يتمتع قطاع غزة بتربة خصبة تناسب أغلب أنواع المزروعات، خصوصًا الورود والزهور. وبالنسبة للأراضي في شمال وجنوب القطاع، فقد كان القطاع قبل عشرات السنين، أي قبل تشديد الحصار بالشكل الحالي، يصدر الزهور إلى جميع أنحاد العالم، بل إن دولًا كهولندا على سبيل المثال كانت تستزهور جميع الزهور من قطاع غزة، حيث اتخذت من قطاع غزة بيئة خصبة لزراعة الزهور وتسويقه داخل هولندا وإلى جميع أنحاء العالم. وكان تصدير الزهور يدخل عائدًا كبيرًا، يتجاوز ال7 ملايين دولار سنويًّا، بحسب خبراء في الاقتصاد المحلي؛ ذلك أن القطاع كان يُنتج ما يزيد على خمسين مليون زهرة سنويًّا في المناطق المتفرقة التي يتم زراعتها بالزهور في قطاع غزة. وفي الفترة الحالية تقلصت زراعة الزهور وتصديره أيضًا، وتراجع المزارعون عن الاهتمام بزراعته؛ لأن تصديره أصبح مسألة شبه مستحيلة؛ نتيجة إغلاق المعابر في وجه المزارعين؛ مما يؤدي إلى ذبول الورود قبل وصولها إلى الجهة الموجهة إليه. فالمزارع الفلسطيني في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها يبحث عن زراعة أرضه بمحاصيل تدر عليه عائدًا مضمونًا، حتى إن كان سيبيعها في الأسواق المحلية، إلا أن مهمة تصدير الزهور أصبحت تتوارى بشكل ملفت. وكانت دولة هولندا تدعم المزارعين الذين يزرعون الزهور في أملاكهم؛ لاستيرادها منهم في مواسمها، إلا أن الاستهداف الصهيوني للأراضي الزراعية، واستمرار إغلاق المعابر، دفعا هولندا للبحث عن أماكن أكثر استقرارًا للاهتمام بالزهور فيها؛ مما أضاف للمزارع الفلسطيني خسائر أكبر، حيث انسحب الداعم الأكبر لمنتجي الزهور في القطاع. ويقول المزارع عبد الرحمن شعبان: إن زراعة الزهور في قطاع غزة أصبحت مهمة شاقة، ولا تؤتي عائدًا مرضيًّا للمزارع الذي يزرع مساحات كبيرة من أرضه بالزهور، حيث التصدير مهمة مستحيلة، في ظل القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المزارعين بقطاع غزة. مضيفًا أنه في حال السماح بدخول كميات من الزهور عبر معبر إيرز «بيت حانون»، فإنه يُسمَح بعد انتظار طويل يكون الزهور فيه قد ذبل، ويصل إلى المشتري بهيئة غير مقبولة. ويفيد شعبان ل«البديل» أنه سيلجأ إلى زراعة أنواع أخرى من المحاصيل الزراعية التي تباع في الأسواق المحلية؛ حتى لا يضطر للجوء إلى معابر الاحتلال التي تتعمد تخريب منتجات المزارعين؛ بهدف عزلهم عن العالم. من جانبه قال المزارع محمد شعث: إنه اضطر للتخلص من كميات ورود كبيرة لم يسمح الاحتلال بمرورها للتصدير إلى أوروبا، رغم المناشدات الكثيفة التي أوصلتها جمعيات زراعية للاحتلال للسماح بمرور الزهور، خشية من ذبوله، إلا أن الاحتلال كعادته تعنت، واستمر في إغلاق المعابر في وجه المزارعين. وأشار شعث إلى أنه وزع الزهور المتراكم لديه على المواطنين بالمجان، ورمى ما تبقى للماشية. توقف زراعة الزهور بتصريحات رسمية نتيجة للخسائر الفادحة التي يواجها المزارع الفلسطيني، أعلنت وزارة الزراعة عن توقف زراعة الزهور بقطاع غزة، تفاديًا للخسائر الناتجة. وقالت في بيان أصدرته: إن المزارعين قد توقفوا عن زراعة الورود لتوقف دعم الحكومة الهولندية ومؤسسات أوروبية أخرى للمزارعين في قطاع غزة، مشيرة إلى أن الحكومة الهولندية كانت تدعم المزارعين بمبلغ 3 آلاف دولار عن كل دونم مزروع بالزهور، إلا أن المبلغ تقلص مؤخرًا ل700 دولار للدونم؛ مما دفع المزارعين لزراعة أراضيهم بمحاصيل تناسب السوق المحلية. وأضاف بيان الوزارة أن الحصار الإسرائيلي أدى إلى تقليص حجم صادرات الزهور إلى أوروبا؛ بسبب الإغلاق المتكرر للمعابر التجارية، حيث انخفض عدد الزهور الناتج سنويًّا من 50 مليون زهرة سنويًّا إلى 4 5 مليون فقط، كما تقلصت مساحات الأرض المزروعة بالزهور من 700 ألف متر مربع إلى 100 ألف فقط.