيني بما خلفه الأجداد الكنعانيون والفلسطينيون (الفلسترز) السكان الأوائل لفلسطين من آثار فنية، والتراث الأيقوني المسيحي، والتراث الإسلامي العربي، والفن الشعبي الفلسطيني. كفاح ونجاح شموط والأكحل لما بين عامي 1959- 1983 عاش إسماعيل شموط وزوجته تمام الأكحل في بيروت وعملا في مجالات فنية وثقافية عديدة، 1983 - 1992 اضطرتهما الظروف لمغادرة لبنان والعيش في الكويت متفرغين للفن، 1992- 1994 اضطرتهما الظروف مرة أخرى لمغادرة الكويت والعيش في مدينة كولون بألمانيا ومن المعارض التي أقامها إسماعيل وتمام شموط منذ عام 1954 وحتى عام 2003 نذكر معارض لأعمالهما في القاهرة رعاه وافتتحه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عام 1954، معارض في بيروت وصيدا بلبنان وغزة ورام الله ونابلس والقدسبفلسطين، في القدس ونابلس وعمان عام 1964، مائة وواحد وعشرين معرضا في اثني عشرة ولاية أمريكية خلال أربعة شهور ونصف (نيويورك وواشنطن وفيلادلفيا وبيتسبيرج وشيكاغو وآن آربر وشامبين وديترويت وهيوستن وآوستن ولوس أنجلوس وسان فرانسيسكو عام 1964. معارض بطرابلس (ليبيا) وفي القاهرة وفي دمشق عام 1965، الكويت وفي بيروت 1966، لندن وفي بيرمنجهايم بانجلترا 1967، القاهرة وفي الإسكندرية 1968، بيروت 1969و 1970، بلجراد وفي صوفيا1971، بكين (الصين)1973، تونس وفي الجزائر وفي المغرب 1973، فينا (النمسا) وفي باريس وفي روما 1976، برلين 1977، المتحف الوطني الألماني في برلين 1977، بيروت1982، الكويت1984، أبو ظبي1986، المنامة وفي كوالالامبور وفي اليابان 1987، الكويت 1989، عمان1994، عمان وفي رام الله ونابلس والناصرة وبيروت 1996، "معرض السيرة والمسيرة" في عمان 2000، معرض السيرة والمسيرة" في أنقرة وفي إستانبول 2001، "معرض السيرة والمسيرة" في الدوحة وفي أبو ظبي وفي الشارقة وفي دبيّ وفي القاهرة وفي دمشق وفي حلب 2002، و"معرض السيرة والمسيرة" في بيروت 2003. باقة ورد مهداة لفارس فلسطين نعى الرئيس محمود عباس، باسم منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفنان الكبير إسماعيل شموط وأعرب في بيان صادر عن الرئاسة "عن أسفه لرحيل هذا الفنان رائد الفن التشكيلي الفلسطيني، احدى الشخصيات الوطنية التي ساهمت في تأسيس وبناء مؤسسات منظمة التحرير، والذي شغل لسنوات طويلة منصب الأمين العام لاتحاد الفنانين التشكيليين ". كما نعت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" إسماعيل شموط في بيان لها وأوضحت "أن الفنان شموط مناضل وشخصية وطنية بارزة، كرّس مشوار عمره من أجل خدمة قضية شعبه قولاً وممارسة وأعطى فأجزل العطاء، وكانت لوحاته الفنية المعبر الحقيقي عن أعلى درجات الالتزام"، "الفنان شموط حصل تقديراً من القيادة والحركة الثقافية على أرفع الأوسمة والجوائز، كما ربطته أطيب العلاقات مع الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومع جميع رموز الثورة ". كما أعرب يحيى يخلف رئيس المجلس الأعلى للتربية والثقافة في منظمة التحرير الفلسطينية عن أسفه قائلا " إن الثقافة الفلسطينية فقدت رمزا من رموزها برحيل شموط ، كونه أبرز رواد الفن التشكيلي الفلسطيني، وممن عبروا عن التزامهم بالقضية عبر ريشة الرسم، فصور