تجددت الأزمة اليونانية مرة أخرى مع اقتراب الاجتماع الطارئ لوزراء مالية منطقة اليورو، حيث لم تثمر المفاوضات بين مجموعة الدائنين وأثنيا، الخاصة بالشريحة الثالثة من المساعدات الدولية عن جديد، في ظل رفض المواطنين اليونانيين الإجراءات التقشفية التي تفرضها المجموعة، الأمر الذي أدى إلى تصاعد الأزمة وتوسيع دائرة الخلاف بين الحكومة اليونانية والدائنين وجهات المفاوضات المتمثلة في المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي. وأقر البرلمان اليوناني، بأصوات نواب الغالبية الحكومية، الاثنين، إصلاحا غير شعبي لنظام التقاعد، يطالب به الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وترفضه المعارضة والنقابات المهنية، حيث صوت على القانون ائتلاف بين حزب سيريزا اليساري وحزب أنيل السيادي، في حين صوت ضده كل نواب المعارضة بمن فيهم حزب الديمقراطية الجديدة. وينص مشروع القانون على خفض المعاشات التقاعدية لذوي الرواتب العليا ودمج صناديق الضمان المتعددة وزيادة اشتراكات الضمان والرسوم وضرائب الدخل على ذوي المرتبات المتوسطة والمرتفعة، وتؤكد الحكومة إن هذا الإصلاح جزء من اتفاق بين أثينا ودائنيها في الصيف الماضي مقابل القرض الممنوح للبلاد. ووقعت الحكومة اليونانية مع الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي العام الماضي اتفاقًا يطالب أثينا بمزيد من الإجراءات التقشفية، إضافة إلى إصلاحات اقتصادية كان من بينها هذا المشروع الجديد فضلًا عن زيادة الضرائب والرسوم في الشارع اليوناني. ويطالب الدائنون من الاتحاد الاوروبي أن تحقق اليونان فائضا في الميزانية قدره 3.5 %، بحلول عام 2018، ليكون الجزء الأكثر إثارة للجدل من الاتفاق؛ حيث يشكك مسؤولون يونانيون في قدرة البلاد على تحقيق هذا الهدف من دون التسبب في مزيد من الضرر للاقتصاد اليوناني، في حين اختلف صندوق النقد الدولي نسبيا مع هذه الأرقام، معتقدا أن أثينا عليها استهداف معدل ناتج قومي بنحو 4.5 حتى عام 2018، ما أبقى خلافات عميقة بين الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي إزاء طريقة إدارة الاقتصاد اليوناني للوصول إلى الهدف المحدد لفائض الموازنة "قبل دفع فوائد الديون". وقبل التوصل للاتفاق دعت النقابات العمالية في اليونان إلى تظاهرات قبيل اجتماع لمجموعة اليورو حول اليونان، احتجاجًا على القانون الجديد، كذلك دعت كبرى النقابات "اديدي" إلى التجمع أمام البرلمان بالتزامن مع التصويت على إصلاح نظام التقاعد الذي تعتبره النقابات "عملية نهب". وشهدت مدن اليونان شللاً في حركة وسائل النقل العامة بعد تنفيذها لإضراب عام يومي الجمعة والسبت الفائتين، وهو الإضراب الرابع منذ وصول رئيس الوزراء اليوناني، الكسيس تسيبراس، إلى السلطة في يناير 2015، ورغم الاحتجاجات، دافع وزير الوظيفة اليوناني، جورج كاتروغالوس، مهندس القانون عن الموافقة على القانون الجديد والإصلاحات التي أقرتها اليونان في الفترة الأخيرة، مؤكدًا أن هذا الأمر سيساعد البلاد في استعادة ثقة المستثمرين، مضيفا أن اليونان "طوت الصفحة، والبلاد تجاوزت أخيرا مرحلة المخاطر"، ويرى جورج أنه كان يجب إجراء هذا الإصلاح قبل عقود؛ بسبب العجز الهائل في صناديق التقاعد الذي يبلغ ملياري يورو". وفي نفس الوقت، يرى صندوق النقد الدولي أنه على دول الاتحاد الأوروبي التنازل عن بعض الديون لليونان كي تمر من الأزمة، داعيًا وزراء مالية منطقة اليورو أن يكملوا فورا مفاوضات منح الإعفاء من الديون لليونان، رغم المعارضة الألمانية، وحثت كرستين لاجارد، رئيسة صندوق النقد الدولي، في رسالة وجهتها لوزراء مالية دول المنطقة ال19، على أن يتم تخفيف 3 مليارات دولار مباشرة من ديون اليونان أو عليهم المخاطرة بفقدان مشاركة صندوق النقد الدولي. وأكدت لاجارد أنها تدعم التدابير ذات المصداقية، مشيرة إلى أن تدابير الإصلاح التي تمت مناقشتها صعبة المنال، معتبرة أن الهدف الذي تم الاتفاق عليه العام الماضي بين اليونان ودائنيها غير واقعي، وينبغي إحداث تخفيض جذري. ومن المنتظر أن يناقش اجتماع وزراء المالية القادم برنامج أثينا للإصلاحات وحزمة جديدة من إجراءات طارئة ينبغي لليونان أن تتبناها لضمان تحقيق أهداف الميزانية المتفق عليها في 2018.