حياة اللاجئين وبؤس وشقاء المنفى، وجسد أحلامهم بالعودة ". وأصدر رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة النائب محمد بركة العضو العربي في الكنيست الإسرائيلي بياناً قال فيه "إن مسيرة حياة شموط ، تعكس واحدا من مشاهد مآسي الشعب الفلسطيني، فقد كرس حياته للنضال من أجل حرية شعبه ". الفنان عبد الحي مسلم "لقد خسرنا علما كبيرا من أعلام الثقافة الفلسطينية ويعجز الإنسان عن وصفه والتعبير عن مسيرته، فهو فنان حمل رسالة وطنه منذ أن افتتح معرضه الرئيس جمال عبد الناصر في العام 1965". ويقول الفنان محمد الجالوس "شموط واحد من أبرز الفنانين العرب، إنه شيخ الفنانين الفلسطينيين، وبخسارته سيسدل الستار عن مرحلة مهمة في تاريخ الحركة التشكيلية الفلسطينية، إن خسارة شموط تعني خسارة ذاكرة وشاهد على تاريخ الشعب الفلسطيني، "وهي لا تقل أبداً عن كل المجازر والمآسي التي يتعرض لها هذا الشعب الأعزل". الفنان التشكيلي د. خالد خريس "عندما نتكلم عن شموط، فنحن نتكلم عن الفلسطيني بالكامل، فهو ملازم للقضية وهموم الشعب الفلسطيني وكان حاملاً للرسالة على عاتقه منذ البدايات، وكان يمثل فلسطين في كل المحافل". الفنانة سامية الزرو صديقة الراحل "غريب، لقد قضيت طيلة الليلة الفائتة وأنا أحلم به، لأفاجأ في الصباح بخبر وفاته، أتذكر أنني كنت طالبة مدرسة حين أقام معرضه لأول مرة في رام الله، وأتذكر كم أحببت لوحاته التي أخلص فيها لقضية فلسطين لقد كان يرسم بشعوره وفكره معاً ". الفنان التشكيلي محمد أبو زريق "كل التشكيليين عيال على مائدته، لقد كان أباً حانياً وحضناً دافئاً لنا كلما ألمت بنا المحن وتنكر لنا الأصدقاء وتجاهلنا المغرضون، لقد بث فينا روح فلسطين التي كلما وقعت نهضت من جمر الرماد"، إنه "إسماعيل شموط باقة ورد وإكليل غار على صدر فلسطين، إنه فارس آخر قد سقط على الطريق، وإذا كان أبو عمار قائد الثورة فإسماعيل ذاكرتها ووجهها الحضاري، فليرحمه الله وليسكنه جناته" الفنانة نعمت الناصر "حين التقيته عرفت أنه يشبه لوحاته تماماً، هذا الجمال في روحه، ورقة الطبع، وحنو الألوان كل ذلك كان جزءاً من شخصيته ". من جهتها تذكر الفنانة هيلدا الحيارى أن "هناك أناس نلتقيهم يومياً ولا يتركون فينا أثراً، لكن فناناً بدفء ابتسامة وإنسانية شموط لا ينسى أبداً، لقد جلست معه مرة واحدة، تمنيت فيها أن لا ينتهي حديثه معه ". وقال نايف حواتمة الأمين العام للجبهة الديمقراطية في رسالة تعزية لذوي إسماعيل شموط" غادرنا إسماعيل بعد أن أنفق جُل عمره عطاءً وعناءً وإبداعا وكفاحاً.. عطاءً في محبة الشعب وهي أجمل ما لديه.. مُبكراً رد على النكبة بريشته المبدعة، ومبكراً أرخ لها.. لقد خُلق مبدعاً.. فاتحاً للمحبة والكفاح أفقاً بلون الحياة الفلسطينية، ناقلاً أوجاعها وأفراحها.. وراسماً لواعج روحه، ومؤسساً لملامح .. هي هذا العطاء المتوهج والذي هو مسافة حلمه، لقد غادرنا الهادئ الموزع بين الناس، تاركاً لنا ذخيرة ثمينة من الإبداع ". رحم الله الفنان المبدع إسماعيل شموط فنان نعته من حوله بالهدوء والتواضع والإبداع والمغامرة والإصرار، فنان أيقن أن الفن هو رسالته للعالم كوثيقة لعدالة قضية فلسطين..فاستحق بجدارة أن يكون فنان الشعب.